التقرير السنوي لمعهد التأمين الوطني الاسرائيلي، يذكر أن أكثر من مليون اسرائيلي، أي واحد من كل ستة اسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر، وان هذا الرقم كان سيرتفع ليشمل واحداً من كل ثلاثة اسرائيليين، لولا برامج الضمان الاجتماعي المساندة. تتركز ارقام الفقر الاسرائيلية، بين المواطنين العرب، والفئات اليهودية "الارثوذكسية" المتطرفة، ومعظم هؤلاء، من اليهود العرب. اربعون في المئة من العائلات غير اليهودية تقع تحت خط الفقر، ويشكل هؤلاء حوالي عشرين في المئة من سكان اسرائيل. اربعة واربعون في المئة من الفقراء هم من الاطفال والمراهقين الذين سينضمون قريباً الى صفوف العاطلين عن العمل. هذه بالطبع صورة مختلفة عن الصورة التي نعرفها عن اسرائيل، أو حتى عن الصورة التي يحاول كثير من الاسرائيليين ان يعرفوها عن انفسهم. واسرائيل دولة تحظى بالمعونات والقروض الاميركية، والاوروبية، على نطاق كبير، ومنذ وقت طويل. وهي تحظى ايضاً بهجرة العقول العلمية من الاتحاد السوفياتي ودول اوروبا الشرقية. وهي تنعم كذلك ب"احتياطي" ضخم من الدعم المالي، والعلمي، والتكنولوجيا، في "الحواضر" المتقدمة في الغرب، فالحدود بين المراكز العلمية والتكنولوجية الغربية، والمراكز الاسرائيلية المماثلة، حدود غامضة ومرنة وتسمح بكثير من التجاوز، أو غض الطرف. ومع ذلك، فإن هذا الارتباط بين النخبة الاسرائيلية، والجذور الغربية، والفكرة الصهيونية الاستيطانية، في نموذجها الاشكينازي، وسيطرة المؤسسة العسكرية، على السياسة والاقتصاد ساهم في صياغة مجتمع اسرائيلي، متفاوت، الثقافة والهوى، والدخل. الاحصاءات تشير الى ان اسرائيل، تواجه اكبر مستويات التفاوت في الدخل بين الفقراء والاغنياء في الدول المتقدمة. خط الفقر يعرّف في اسرائيل بحوالى تسعمائة دولار شهرياً، او عشرة آلاف دولار سنوياً لعائلة من اربعة اشخاص. وعلى رغم ان هذه الاحصاءات عن الدخل الفردي تكون مضللة احياناً، الا ان هذا فقر اسرائيلي، يحسُد اسرائيل عليه كثير من شعوب العالم الثالث، ومن بينها شعوب العالم العربي، أو معظمها. ومع ذلك فالأمور دائماً نسبية ولا مجال للتعزية، في المقارنات بين الدول اذا كانت الفجوة الداخلية، داخل المجتمع وكبيرة وتتجه الى الاتساع. الاسرائيليون، كما يبدو، يعلقون آمالاً كبيرة على الآثار الاقتصادية للسلام، وبشرهم باراك بالاستثمارات الضخمة التي ستتدفق، ووعدهم بأن كل مواطن اسرائيلي، سيشعر بالفرق، بعد مرور بضعة شهود، على اعلان السلام. ومع ذلك فإن اوضاع المواطنين العرب واليهود الشرقيين في اسرائيل، تشير الى اختلال هيكلي، يُقصي هذه الفئات عن نهر الرخاء الاقتصادي ويجعلهم قنبلة اجتماعية وسياسية، موقوتة، واستجابة مؤجلة، على السياسات العنصرية، والعرقية في المجتمع الاسرائيلي.