عندما استضاف لاتسيو يوفنتوس الاحد الماضي على الملعب الاولمبي في روما ضمن المرحلة الحادية عشرة من الدوري الايطالي لكرة القدم، التقى الشقيقان فيليبو وسيموني انزاغي وجهاً لوجه في مباراة من العيار الثقيل للمرة الاولى. وسبق ان التقيا الموسم الماضي مرتين عندما كان الأخ الأصغر سيموني يلعب مع بياتشنزا، لكن المواجهة فيهما لم تكن متكافئة نظراً للفارق الفني الكبيرين يوفنتوس وبياتشنزا. والشقيقان بدآ مسيرتهما الكروية معاً في قريتهما سان نيكولو التي تقع على مشارف مدينة بياتشنزا التي لعبا معاً لفريقها الى ان انتقل "بيبو" 25 عاماً الى يوفنتوس قبل 3 اعوام و"موني" 23 عاماً الى لاتسيو الصيف الماضي. وحقق الاول نجاحاً واسعاً مع قطب مدينة تورينو وعن طريقه وصل الى منتخب بلاده، وخاض معه مباريات عدة بدأت بتصفيات مونديال 98... في حين يتوقع المتابعون للثاني ان يصير احد ابرز هدافي الكرة الايطالية في غضون سنوات قليلة. ذكريات اكتشف المدرب الايطالي جانكارلو شيلا موهبة الشقيقين باكراً عندما كان يشرف على قطاع الناشئين والشباب في نادي بياتشنزا خلال الفترة من 1990 إلى 1995… ووقتها كان فيليبو منخرطاً في فريق الشباب فيما كان سيموني يلعب مع الناشئين. وتوقع شيلا 59 عاماً للاثنين آنذاك مستقبل مشرق: "منذ ان توليت مهمتي في بياتشنزا توقعت ان يكون للاعبين مستقبلاً مشرقاً… فيليبو كان يتمتع بميزة مهمة في عالم كرة القدم وهي قدرته الفائقة على الهروب من الرقابة اللصيقة وحسن اختيار المكان المناسب لتلقي الكرة، فضلاً عن انه كان هدافاً بالفطرة. اما عيبه الوحيد فهو أنه كان انانياً ويرغب في ان يسجل وحده كل اهداف فريقه… نبهته الى ذلك اكثر من مرة، واكدت له انه لا يمكن ان يسجل دائماً وبمفرده وان عليه ان يدرك ان اللعبة جماعية وعليه ان يساعد الآخرين في تسجيل الاهداف. كان ماكراً، وللهروب من الموقف كان يقول انني لن اسمح له بالسهر في "الديسكو" الا اذا احرز اهدافاً... ولذا فهو يسعى اليها دائماً. وكان قبل كل مباراة يعدني بأنه سيسجل اكثر من هدف في مرمى الخصم، وكثيراً ما فشل في تنفيذ وعده. ولذا كنت اعاقبه بأن ازيد جرعة التدريب على التمرير بالنسبة له واتركه يقوم بالمهمة لفترة طويلة". واضاف شيلا: "بصراحة، فيليبو كان يعشق التهديف، وكان يظل بعد نهاية كل مران بمفرده في الملعب ويقوم بتسديد الكرة الى المرمى من كل مكان داخل منطقة الجزاء وخارجها ومن مختلف الزوايا". وعن سيموني قال: "برهن سيموني على انه سيصبح نجماً منذ ان كان مع الناشئين، لكن حماسته كانت اقل كثيراً من شقيقه الاكبر... عموماً الاثنان رائعان وملتزمان ومهذبان جداً". يذكر ان شيلا سبق له ان تولى مهمة قطاع الناشئين في نادي انتر ميلان قبل ان ينتقل الى بياتشنزا، وتخرج على يديه العديد من المشاهير امثال زينغا وتاكوني وبيرغومي وسيرينا وكييركو وساباتو. الصديق غوبي اقرب الاصدقاء الى قلبي الشقيقين هو الناقد الرياضي في صحيفة "الحرية" كارلو غوبي: "عملت مراسلاً للصحيفة في مدينة بياتشنزا لفترة طويلة، رأيت كيف يتطور مستوى اللاعبين من يوم الى آخر وكتبت عنهما الكثير". واضاف غوبي 36 عاماً: "الى جانب عملي الصحافي، صرت الآن المسؤول الاعلامي لفيليبو… اتلقى الرسائل الواردة اليه واقوم بالرد عليها وتلبية طلبات اصحابها التي تنحصر في معظم الاحيان بقميص أو صورة أو مجرد توقيع من اللاعب. يوصيني بيبو دائماً بأن ألبي طلبات الاطفال والمعاقين قبل الآخرين، والامر لم يأت من فراغ لان صديقي تعرض لموقف احزنه وأبكاه كثيراً عندما كان طفلاً… في يوم من الايام طلب من فيوريني اللاعب السابق في بولونيا ولاتسيو وبياتشنزا ان يهديه صورته وتوقيعه لكنه رفض. ومن يومها اقسم فيليبو انه اذا صار لاعباً مشهوراً فلن يردّ اي طلب لأي طفل والا يضع احداً في الموقف ذاته الذي تعرض له وهو طفل صغير". واللافت ان فيليبو كان يرغب في ان يكون حارساً للمرمى لكنه فشل في اول اختبار له واهتزّت شباكه كثيراً فقرر ان يصبح مهاجماً، وصار مهاجم ميلان السابق الشهير اليساندرو التوبللي مَثَله الاعلى. العائلة انزاغي والعائلة انزاغي متحدة جداً، ورغم ان الشقيقين يلعبان في فريقين مختلفين احدهما في تورينو والآخر في روما، إلا أنهما يتوجهان الى بيت العائلة في بياتشنزا كلما سمحت لهما الظروف بذلك. قلب الأم ماريان يتعلّق كل اسبوع بالملعبين اللذين يلعب فيهما ابناها: "احتار جداً اي مباراة اتابع… واتنقل بين القنوات التلفزيونية الخاصة التي عادة ما تنقل اكثر من مباراة في وقت واحد لمتابعة المباراتين… ولا اخفي سراً اذا قلت انني في الكثير من الاحيان اضع تلفزيونين امامي كي أشاهد المباراتين في الوقت ذاته". وهي كانت "مرتاحة" جداً عندما كانا يلعبان مع بياتشنزا: "لم تكن هناك اي مشكلة، وعادة ما كنت اذهب الى الملعب لأشاهدهما معاً. لكن مستقبلهما الكروي حتم عليهما الاغتراب، ولا اعترض على ذلك طبعاً بل اتمنى لهما كل توفيق. واغلى امنياتي ان اراهما يلعبان معاً في صفوف المنتخب او على الاقل مع نادٍ شهير واحد". أما الاب جانكارلو فلا يقل شغفاً عن ماريان في متابعة ابنيه: "اشعر بمشاعر غريبة لا اعرف كيف أصفها عندما يلعبان… انا مشجع قديم لميلان وبياتشنزا… وبعدما كنت اشجعهما فقط صرت اشجعهما ومعهما يوفنتوس بعد انتقال فيليبو اليه، والآن اجد نفسي مضطراً الى تشجيع لاتسيو ايضاً". وأوضح: "كنت اصطحب بيبو وموني لمشاهدة مباريات بياتشنزا وعمرهما لم يكن يتجاوز 6 و7 سنوات حتى تشبّعا بحب اللعبة وحب بياتشنزا، املك صوراً عدة لثلاثتنا مع بعض اللاعبين المشاهير". واضاف: "احب الاثنين بنفس القدر، لكن على الصعيد الفني اعتقد ان فيليبو يتفوق على اخيه لأنه بجانب الموهبة لا تنقصه الحماسة والرغبة في تحقيق الفوز… اما سيموني فهو يعتمد على موهبته فقط ولا زالت تنقصه الخبرة اللازمة لتطوير مستواه، واعتقد انه بانضمامه إلى لاتسيو سيصبح من نسيج آخر يساعده على التألق والتفوق. اتمنى ان اراهما معاً يقودان هجوم المنتخب ويحققان انجازات محسوسة لوطنهما". آل باريزي واذا كان الشقيقان انزاغي هما الاشهر على الساحة الكروية الايطالية الآن، فقد سبقهما الى الشهرة ذاتها شقيقان آخران هما جوسبي وفرانكو باريزي… ولعب الاول لانتر ميلان والثاني لميلان في مدينة ميلانو. ويدرب جوسبي، الذي لم ينعم بنفس الشهرة التي حظي بها شقيقه، فريق الشباب في انتر ميلان حالياً، في حين يتولى فرانكو منصباً ادارياً مهماً في ميلان الى جانب المسؤولية الكاملة عن قطاع الناشئين والشباب في النادي. ويتذكر الشقيقان احداث مباريات "الدربي" التي جمعت بين فريقيهما، وقال فرانكو: "الدربي شكّل لي دائماً هاجساً غريباً لانني كنت اواجه شقيقي الاكبر… حرصت دائماً على الا احتك به في الملعب، ومن حسن الحظ ان كلانا لعب مدافعاً ولذا لم نتواجه عن قرب الا قليلاً". أما جوسبي فأوضح: "لم اتمكن من النوم ابداً في الليلة التي سبقت أي دربي لأسباب عدة في مقدمها المواجهة مع فرانكو، كنت اخاف عليه جداً وعندما تعرض لاصابة شديدة بسبب مخاشنة الالماني كارل هانتس رومينغيه، له كدت اتشابك بالايدي مع زميلي لكنني تماسكت في آخر لحظة". ورغم ان الشقيقين لعبا عشرات المباريات "ضد" بعضهما بيد انهما لم يلعبا معاً الا مرة واحدة ضمن منتخب الشباب دون 21 عاماً.