سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المفاوضات بين سورية ولبنان واسرائيل تبدأ في واشنطن وتنتقل الى المنطقة - كلينتون يسعى الى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم على كل مسارات عملية السلام قبل انتهاء مدة رئاسته
أعلن الرئيس الاميركي بيل كلينتون للعالم الأربعاء انه بعد جولة محادثات اجرتها في المنطقة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت - وبعد اتصالات هاتفية اجراها هو مع زعيمي سورية واسرائيل - اتفق البلدان على معاودة مفاوضات السلام الثنائية بينهما الاسبوع المقبل في واشنطن. وسيعقد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك يوماً أو يومين من المحادثات التي يستضيفها الرئيس كلينتون في واشنطن، ثم تستأنف المحادثات الأوسع في مكان ما في المنطقة بعد وقت قصير من ذلك بهدف تحقيق اتفاق سلام عام بين البلدين في أقرب وقت ممكن. وعبر الرئيس كلينتون عن أمله ايضاً بأن يستطيع المفاوضون الاسرائيليون واللبنانيون ايضاً استئناف مناقشاتهم وجهاً لوجه بمجرد ان تستأنف المفاوضات على المسار السوري. وقال كلينتون: "يسرني ان أعلن اليوم ان رئيس الوزراء باراك والرئيس الأسد قد وافقا على ان تستأنف مفاوضات السلام الاسرائيلية - السورية من النقطة التي توقفت عندها". وأضاف: "المفاوضات ستفتتح هنا في واشنطن الاسبوع المقبل بين رئيس الوزراء باراك ووزير الخارجية الشرع. وبعد جولة أولية ليوم أو يومين سيعودون الى المنطقة وستستأنف المفاوضات المكثفة في موقع يتفق عليه بعد وقت قصير من ذلك. وهذه المفاوضات ستكون على مستوى رفيع وشاملة وتجرى بهدف التوصل الى اتفاق في أقرب وقت ممكن". ويبدو الاتفاق في ظاهره تنازلاً من اسرائيل بالنظر الى ان سورية هي التي أصرت على انه لا ينبغي للمفاوضين ان يعودوا الى مواضيع تمت تغطيتها في السابق، خصوصاً موقف سورية القائل بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق رابين قد التزم انسحاباً كاملاً من مرتفعات الجولان. غير ان مسؤولين اميركيين قالوا ل"الحياة" ان المعنى الدقيق لعبارة "من النقطة التي توقفت عندها" المفاوضات لن يجري تعريفه علناً. وأضافوا ان هذا "الغموض البناء" سيسمح لسورية واسرائيل بأن تصرا أمام شعبيهما على أنهما لم تقدما أي تنازلات من أجل ترتيب استئناف المفاوضات، وذلك بالنظر الى ان كلاً من البلدين يستطيع المجيء الى المحادثات بفهمه هو للنقطة التي انتهت عندها سابقاً. وقد كان الاعلان عن التوصل الى اختراق سراً مكنوناً الى درجة ان المسؤولين في دائرة شؤون الشرق الأدنى لم يبلغوا به سلفاً. غير ان أولئك المسؤولين يتكهنون بأن من المرجح ان تعقد محادثات واشنطن في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، وستكون مغلقة أمام الصحافيين. ويقولون ايضاً ان مصر هي المرشح المرجح لاستضافة المفاوضات المستمرة بين السوريين والاسرائيليين لأن لديها أفضل وسائل الاتصالات. لكنهم يصرون على انه لا توجد بعد خطط راسخة في هذا المجال، خصوصاً ان مسؤولين قلائل يملكون أي معرفة حقيقية بما اتفق عليه البلدان ولم يبدأ بعد بصورة جدية أي تخطيط أو عمل لوجستي. وحرص الرئيس كلينتون على ان يلاحظ ايضاً على ان التطور الذي أعلنه لا يمثل سوى البداية، وانه لا يوجد ضمان للنجاح النهائي. وقال: "سيحتاج الاسرائيليون والسوريون الى اتخاذ قرارات شجاعة من أجل التوصل الى سلام عادل ودائم، ولكن خطوة اليوم الأربعاء هي اختراق مهم لأنها ستسمح لهم بالتعامل بعضهم مع بعض وجهاً لوجه، وهذا هو السبيل الوحيد للوصول الى هناك". وتابع قائلاً: "أمامنا مهمة واضحة بقدر ما تمثل تحدياً. وكما قلت لرئيس الوزراء باراك والرئيس الأسد في حديثين هاتفيين معهما في وقت سابق من هذا اليوم، فإنهما يتحملان الآن مسؤولية ثقيلة لجلب السلام الى الشعبين الاسرائيلي والسوري... وآمل انه مع استئناف المفاوضات الاسرائيلية - السورية، ستبدأ ايضاً المفاوضات بين اسرائيل ولبنان". وتعهد الرئيس الاميركي بأن يفعل ما يستطيع وما يجب ان يفعله لمساعدة الاطراف على كل مسارات عملية السلام بين العرب واسرائيل لبلوغ هدفها. وحذر الرئيس كلينتون من انه "لا يمكن ان تكون هناك أوهام في هذا المجال. على كل المسارات ستكون الطريق مضنية، وستكون مهمة التفاوض على اتفاقات مهمة صعبة. ان النجاح ليس أمراً حتمياً. وسيتعين على الاسرائيليين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ان يواجهوا مسائل مصيرية. انهم يواجهون خيارات صعبة. وسيكون عليهم الوقوف بحزم ضد جميع اولئك الذين يسعون الى حرف عملية السلام عن مسارها. ومن المحزن ان هؤلاء ما زالوا كثيرين". وقال: "ولكن لا يسيئن أحد الفهم: ان أمامنا فرصة تاريخية حقاً الآن. فبوجود سلام شامل، ستعيش اسرائيل ضمن حدود آمنة ومعترف بها للمرة الأولى في تاريخها. والشعب الفلسطيني سيتمكن من تقرير مصيره على أرضه. والسوريون واللبنانيون سيحققون تطلعاتهم ويتمتعون بكل ثمار السلام. وفي كل أنحاء المنطقة سيكون الناس قادرين على بناء حياة أكثر سلاماً واكثر ازدهاراً. وقد قلت، وأقول مرة اخرى، انني لن أدخر وقتاً أو جهداً في السعي الى ذلك الهدف. واليوم اعطانا الجانبان اشارة واضحة الى انهما مستعدان ايضاً لاتباع ذلك الطريق. لطالما كان السلام ضمن مدى رؤيتنا. وهو اليوم صار في متناولنا ويجب ان نمسك به". ومن الواضح ان الرئيس كلينتون يريد تأمين الوصول الى اتفاق سلام نهائي وعادل وشامل على كل الجبهات قبل ان يترك منصبه في 20 كانون الثاني يناير من عام 2001. ومن شأن انجاز كهذا ان يضمن له ليس فقط مكانة في التاريخ كصانع سلام، وانما ايضاً الفوز بنصيب على الأقل من جائزة نوبل للسلام وان يكرس صورته كواحد من أكثر الرؤساء الاميركيين نجاحاً. وقد يساعده هذا الانجاز ايضاً في اقناع الناس بنسيان فضيحته مع مونيكا لوينسكي، كما سيساعد حظوظ نائبه آل غور، المرشح المرجح للحزب الديموقراطي للفوز بالرئاسة في الانتخابات المقبلة.