أنهى المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي اللبناني "نصف أعماله" في جلسة استمرت حتى صباح امس واقتصرت على انتخاب 75 عضواً للمجلس الوطني، على ان يستكمل النصف الآخر في جلسة تعقد غداً الثلثاء، لانتخاب الأمين العام للحزب ونائبه ورئيس المجلس الوطني واعضاء المكتب السياسي.. واللافت على هامش انتخاب اعضاء المجلس الوطني في اليوم الثالث من اعمال المؤتمر المنعقد في مسبح "اللونغ بيتش" ان اصوات الهيئة الناخبة توزّعت بين تيارات الحزب الثلاث، اليسار الديموقراطي والوسط والمتشدد اذ ان الاخير حصد الاغلبية الساحقة من الاعضاء في مقابل حصول التيارين المنافسين له على مقاعد رمزية تتيح لهما متابعة الحوار من داخل مؤسسات الحزب. وفي العودة الى الاجواء التي سيطرت على عملية انتخاب اعضاء المجلس الوطني، علمت "الحياة" ان أصوات الناخبين الذين تجاوز عددهم المئتين صبّت في مصلحة المرشحين الذين ينتمون الى التيار المتشدد الذي يقوده في شكل رئيسي كل من الأمين العام الحالي للحزب فاروق دحروج وسعدالله مزرعاني، ونديم عبدالصمد، وغسان الرفاعي، وكريم مروه، وخالد حداده، وسناء ابو شقرا، وماري الدبس، في مقابل اخفاق التيارين الوسط واليسار في ايصال عدد كبير من الاعضاء. واستناداً الى المعلومات فان الأمين العام السابق للحزب جورج حاوي انتخب عضواً في المجلس الوطني بينما لم يتمكن تيار الوسط المحسوب عليه، من ايصال سوى ثلاثة اعضاء وقد أخفق في تأمين فوز رافي حاوي وهو ابن زوجته الدكتوره سوسي مادويان.. وبالنسبة الى التيار المتشدد فقد نجح أبرز رموزه، الياس عطاالله في دورة الانتخاب الثانية الى جانب ثلاثة اعضاء متعاطفين معه. ما شكّل مفاجأة طرحت علامة استفهام على مدى جدّية الحوار الذي بقي مفتوحاً طوال جلسات المؤتمر بعدما اعتبرت مصادره ان فتح الحوار لم يمنع التيار المتشدد من تشكيل لائحة خاصة به الى انتخاب المجلس الوطني. حتى ان المؤتمر نجح في التصويت على مبدأ الاقرار بوجود تيارات في الحزب، لمصلحة تنظيم وجودها انطلاقاً من حقها في ابداء رأيها ونشره، من دون ان يشكل ذلك اي تأثير على توجهات الحزب وتحالفاته السياسية.. وبكلام آخر، خلص المؤتمرون الى وضع ضوابط أدرجت في النظام الداخلي، يفترض ان تعيد تنظيم ما يسمى بالتيارات في داخل الحزب على نحو ينهي أي دور لمراكز القوى أو للمحاور الحزبية. وان كان احتفظ لها بحق النشر الذي ينبغي ان يتم بعد التطبيق. وتبنى المؤتمر ايضاً الخطوط العريضة للخطاب الافتتاحي الذي ألقاه دحروج واستمدّه من الوثيقة السياسية التي حددت دور الحزب وبرنامجه في المرحلة السياسية الراهنة. وقد ركّز على قيام نظام أكثر عدالة ومساواة وحدد طبيعة العلاقة الايجابية مع الحكومة انطلاقاً من التدابير التي أقدمت عليها شرط ان تعطى العملية الاصلاحية بعداً اصلاحياً أكثر عمقاً وجذرية. وأقر المؤتمر توصيات أبرزها تفعيل دور الحزب في مقاومة الاحتلال الاسرائىلي والتحضير لمؤتمر قوى اليسار في لبنان واعادة نصب القائد التاريخي للحزب، فرج الله الحلو الى مسقطه في بلدة حصرايل - قضاء جبيل - والعمل على استعادة طاقات مهمة خرجت من الحزب واخرى كانت معطّلة وهي ما تزال في داخله. واذ احجمت مصادر في الحزب عن الدخول في الاسباب التي حالت دون التوصل الى تركيبة تسووية للتوفيق بين تياراته، فان المصادر الاخرى تحدثت عن تراجع التيارين الوسط واليسار لمصلحة التيار المتشدد الذي سيطر على المجلس الوطني واعتبر بمثابة "كوكتيل سياسي" ضمّ أبرز رموز القيادة السابقة الحالية في الحزب. ولم تستبعد المصادر في ضوء ما آلت اليه عملية انتخاب اعضاء المجلس الوطني ان يطرأ تعديل عبر انتخاب الهيئات القيادية الباقية، ربما يؤدي الى اعادة النظر في انتخاب حاوي رئيساً للمجلس الوطني وان يحلّ مكانه مزرعاني المرشح الى منصب نائب الامين العام للحزب في حين يتوقع ان يعاد انتخاب دحروج أميناً عاماً.