ذكرت مصادر جزائرية مطلعة أن مبعوثين عن الأحزاب المعنيّة بالحكومة المقبلة أجروا، أمس الأحد، إتصالات مع السيد الهاشمي جيار، السكرتير الخاص للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بهدف إستكمال المشاورات في شأن تشكيل الحكومة قبل عقد الجولة الثانية من المشاورات معه والتي يتوقع أن تتم مع نهاية الأسبوع. وشوهد عدد من قيادات هذه الأحزاب الممثلة في البرلمان عند مدخل رئاسة الجمهورية في المرادية حيث يُعتقد ان المشاورات دخلت الآن مرحلة الحسم النهائي في أسماء أعضاء الحكومة الجديدة. وأضافت المصادر ذاتها أن بوتفليقة أكد في اللقاءات التي أجراها، منذ الخميس الماضي، مع جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم وحركة النهضة والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، أهمية أن تكون الحكومة المقبلة حكومة وطنية تتشكل من وزراء دولة قادرين على تقديم "دفع حقيقي لمختلف قطاعات الدولة الأساسية". وأشارت الى ان مشاركة التحالف الوطني الجمهوري في الحكومة المقبلة باتت مُستبعدة. ومعلوم ان التحالف الذي يقوده السيد رضا مالك، رئيس الحكومة السابق، غير ممثل في البرلمان. وتابعت المصادر ان بوتفليقة عرض مع محدثيه تطور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد، إضافة الى المشاريع التي ينوي مباشرتها مع تشكيل الحكومة المقبلة المقررة بعد ايام. وأفادت مصادر حزبية ان اللقاء مع بوتفليقة "كان عاماً وشاملاً"، وانه أكد حرصه على أن يعمل رؤساء الأحزاب ما في وسعهم لتقديم مساهمتهم في الحكومة المقبلة عبر تقديمهم وزراء دولة من أصحاب الكفاءات. ودعاهم الى أن يكون إهتمامهم منصباً على "مصلحة الجزائر دون سواها". وتعد جولة المحادثات التي أجرها بوتفليقة مع الأحزاب البرلمانية المؤيدة له، بداية رسمية لمشاورات "الظل" التي تواصلت أمس مع أحد أبرز مساعدي رئيس الجمهورية. ومعلوم أن سلسلة المحادثات هذه ستجري على جولات عدة بمعدل لقاء كل يوم بهدف التوصل في أقرب وقت إلى توافق بين بوتفليقة ورؤساء الأحزاب المؤيدة له على حجم تمثيل كل تشكيلة سياسية ونوعه في الحكومة المقبلة، سواء على صعيد توزيع الحقائب أو على صعيد أسماء الوزراء. وعقب هذه السلسلة من اللقاءات، سيلتقي بوتفليقة مجدداً رؤساء هذه التشكيلات السياسية للبت نهائياً في تشكيلة الحكومة التي ستُعلن على مرحلتين: الأولى، ويتم فيها اعلان إسم رئيس الحكومة المقبل. ومن أبرز الأسماء المطروحة إسم السيد أحمد بن بيتور، كما هناك أسماء عدة مطروحة من محيط بوتفليقة في ديوان رئاسة الجمهورية. أما المرحلة الثانية، فيتم فيها تشاور بين رئيس الحكومة المكلّف ورؤساء الأحزاب الخمسة لتسلم قائمة بالوزراء المقترحين لدخول وزارته. وستسبق هذه الخطوة إعلان رئاسة الجمهورية كامل طاقم الحكومة. ويذكر أن نصف الحكومة المقبلة سيضم وزراء يعينهم بوتفليقة وهم في الغالب تقنيين، في حين سيُوزّع النصف الأخر على خمسة أحزاب برلمانية أجرت مشاورات مع الرئيس الجزائري. يذكر أن قانون المال الذي بدأ مجلس الأمة مناقشته، أمس، سيُصدّق عليه رسمياً الأحد في 19 كانون الأول ديسمبر الجاري ليتم الافساح في المجال أمام الرئيس لتحديد تاريخ اعلان رئيس الحكومة الجديد والذي يعقبه بيومين اعلان كامل الطاقم الحكومي. وكانت هذه المسألة أثارت قلق بوتفليقة الذي اعتبر أن الدستور الحالي يتعارض مع توجهه لاسترجاع صلاحياته الشرعية والقانونية. ويتزامن اعلان الحكومة الجديدة مع تسوية بوتفليقة ملف "الجيش الإسلامي للإنقاذ". إذ سيتم طي ملف هذا التنظيم المسلح نهائياً قبل الأسبوع الأول من السنة المقبلة، مما يجعل الحكومة بمنأى عن ملف الوضع الأمني الذي ستواصل وزارة الدفاع الإشراف عليه لفترة جديدة. وبالنسبة الى الملفات الإقتصادية والإجتماعية التي ستتكفل بها الحكومة مستقبلاً، فقد تم وضع ست وزارات دولة تعمل الى جنب بوتفليقة في رئاسة الجمهورية وتتكفل بوضع السياسة الإقتصادية والإجتماعية للبلاد تحت إشراف عدد من الخبراء مثل عبدالحميد تمار وعبداللطيف بن أشنهو. إلى ذلك، قالت مصادر حزبية أن رؤساء الأحزاب المعنية بالحكومة لم يثيروا مع بوتفليقة، الخميس، مسألة تمديد آجال قانون الوئام المدني أو يناقشوا مسألة إصدار عفو شامل عن جماعة مدني مزراق، "أمير جيش الإنقاذ". وذكرت أن مسألة "الجيش الإسلامي" تُسوّى بين الجيش الجزائري وجماعة مزراق في إتفاق "سيتم تنفيذ آخر مراحله قريباً جداً". على صعيد آخر أ ف ب، افادت صحيفة "لوماتان" أمس ان شخصين قتلا وآخرين أُصيبا بجروح الخميس في هجومين نسبا الى الجماعات الاسلامية المسلحة في منطقة مرابطين قرب المدية 90 كلم جنوبالجزائر. وقتل اثنان من سكان هذه البلدة بانفجار قنبلة لدى عودتهما الى منزلهما صباح الخميس. واعتاد سكان هذه المنطقة عدم المبيت في منازلهم ليلاً لاسباب امنية. واوضحت الصحيفة ان القنبلة زرعت بين اغراضهما الشخصية خلال غيابهما وانفجرت لدى عودتهما الى منزلهما. وافادت "لوماتان" ايضاً ان قنبلة اخرى انفجرت في البلدة نفسها واصابت شخصين بجروح. وتخشى السلطات الجزائرية تصاعد الحوادث الدامية خلال شهر رمضان على غرار ما حصل خلال السنوات الماضية. وسجل سقوط نحو مئتي قتيل خلال تشرين الثاني نوفمبر الماضي.