توقع رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي ألن غرينسبان ارتفاع معدلات التضخم في شكل طفيف في الولاياتالمتحدة السنة الجارية. وعزا ذلك إلى أن أسعار الطاقة ربما بدأت بالازدياد لأسباب عدة أهمها الاعتقاد بأن الطلب الآسيوي على الطاقة سيزداد في 1999. وقال غرينسبان أمام اللجنة المصرفية في الكونغرس، ضمن مراجعته للاقتصاد الأميركي التي يقوم بها مرتين سنوياً، إن تراجع أسعار النفط العام الماضي، مع تراجع أسعار سلع أخرى، ساهم في خفض معدلات التضخم إلى مستويات دنيا قياسية، مستبعداً تكرار هذا الأمر. وأوضح ان من غير المنتظر أو المعقول ان تواصل أسعار النفط وسلع أخرى التراجع بالنسبة التي تراجعت بها العام الماضي. وأضاف غرينسبان ان أسعار النفط وسلع أخرى "قد ترتفع، خصوصاً مع عودة الانتعاش إلى بعض الدول الآسيوية، وفيما يزداد ادراك الأوساط المعنية للذيول التي خلفها التراجع في قيمة الدولار منذ منتصف الصيف". ولم يشر غرينسبان إلى أي توقعات حول ما ستكون عليه الزيادة المنتظرة في الأسعار أو عن "الموعد" الذي قد يشهد بدء الانتعاش في الدول الآسيوية، لكن ما قاله يوحي بأن من المحتمل أن تكون أية زيادة في الأسعار متواضعة وأن لا تشكل هذه الزيادة أي تهديد بالتضخم في الاقتصاد الأميركي. واتسمت شهادة غرينسبان اجمالاً بالتفاؤل حيال حظوظ الاقتصاد الأميركي خلال السنة الجارية، وتوقع ان يبقى الأداء الاقتصادي جيداً، وإن كان أقل من النسبة التي نما فيها العام الماضي. ويتوقع مجلس الاحتياط الفيديرالي أن تبلغ نسبة النمو الأميركي السنة الجارية نحو 5،2 في المئة في مقابل 9،3 في المئة العام الماضي، وان ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية بنحو 2،2 في المئة في مقابل 6،1 في المئة العام الماضي. وعلى رغم ان الزيادة في أسعار النفط التي يتوقعها مجلس الاحتياط الفيديرالي السنة الجارية لن تكون كبيرة، رحبت أوساط العاملين في قطاع النفط الأميركي بما قاله غرينسبان. وقال ديفيد بورسيل من شركة "سيمونز اند كومباني انترناشونال" المتخصصة في الاستشارات النفطية، إن ما قاله رئيس المجلس ذو أهمية من وجهة نظر قطاع النفط "لأننا منذ فترة طويلة لم نسمع من أحد من كبار المسؤولين عن احتمال حدوث تحسن في آسيا". ولفت بورسيل إلى أن غرينسبان لم يشر إلى "الموعد" الذي قد يزداد فيه الطلب الآسيوي على النفط و"ربما كان هذا مناسباً وصائباً، فنحن لا نشعر بوجود حوافز كبيرة تحرك أسعار السلع صعوداً في المدى القريب جداً. وإلى أن تتحسّن الأساسيات على نحو كافٍ يؤدي إلى خفض ملموس في المخزون، يصعب تصور حدوث أي ارتفاع في أسعار النفط". وأضاف بورسيل ان هناك ما يشير إلى ان الطلب قد يزداد في كوريا الجنوبية، وفي أماكن أخرى، إلى حد يكفي لتحقيق بعض التحسن في أسعار النفط بحلول الربع الأخير من السنة، على رغم ان الطلب الآسيوي يبدو خامداً حالياً. ولفت غرينسبان في شهادته إلى أن التضخم كان بين أكبر هموم مجلس الاحتياط الفيديرالي منذ انفجار الأزمة المالية الآسيوية في تموز يوليو 1997. وعلى رغم ان معدلات التضخم كانت متدنية للغاية العام الماضي، قال غرينسبان إن لجنة الأسواق المفتوحة الأميركية الفيديرالية، وهي أكبر هيئة في مجلس الاحتياط الفيديرالي وتصنع سياسته، كانت ترصد التضخم بسبب الخوف من أن يضغط الطلب المحلي القوي وضيق سوق العمل تصعيداً على الأسعار. وأدى الخوف من التضخم إلى تبديل مجلس الاحتياط الفيديرالي أسعار الفائدة الأميركية مرات عدة خلال العام الماضي. لكن مجلس الاحتياط الفيديرالي لم يقلق أبداً من أسعار الطاقة، إذ أشار غرينسبان إلى ان "التراجع الملموس في أسعار الطاقة ساهم إلى حد كبير في التقليل من ازدياد مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية ازداد هذا المؤشر بأقل من واحد في المئة. وأضاف ان التراجع في أسعار الطاقة ساهم على نحو غير مباشر في هذا كله من طريق خفض التوقعات الخاصة بالتضخم. وحذر غرينسبان من وجود مخاطر تحيق بالاقتصاد الأميركي، ليس التضخم المتأتي من أسعار الطاقة في عدادها. وقال إن مصادر الخطر الأخرى التي قد تكون فاعلة هي ارتفاع أسعار الأسهم الحالي وازدياد الديون المترتبة على الأفراد والشركات، ما يعكس حساباً جارياً كبيراً جداً، ومديونية كبيرة للمستثمرين الأجانب، وبقاء الولاياتالمتحدة معرضة لخطر الأوضاع المتقلبة بسرعة خارج حدودها. ويهدد الضيق في سوق العمالة أيضاً بالضغط على معدلات التضخم، لكن غرينسبان لفت إلى أن الإطار الاقتصادي الأميركي يتعرض لتبدلات غير مسبوقة بسبب التحسن التقني وإلغاء الأنظمة والقوانين التقييدية ما يجعل هذا الاقتصاد "أقل عرضة" للاصابة بالتضخم مما كان عليه سابقاً.