كل إنسان عاقل لديه حصيلة من الأفكار والمعلومات ووجهات النظر، تجعله في درجة معينة من الوعي، وهذه الدرجة إما أن تكون عالية أو متوسطة أو أقل من المتوسط، وهي تتوقف على رصيد الإنسان من التعليم والثقافة. والتعليم هو تلقي معلومات منظمة في فترة معينة بمناهج محددة متنوعة. ويساهم التعليم بنصيب واضح وملموس في ارتفاع درجة وعي الإنسان وتطوره من حسن إلى الأحسن، ومن أفضل إلى الأفضل، وهذا هو السبب في ان الاستعمار عندما يتحكم في مصائر الشعوب، يُفضل أن يسود الجهل، وقد يلجأ إلى تحريف المناهج التعليمية وتغيير الحقائق إلى مزاعم تخدم مصالحه. ويهدف من خلال ذلك إلى عدم ازدياد درجة الوعي عند الناس، فتشتعل الثورة على وجود الاستعمار. والإنسان المتعلم لا يشترط أن يكون مثقفاً، لأن الثقافة شاملة نتيجة لخبرات وتجارب حية، وقراءات حرة مختلفة في الأدب والدين والسياسة والفن والعلم. وعندما يتفاعل الإنسان المتعلم والمثقف على حد سواء مع نا يقرأه، ومع ما يعرفه، تصبح عنده نظرة عامة عن الحياة، وترتفع درجة وعيه. في مجتمعاتنا العربية أناس متعلمون يتقنون القراءة والكتابة، وأنهوا تعليمهم الثانوي وانتقلوا إلى التعليم الجامعي وحصلوا على كبرى الشهادات، إلا أنهم توقفوا عند هذا الحد، واتخذوا الشهادة وسيلة للرزق. أما الفئة القليلة جداً والمثقفة، فقد حصلوا أيضاً على كبرى الشهادات، لكنهم اعتبروها انطلاقاً للمعرفة، وبداية للمزيد من التقدم والثقافة، فالثقافة عندهم بحر لا حدود له، تتدفق منه ألوان كثيرة من المعرفة. حاول أن تبني نفسك من الآن كإنسان متعلم ومثقف وعلى درجة عالية من الفهم والوعي، حتى تجد لك مكاناً في هذا المجتمع. فلسطين - حسام فتحي أبو جبار