يُعد الشاعر الروماني الأصل باول سيلان أكثر شعراء اللغة الألمانية أهمية في القرن العشرين، ولعله أيضاً أبرز شاعر أوروبي لفترة ما بعد العام 1945. ولد سنة 1920 في بوكوفينا، وهي مقاطعة المانية محتلة في رومانيا دُمرت من قبل القوات الألمانية اثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد استقراره في باريس العام 1948 سرعان ما ذاعت شهرته على نطاق واسع واكتسب اعترافاً به كشاعر من خلال نشر مجموعته الشعرية الأولى في المانيا العام 1952. يقول سيلان عن اللغة إنها الشيء الوحيد الذي تبقى له بعد الحرب ولم يُمس أو يخرّب. إن تجاربه خلال الحرب وفقدانه والديه هي المواضيع الأكثر شيوعاً وتكراراً في شعره، وفي الوقت نفسه هي التي قادته أخيراً إلى الانتحار غرقاً العام 1970. أغنية سيدة في الظل حينما يأتي الصمت وتُقطف أزهار التوليب: فمن الذي يربح؟ من الذي يخسر؟ من الذي يظهر عند النافذة؟ ومن الذي يذكر اسماءها أولاً؟ إنه الذي يحمل شَعْري يحمله كما يُحمل الميت على الأيدي يحمله كما تحمل السماء شَعْري في العام الذي أحببت يحمله كزهوٍ فحسب. الذي يربح لا يخسر لا يظهر عند النافذة ولا يذكر اسماءها إنه الذي يمتلك عيني إنها لديه منذ أن اغلقت الأبواب يضعها في أصابعه كالخواتم يحملها مثل شظايا من الرغبة والياقوت: كان أخي منذ الخريف، يعدّ الأيام والليالي. الذي يربح لا يخسر لا يظهر عند النافذة هو الذي يذكر اسماءها أخيراً. إنه الذي لديه كل ما قلته يحمله تحت ابطيه كالرزمة يحمله كما تحمل الساعة أسوأ أوقاتها يحمله من عتبة إلى أخرى ولا يرميه اطلاقاً. إنه الذي لا يربح إنه يخسر إنه يظهر عند النافذة إنه يذكر اسماءها أولاً. ويُقطف رأسه مع ازهار التوليب. شعاع ليلي أكثر ما يتوهج اشتعالاً هو شَعْر محبوبتي المسائية: ارسل لها تابوتاً مصنوعاً من أخفّ الأخشاب حلمنا في روما، له شَعر مستعار ابيض مثلي، يتكلم بصوت أجشّ: يتكلم مثلي حينما اعطي الاذن بالدخول إلى القلوب، يعرف اغنية فرنسية عن الحب، كنت غنيتها في الخريف، حينما توقفت اثناء رحلتي في البلد المتأخر وأخذت اكتب رسائلَ إلى الصباح. قارب جميل هو التابوت، قدَّ في أيكة الشعور. حتى أنا جريت داخل تيار دمه النازل، كما لو كنت أكثر شباباً من عينه. الآن انت شاب مثل طائر ميت في ثلج آذار، الآن يأتي إليك ويغني اغنيته الفرنسية. الآن انتم خفيفون: ستنامون خلال ربيعي، حتى النهاية. انني اخفّ: انني اغني أمام الغرباء. العودة يتساقط الثلج كثيفاً، كالبارحة، بلون الحمام، يتساقط وكأنك لم تزل تنام الآن. البياض تكدّس في البُعد هناك، فوق، وبلا نهاية، اثار زحافات المفقودين، في الأسفل، يضغط، خفيةً، ما يؤلم العين جداً. هضبة فوق أخرى، غير مرئية. فوق كل من جاء إلى بيته اليوم، هناك أنا منزلقة في الخرس: وتد خشبي. هناك: شعور، من رياح ثلجية تهب، تشدّ من قطعة قماش علمه الملون. ذكرى فرنسية فكّرتِ معي: سماء باريس، زهور الخريف السامة الهائلة... اشترينا قلوباً من بائعة الورد كانت زرقاء وتفتحت في الماء. بدأت السماء تمطر في حجرتنا، وجاء جارنا، مسيو لي سونغ، رجل صغير، هزيل. لعننا الورق وخسرت قرة عيني، أعرتني شَعرك، فقدته، أطاح بنا أرضاً، غادر خارجاً من الباب يتبعه المطر، كنا أمواتاً لكننا قادرون على التنفس. السنوات التي منكِ ومني مرة أخرى يتموّج شَعرك حينما ابكي. أعدّي مائدة حبنا بزرقة عينيك: سرير بين الصيف والخريف. نشرب ما صنعه غيرنا، لا أنا ولا أنتِ ولا حتى شخص ثالث: نرتشف شيئاً فارغاً وأخيراً. ننظر إلى أنفسنا في مرآة البحر العميق ونناول بعضنا الطعام بسرعة: الليل هو الليل، يبدأ مع الصباح، يُرقِدُني جنبكِ. نوم طاحونة المحيطات تدور، ساطعة كالثلج وصامتة، في أعيننا. ترجمة: نامق كام