عدد الأفلام المعروضة داخل المسابقة في مهرجان برلين التاسع والأربعين 25 فيلماً. معظمها لم يعرض من قبل، أو عرض عروضاً خاصة أو تجارية داخل دولة المنشأ. والعروض الرسمية هذا العام مثيرة جداً للاهتمام ومتنوعة المصادر. فالدورة الحالية الأخيرة هي آخر دورات المهرجان لهذا القرن. رئيس المهرجان موريتز دي هادلن يتحدث عن دورة بلا شروط أو تنازلات. لكن هذا لا يبرر غياب السينما الايطالية أو سينما أميركا الجنوبية أو سواهما في مقابل وجود عدد ضخم من الافلام الاميركية. ويقول دي هادلن: "في العام الماضي كان هناك حضور قوي لأميركا اللاتينية، وهذا العام لم نجد من بين ما عرض علينا من دول اميركا اللاتينية ما يلائم المسابقة أو العرض الرسمي، أما الأفلام الايطالية فكنا نود ان نعرض النسخة الكاملة لفيلم "اسطورة عازف البيانو على المحيط" لتورناتوري، لكن شركة التوزيع عرضت علينا نسخة قصيرة من الفيلم. النسخة الأصلية التي حققها تورناتوري تصل الى نحو ثلاث ساعات وهي التي كنا نرغب فيها". المانياوتركيا فيلم الافتتاح الماني في عنوان "آيمي وجاغوار" لماكس فاربربوك أحدث جدلاً حين عرضه على النقاد الألمان، وتكرر حين تم عرضه في العاشر من هذا الشهر على شاشة المهرجان. والسبب ان ماريا شرادر وجوليان كولر، بطلتي الفيلم تؤديان دور عشيقتين، الأولى ربة بيت تأوي عندها يهودية هاربة من احتمال الاعتقال النازي، فتحصل العلاقة الجنسية المثلية بينهما في طي أحداث يقال أنها وقعت بالفعل. فيلم الماني آخر في المسابقة هو "أشكال ليلية" هذا الفيلم من اخراج أندرياس دريسين وبطولة ممثلة المانية اسمها ميريام عباس يتناول حياة نماذج من برلين. خارج المسابقة هناك التظاهرة المعهودة للسينما الألمانية الجديدة التي تتولى عادة تقديم بضع اكتشافات معظمها لا ينم عن نجاحات فنية مميزة أو تجارية تتيح مجال الاستمرار لأصحابها. واللافت هذا العام ان المهرجان يقدم فيلمين من اخراج تركيين مهاجرين. يلماز أرسلان حقق فيلماً في عنوان "ممرات" عن فتاة تركية تعيش في المانيا وتبحث عن هويتها، في بلدها الأول، وهو عرض في مهرجان "البندقية" السابق. والفيلم الثاني لفتيح أكين صاحب "صدمة قصيرة حادة" عن ثلاثة اصدقاء، تركي وصربي ويوناني. لكن تركيا موجودة في المسابقة بفيلم واحد هو "رحلة الى الشمس" لبسيم اسطاوغلو، قصة مواطن تركي يعيش في اسطنبول يأخذ على عاتقه حمل رماد جثة صديقه لدفنها في القرية التي نزح منها. السينما الأوروبية الفيلمان الإسبانيان المشاركان في المهرجان فيهما من مشاهد الإثارة الجنسية ما يستوجب عرضهما متباعدين: الأول لمانويل غوميز بيريرا، من بطولة فيكتوريا أبريل ومن اخراج مانويل غوميز بييرا، و"فتاة أحلامك" للمخرج الذي بنى شهرته على هذه الأفلام، فرناندو ترويبا الذي يقدم كوميديا عاطفية مع موسيقى من العنصر النازي. أما البلد المجاور البرتغال، فيقدم "غلوريا" لمانويلا فييغاس والدنمارك تعرض "آخر أغنية لمفيوني" انتاج يستبعد الصناعة من عملية تحقيق آخر الأفلام على غرار ما شاهدناه العام الماضي معروضاً على شاشة مهرجان "كان" عبر فيلمي "الحمقى" و"الاحتفال". الفيلم الجديد هو "أغنية مفيوني الأخيرة" لسورن كراغ - جاكوبسون حول عودة ابن المدينة الى بيت والده في الريف وما يجده هناك من اختلاف شديد في طرق الحياة كان فقد الاتصال بها منذ نزوحه. والفيلم السويسري المشترك في المسابقة هو "الحرب في الجبال" من اخراج فرنسيس روسر الذي يدور حول قصة على خلفية غزو نابوليون لمنطقة بيرن قبل ثلاثة قرون. يبقى أمامنا الأفلام الفرنسية واثنان منها من توقيع اثنين من المشاهير. كلود شابرول يقدم فيلمه "لون الأكاذيب" مع ساندرين بونير وفاليريا بروني تيديشي. عودة شابرول الى الفيلم البوليسي الخاص به: هدوء في طرح ما تزخر به الاحداث في منطقة غير مكتظة أجواء "الجزار" و"امرأة خائنة" كلاهما عام 1969 تقع على ساحل البحر. برتران تافرنييه يقدم "بدأ اليوم" دراما تقع أحداثها أيضاً في بلدة غير كبيرة حول استاذ مدرسة يحاول تحسين أوضاع طلابه في وضع اقتصادي صعب. الفيلم الفرنسي الثالث قد يكون النوع الذي يقدم جديداً على أكثر من صعيد، إنه "كارنافال" ومخرجه هو توماس فنسان، ومن بين أبطاله عمار بن عبدالله في قصة حب تقع أحداثها على هامش مهرجان فني مقام في مدينة شمالية. أما الفيلم البريطاني فممثل بپ"سايمون ماغوس" فيلم أول لبن هوبكنز يتعاطى وأوروبا العصور الوسطى وتقاليدها المتجذرة. السينما الاميركية الأفلام المشتركة من جنوب شرقي آسيا محدودة بفيلمين هما: "القانون العاري"، وهو ياباني ليوشيمنسو موريتا، المخرج الذي كان خطف الأنظار قبل أكثر من عشر سنوات عندما قدم كوميديا داكنة لعبة العائلة. هنا يعود بفيلم عن قاتل يود ان يموت وطبيبته النفسية التي تريده ان يعيش لأنها تريد ان تعرف عنه المزيد. الفيلم الآخر هو "أناس عادليون" للصينية آن هوي، تلك التي اشتركت في العام الماضي بفيلم "18 فصل ربيع" خارج المسابقة. مثل معظم أعمالها، هذا الفيلم يعنى بحكاية تقع أحداثها في هونغ كونغ. ومن جنوب شرقي آسيا الى اميركا الشمالية حيث تشهد المسابقة فيلمان كنديان هما "خذني" لليا بول تقع أحداثه في مونتريال و"وجود" لديفيد كروننبيرغ وهو الفيلم المرشح لأن يثير ردتي فعل متناقضتين حادتين: واحدة ستعتبره فناً رائعاً، والأخرى قرفاً رائعاً كما هي الحال مع معظم أفلام كروننبيرغ على أي حال، وآخرها "تحطم" من شخصيات عدة تشعر برغباتها الجنسية اذا ما تحطمت أضلعها وأطرافها في حوادث سيارات!. وتبقى الأفلام الاميركية المشتركة في العروض الرسمية وهناك ثمانية منها في المسابقة وستة خارجها. الى جانب فيلم روبرت ألتمن "حظ الطباخ" هناك الفيلم الجديد لألان رودولف "الأبطال". ورودولف عمل كثيراً مع ألتمن والعكس صحيح. كلاهما أنتج للآخر بعض أفلامه. لكن المشكلة مع رودولف ان القرار في شأن كل فيلم له يأخذ مداولات أكثر مع فريق يرى انه سينمائي متصنع. وفيما استقبل ألتمن كل من غلن كلوز وجوليان مور وليف تايلر وكريس أو دونيل في بطولة الكوميدي السوداء التي أخرجها، عقد رودولف تحالفه مع نك نولتي، بطل فيلم رودولف الأخير من دون اهتمام كبير "بعد الوميض"، وبروس ويليس شارك في فيلم رودولف "أفكار مميتة" قبل ثماني سنوات، هما وباربرا هيرشي والبريطاني ألبرت فيني. والبريطاني ستيفن فريرز يقدم فيلماً اميركياً جديداً له هو "هاي - لو كنتري": دراما عاطفية في أجواء الوسترن الحديث الخمسينات مع وودي هارلسون وبيلي كرودوب كصديقين يحبان امرأة واحدة باتريشيا آركيت لكنها متزوجة. هذا الفيلم، الذي شوهد في عرض خاص في هوليوود قبل شهرين، من انتاج مارتن سكورسيزي الذي كان انتج لفريرز فيلماً أفضل هو "النصابون" في مطلع التسعينات. فريرز لا يقبض على روح الغرب الاميركي في هذه القصة التي كان سام بكنباه "الزمرة المتوحشة"، "بات غاريت وبيلي ذوكيد" وأفلام وسترن اخرى رائعة منكب على معالجة السيناريو لها عندما وافته المنية. "اللعب حسب القلب" فيلم عرض تجارياً في اميركا من اخراج سينمائي جديد نسبياً هو ويلارد كارول الذي أخذ على عاتقه مهمة شاقة غير ضرورية سرد خمس قصص عاطفية على نحو متواز ومتجاور ننتقل من الأولى الى الثانية ثم نقفز الى الرابعة ونعود الى الثانية ثم الخامسة وهكذا من دون طائل. فيلم ملمع بصنعة متكلفة يزينها عدد من الممثلين: مادلين ستاو بعد غياب، شون كونري، ايلين بيرستين وجينا رولاندز. "ثلاثة فصول" هو أفضل فيلم عرضه مهرجان سندانس هذا العام خطف جائزة لجنة التحكيم وجائزة الجمهور وفيه ثلاث قصص تقع في فيتنام خلال سنوات ما بعد الحرب. وهو من اخراج توني بوي. "شكسبير عاشقاً" هو الكوميديا التي تدور في رحى الحقبة الشكسبيرية دامجة الخيالي مع الواقعي: شكسبير يبحث عن إلهام لمسرحية "روميو وجولييت" ويجده في ولوجه قصة حب مع امرأة على وشك الزواج. غوينيث بولترو نالت "غولدن غلوب" عن دورها هنا وجوزف فاينس يؤدي دور شكسبير. كل ذلك تمهيد للفيلم الاميركي الأفضل من بين كل ما شاهدناه هنا وهو "الخيط الأحمر الرفيع" الذي ربما لا يكفي ما كتبناه عنه في بعض الأسابيع الماضية. دراما حربية عن رواية جيمس جونز 1963 المقتبسة بدورها عن سيرة الكاتب الذاتية خلال حرب غوادالكانال في جنوب شرقي آسيا. أما ما تم اختياره خارج المسابقة من أفلام اميركية كالآتي: "شيء واحد جيد" لكارل فرانكلين فيلم جيد، دراما حول أم ميريل ستريب تموت بالسرطان وابنتها رينيه زولويغر التي تضطر لترك عملها في المدينة للاعتناء بها. فرانكلين تقني جيد لكن مجالات الإبداع هنا عادية. القصة تلعب على وتر عاطفي لكنها ليست مؤهلة لطرح أي جديد. "الأيام الأخيرة" للمخرج البريطاني جيمس مول، وثائقي من انتاج ستيفن سبيلبرغ. هذه المرة لا يخرج سبيلبرغ فيلماً عن الهولوكوست، بل يكتفي بانتاجه. لكن المهمة التي دفعته الى مغازلة معاناة اليهود في "قائمة شيندلر" لا تزال هي هنا، اذ يتمحور الفيلم حول ذكريات خمس مجريين يهود جيء بهم الى حيث تم اعتقالهم ليتولوا الحديث عن تلك الذكريات.