الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة جوازات المحافظة    هل تبرم أوكرانيا مع أمريكا اتفاق المعادن؟ ترمب يجيب    نتنياهو يشترط إطلاق 4 جثامين.. ومفاوضوه: عدم إطلاق الأسرى الفلسطينيين خطير    العروبة يعمق جراح ضمك في دوري روشن    جمعية الملك فهد الخيرية النسائية في جازان تحتفي بيوم التأسيس لهذا العام 2025م    محافظ الطائف يكرم الجهات المشاركة في كأس الطائف للصقور    "مفوّض الإفتاء بمنطقة حائل" يلقي محاضرة بعنوان "نعمة تأسيس الدولة السعودية"    «السعودي - القطري» يبحث التعاون في «الواعدة» وتعزيز التكامل الاقتصادي    جامعة خالد تستحضر الأمجاد في يوم التأسيس    أمريكا تفرض عقوبات على أكثر من 30 شخصا وسفينة مرتبطة بإيران    محافظ جدة يتفقد النفق الشرقي    وزير الخارجية ونظيره النيوزيلندي يبحثان العلاقات الثنائية    المنتخب السعودي يخسر من منتخب العراق ويغادر كأس الخليج لقدماء اللاعبين    الجبير يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي    وزير الصحة يبحث تعزيز الشراكة الصحية مع وزيري القوى العاملة وحماية العمال الإندونيسيين    تراخيص صناعية جديدة لصيانة وإصلاح الطائرات بالمملكة    الموارد البشرية بنجران تحتفل بيوم التأسيس    مبادرة لتمكين الامتياز التجاري في نشاط صيانة السيارات    ختام ورش مساحات العمل الصحية    أقدم حفل موسيقي    ترامب: أناقش صفقات اقتصادية "كبرى" مع بوتين    ارتباط حقن التخسيس بفقدان البصر    قرية "ذاكرة الأرض" تختتم فعالياتها بتبوك    النيابة العامة تحتفي بمناسبة يوم التأسيس    (ثمارية العقارية) تطلق المراحة البيعية الرابعة لمشروع "المها" الأكبر في جنوب غرب العاصمة الرياض    الزواج ليس ضرورة.. لبنى عبدالعزيز: الأمومة مرعبة والإنجاب لا يناسب طموحاتي المهنية    500 لاعب ولاعبة يتنافسون في بطولة المملكة في جازان    انعقاد جلسة رفيعة المستوى حول الدبلوماسية الإنسانية في النزاعات ضمن فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    أمير الرياض يعزي جبران بن خاطر في وفاة والدته    عبادي الجوهر قدمني للناس كشاعر.. عبدالرحمن بن مساعد: أغنية «قالوا ترى» ساذجة    فقيه ل«عكاظ»: "روح الفريق الواحد" قادت الاتحاد للانتصارات    أمانة تبوك توفر 260 بسطة رمضانية في 13 موقعاً    أتلتيكو مدريد يهدد برشلونة    يوم التأسيس: جذور المجد وبداية الحلم    "الشؤون الإسلامية" تنهي فرش 12 جامعا بمنطقة القصيم    بلدية صبيا تطلق فعاليات الاحتفال بيوم التأسيس    بعد وفاة 82 شخصاً.. بريطانيا تحذّر من استخدام حقن إنقاص الوزن    الرياض: ضبط 4 وافدين لممارستهم أفعالاً تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج»    الاتحاد الأوروبي يُعلن تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا    محكمة الاستئناف بعسير تحتفل بيوم التأسيس    لافروف: الحوار مع أمريكا في الرياض «إيجابي»    وزارة الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    اليابان تسجل عجزًا رقميًا قياسيًا    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    موجة برد صفرية في السعودية.. «سعد بلع» يظهر نهاية الشتاء    زياد يحتفل بعقد قرانه    كشافة شباب مكة تقلد محمود (المنديل والباج)    الدبابات تدخل الضفة للمرة الأولى منذ 23 عامًا.. ووزير جيش الاحتلال: إخلاء مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس ومنع عودة سكانها    ضيوف منتدى الإعلام يزورون "مكان التاريخ"    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    "غينيس" توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى يوم التأسيس في قصر الحكم    يوم التأسيس.. يوم التأكيد    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان : حرب المبادرات ... وتدويل القضية
نشر في الحياة يوم 04 - 12 - 1999

شاء المهتمون بالشأن السوداني أم أبوا، تم تدويل المسألة السودانية خارج جدران الأمم المتحدة. فالانقلاب الذي جاء بعمر حسن احمد البشير وجماعة الجبهة الاسلامية وأمينها العام حسن عبدالله الترابي الى سدة الحكم، سرعان ما تحول الى دموي بمرور الزمن اعدام 28 ضابطاً في رمضان ومذابح العيلفون.
عدد البيان الأول للسلطة الانقلابية مسالب الحكم الديموقراطي ووعد بحل "أم المشاكل" الحرب الدائرة حينها ولا تزال في جنوب البلاد. لم يتحقق له ما اراد على رغم جولات المفاوضات التي خاض غمارها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق. وعندما عجز الطرفان عن التوصل الى اتفاق سارعت حكومة الخرطوم وبادرت بطلب وساطة منظمة ايغاد التي تأسست عام 1986 ومقرها جيبوتي وتضم اثيوبيا، كينيا، اريتريا وجمهورية الصومال سابقاً ويوغندا ذلك عقب التحول البيئي في منطقة القرن والجفاف الذي ادى الى مجاعة لا تزال آثارها باقية. تطورت بعون المانحين لتصبح مهمتها الأساسية وفق ميثاقها جمع المعلومات المتعلقة بالتحولات البيئية والتنمية حتى تسهل على المانحين رصدد الاحتياجات مسبقاً وانسياب العون عند الحاجة وتلافي الارتباك الذي صاحب مجاعة 1983. وبرزت لها آلية لفض النزاعات بالاقليم في نيسان ابريل 1996 تزامناً مع حال الحروب المعلنة وغير المعلنة "التبادلية" بين الدول الست الأعضاء او داخل كل منها.
استجابت الايغاد التي كان ينعم حينها اعضاؤها بالجوار الآمن مع حكومة الخرطوم ويستضيف بعضها على حياء حينا قوات العقيد قرنق، وافقوا على الوساطة، وكانت موافقتهم على ما يبدو اظهاراً لحسن النية للخرطوم مصحوباً برغبة باطنية في التخلص من وجود حركة مسلحة في اراضي بعضهم، وما يتبع ذلك من اعباء امنية واقتصادية، ادارية ولوجستية مباشرة او غير مباشرة. ظلت الايغاد مظلة ترعى الحوار الطائر بين العوصم المعنية امعاناً في البحث عن مناخ صالح يقي النقيضين الحرب وآثارها التدميرية المتبادلة.
وتم عقد اجتماع بين المنشقين عن الجيش الشعبي بزعامة قرنق وريك مشار وحليفه لام اكول المطالبين بالانفصال عن السودان حينها بالولايات المتحدة 1993 التي حاولت تقريب وجهات النظر بين المعارضين من الاقليم الجنوبي حيث طرح قرنق الفيديرالية او الكونفيديرالية او حق تقرير المصير بجانب التوفيق بينها ووجهة نظر المعارضة الشمالية ان صح التعبير وهي التي ذهبت الى المؤتمر وهي لا تحمل اي وجهة نظر مكتوبة او خرائط جغرافية، بشرية او جيولويجية تدعم بها وجهة نظرها معتقدة ان العالم لا يزال يعتمد على المشافهة من دون التوثيق. وفطن البعض لذلك فقفل راجعاً، ثم عاد مسرعاً وتحت ابطه المطلوب فنال المرغوب.
تطورت الايغاد وكاد ان يتوج اعلان مبادئها بنقاطها الست بتوقيع، علي الحاج ومحمد الأمين خليفة عن الحكومة السودانية وجون قرنق عن الحكومة الشعبية. ولكن ثمة تطورات داخية واقليمية تتعلق بنظام الخرطوم حالت حينها دون ذلك. فعلى المستوى المحلي كان النظام ارسل احد اعضائه المتخصصين في مجال الطاقة المهندس محمود الحكيم الى كندا لتوقيع العقود الأولية مع شركة تليسمان وما كان من الشركة الا ان طلبت منه التوقيع على عقود نهائية وطار الى كندا عوض الجاز وزير الطاقة وتم التوقيع. هنا كشر النظام - او قل عناصره السلطوية - عن أنيابه وصارت الخرطوم مثابة جديدة للفارين من العدالة في بلدانهم. واشترع النظام مبدأ الحرب التبادلية بينه والبلدان التي تأوي جيش الحركة الشعبية فجهر بدعمه لمجموعة "جيش الرب" المسيحية في تمردها ضد الحكومة اليوغندية. واحتوى مجموعات الآرومو ذات التوجهات الاسلامية في صراعهم ضد اثيوبيا بجانب جماعة الجهاد الاسلامي الاريتري الاسلامي المناوئة للحكومة الاريترية والجماعات المصرية الخ… تزامن ذلك مع مغادرة احد الديبلوماسيين السودانيين مقر عمله في احدى دول القرن الافريقي طالباً حق اللجوء السياسي حيث تردد حينها ان الرجل ابلغ اطرافاً دولية بخطط نظام الخرطوم في تصدير الثورة الاسلامية افي افريقيا مجلة المجلة 25 اب/اغسطس 1996. وتم افتتاح عدة افرع جديدة لمنظمتي الوكالة الاسلامية الافريقية للاغاثة ومنظمة الدعوة الاسلامية وهما منظمتان يتخذ نظام الخرطوم منهما غطاءً لأنشطة لا تمت للدعوة او الاغاثة بصلة. وسارع النظام ايضا في غمرة احساسه بالقوة باستفزاز مشاعر معارضيه سائلاً اياهم ان يحملوا السلاح ان استطاعوا اليه سبيلا. واستجابوا اليه مكرهين مسرعين فكون الحزب الشيوعي السوداني قوات المجد، حزب الأمة جيش الأمة للتحرير، قوات الفتح، قوات البجا، القيادة الشرعية للقوات المسلحة السودانية وقوات التحالف السودانية واشتعل القرن حروباً تبادلية واصبح السودان محط أنظار اجهزة المخابرات.
تطورت الايغاد واصبحت مرجعية في الازمة السودانية من دون الأزمات الست التي تعاني منها الدول الاعضاء داخلياً فأخذت المبادرة شكل المناورة والتكتيك اكثر من كونها تهدف الى عمل استراتيحي مبتغاه الحل السلمي، وصار لها اصدقاء من الدول العظمى اميركا، كندا، ايطاليا، بريطانيا، وألمانيا الخ… جميعهم عندما حمى الوطيس وتم طبع الخريطة الجيولوجية والاستثمارية من بترول في الجنوب الغربي حقول منقا 1 ومنقا 2 وهجليج والنحاس في منطقة خور بقرة في محافظة كردفان والذهب في محافظة النيل الازرق واخريات كثر تمددت خريطة السودان الجديد على صفحات الإنترنت. لتشمل خط العرض 13.4 شمالاً لتحتوي مناجم الذهب المملوكة للشركة الفرنسية جنوب النيل الأزرق. ويتم الآن تسويق كتاب باللغة الانكليزية سوف يكون جاهزاً للتوزيع عام 2002 وسعره 52 دولاراً معروض للبيع الآجل لكاتب نحرير. وصار اصدقاء الايغاد شركاء للسودان في ثلاثة، مصيره كدولة، ومصادر خيره كأرض يباب، ومستقبله كشعب منقرض او في سبيله لذلك. والشعب السوداني الكريم صاحب القضية آخر من يعلم. اما بقية المبادرات التي اصبحت تتوالد وتنقسم فلا تعدو ان تكون - او هكذا اريد لها - سوى مناوشات تمويه للخطة الأصلية التي يتم لها الاعداد بعيداً عن الأعين في مراكز الدراسات وأجهزة صنع القرار غير المرئية.
سوف يأتي عما قريب شركاء الايغاد تحت مظلة الاخ الاكبر لتنفيذ الخطة، وفي مخيلة كل منهم شركات كبرى في بلاده لها باع طويل في تغذية طموح النخب المسكونة بالسلطة والمال، مقرونة برغبة اكيدة لصناع القرار لديهم في احراز غالبية ساحقة في الانتخابات المقبلة.
* كاتب وسياسي سوداني مقيم في كندا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.