عززت زيارة رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد لموسكو العلاقات بين البلدين اللذين وقعا اتفاقاً ل"محاربة الارهاب"، وتعهدت موسكو بسحب دعمها لحزب العمال الكردستاني مقابل "تفهم" انقرة لحرب الشيشان. وحرص الجانبان على تأكيد أهمية التعاون العسكري بينهما بمشاركة تكنولوجية اسرائيلية. وقّع رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفاقا لمكافحة الارهاب. ووعدت موسكوأنقرة بالامتناع عن تأييد حزب العمال الكردستاني مقابل موقف تركي "متفهم" لحرب الشيشان. وفيما أرجئ توقيع اتفاق "النهر الأزرق" لتصدير الغاز الروسي نفى رئيسا حكومتي البلدين وجود ضغوط اميركية لمنع الصفقة، وأكد الجانبان درس اهمية التعاون العسكري الذي يحتمل ان تشارك فيه اسرائيل. وفي اطار زيارته الرسمية الى موسكو عقد اجاويد جلسة مطولة مع نظيره الروسي الذي اكد ان العلاقات الثنائية "بلغت مستوى راقياً"، وذكر ان تركيا اصبحت من اهم الشركاء التجاريين لروسيا. وزاد ان التعاون بين البلدين يشمل ايضاً معالجة قضايا دولية وإقليمية. ووقع رئيسا الحكومتين بالأحرف الأولى على "اعلان مكافحة الارهاب". وذكر بوتين انه تضمن "رؤية مشتركة" للجانبين حيال هذه القضي. وأشار الى ان الطرفين اعربا عن رغبتهما في "مكافحة الارهاب بكل مظاهره". وحصلت انقرة على وعد روسي صريح ب"عدم تأييد اي تطلعات ارهابية ضد تركيا أياً كان مصدرها". ولمزيد من التوضيح قال بوتين ان "هذا ينطبق" على حزب العمال الكردستاني. ويرى خبير روسي تحدثت اليه "الحياة" ان هذا الاعلان يشكل نقلة مهمة في موقف الكرملين. وأكد ان له "ثمناً" تمثل في وعود تركية بالامتناع عن تقديم الدعم للشيشانيين. وأوضح ان تركيا التي يقيم فيها مئات الآلاف من القوقازيين، والشيشانيين تحديداً، لعبت اثناء الحرب الماضية دوراً مهماً في دعم غروزني وجمع مساعدات مالية للشيشانيين. ومعروف ان موسكو كانت آنذاك تؤيد صراحة حزب العمال الكردستاني الذي حصل على تمثيل شبه رسمي في موسكو. ولكن تغيير الموقف الروسي ورفض رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف منح لجوء سياسي للزعيم الكردي عبدالله اوجلان أدى الى تشجيع تركيا على تقديم "خدمات مماثلة" والحد من نشاط المنظمات الشيشانية في اراضيها. وفي ضوء التقارب السياسي تعززت الروابط الاقتصادية وارتفع حجم التبادل التجاي الى 9 بلايين دولار، وأدت الازمة المالية في روسيا الى انخفاضه الى 7.5 بليون دولار، الا ان هذا الرقم قد يرتفع في حال ابرام اتفاق "النهر الأزرق" لنقل 30 بليون متر مكعب من الغاز الروسي الى تركيا. لكن الاتفاق لم يوقع امس وعزا رئيسا الحكومتين ذلك الى "اسباب فنية". وذكر أجاويد ان المسألة ستسوى بعد مناقشة الموضوع في مجلس الوزراء التركي قريباً. وأشار مراقبون الى ان الولاياتالمتحدة مارست ضغطاً قوياً لوقف الاتفاق، ولكن بوتين قال أمس ان "هذه قضية ثنائية وليس لأميركا ان تكون معها او ضدها". وأشار رئيس الوزراء الروسي الى ان تركيا كانت أول بلد عضو في حلف الاطلسي يبدأ تعاوناً عسكرياً مع موسكو. وأكد ان بلاده "مرتاحة" الى تطور العلاقات في هذا الميدان. وأكدت مصادر عسكرية ل"الحياة" ان "الغاء مشكلة اوجلان" يفتح الطريق امام تزويد انقرة كميات كبيرة من الاسلحة التي كانت موسكو تتردد في بيعها خشية استخدامها ضد الاكراد. ويتوقع الروس ان يقدم اجاويد وعوداً بأن "تحسم ايجابياً" صفقة كبرى تتولى روسيا بموجبها انشاء مصنع في تركيا لانتاج طائرات هليكوبتر حربية متطورة من طراز "ك 50" على ان تزود بمعدات ملاحية والكترونية اسرائيلية. وأوضح ل"الحياة" خبير في شؤون التسلح ان الصفقة التي قال انها "ستدرّ بلايين الدولارات" تنص في المرحلة الأولى على انتاج 145 طائرة مروحية، وذكر ان احدى الاشكاليات التي ينتظر حلها تتمثل في موافقة موسكو على تحويل حقوق الانتاج التكنولوجي الى تركيا لاحقاً. وامتدح بوتين الدور التركي في التحضير لقمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في اسطنبول اواسط الشهر الجاري. ويشير المحللون الى ان موسكو تتوقع ضغوطاً قوية اثناء القمة لحملها على وقف الحرب الشيشانية، ولذا فانها تأمل في دور تركي "يخفف الصدمة" التي قد يتعرض لها الرئيس بوريس يلتسن. ويذكر ان اجندة زيارة اجاويد لم تتضمن لقاء مع الرئيس الروسي الا ان الكرملين اصدر بياناً عن "احتمال" عقد اللقاء.