لأنها امرأة، ولأنها جميلة، ولأنها تصر على ان تحقق افلاماً هي مثلها أنثوية وجميلة، يلاحظ في القاهرة ان ايناس الدغيدي هي، من بين السينمائيين المصريين كافة، الأكثر تعرضاً للهجوم. وهذا الهجوم لا يأتيها عادة من طرف واحد، بل من عدة أطراف، أخطرها ذاك الذي لا يحب للمرأة عربية ان تنجح. والمشكلة مع ايناس الدغيدي انها تنجح، حتى حين تكون أفلامها أقل قيمة مما كانت تخطط له، وأقل اقناعاً مما كانت تأمله. ايناس الدغيدي حالة استثنائية في السينما المصرية. وكذلك هي حالة استثنائية في "شكل" السينمائيين ولنقل: السينمائيات المصريين. عندما تراها يخيل اليك بسرعة انها طالعة مباشرة من داخل شاشة هوليوودية تنتمي الى سنوات الخمسينات، أو من ملعب كرة مضرب، حققت فيه لتوها انتصاراً في بطولة عالمية. من الصعب عليك، قبل ان تعرف ايناس الدغيدي ان تتصور انها يمكن حقاً ان تكتفي بالوقوف وراء الكاميرا، هي التي يقول كثيرون - واحياناً عن لؤم - انها كان يجدر بها ان تقف أمامها، وان تمتنع عن الوقوف وراءها. ايناس الدغيدي لا تأبه كثيراً بهذا. تقول هي انها تحس منذ البداية بأنها خلقت مخرجة - قائدة، وانها منذ سنوات الدراسة كانت تفضل ان تقود على ان تقاد. وهذا ما اعطى شخصيتها تلك السمة السلطوية التي تبرز فجأة حين تبدأ ايناس تحدثك عن مشاريعها المقبلة. وايناس من النوع الذي يفضل الحديث عن المشاريع المقبلة، على الحديث عما مضى. لذلك سيكون من الصعب عليك ان تصل الى حديث مشترك معها، ان أنت رحت تسائلها عن رأيها في أفلامها التي سبق ان حققتها خلال العقد الأخير. في أحسن الحالات ستقول لك، انها تحب أفلامها كلها، رغم تفاوتها في الجودة "تماماً مثلما تحب أم طفلها السليم بمقدار ما تحب طفلها الأقل سلامة أو طفلها المشوه". لكنها، حين تطلب منها ان تعين أياً من أفلامها سليم وأيها مشوه، ستزوغ بسرعة لتتحدث عن أفضل أفلامها، حتى الآن: أي الفيلم الذي تنوي تحقيقه وستصوره، مهما كان شأنه ومهما كانت المرتبة النوعية التي سوف يحتلها لاحقاً في هرمية أفلامها. اليوم، اذن، "فيلمها الأفضل" هو "الوردة الحمراء" المأخوذ كما تؤكد لك عن الرواية التي منها أخذ في الماضي فيلم "غيلدا" لريتا هايوارث، ولكن لماذا هذا الاقتباس؟ ببساطة لأن ايناس، منذ رأت "غيلدا" قبل عقود اكتشفت انها تحسب السينما وقررت ان تصبح السينما عالمها ولغتها. لذا، فهذا الاقتباس هو نوع من "رد الجميل" لا أكثر. ولكن، تستدرك ايناس قائلة: "هذا لا يمنعني من ان اؤكد ان في جعبتي لما بعد الوردة الحمراء، مشروعاً سيفاجئ، لأنه يخرج عن الأطر السائدة"، فما هو هذا المشروع؟ هنا تجيب ايناس بدلال يخرجها من وراء الكاميرا الى أمامها: سأقول لكم بعد "الوردة الحمراء" أي حين يصبح مشروعي الجديد فيلمي المفضل! "عين"