يواصل مسؤولون في "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال طالباني و"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" بزعامة محمد باقر الحكيم، اتصالاتهم مع تيارات المعارضة العراقية لترتيب عقد اجتماع في شمال العراق في الاسابيع المقبلة يضم جميع "القوى الفاعلة على الارض". وكان شيردل من "الاتحاد الوطني" وابراهيم حمودي من "المجلس الاعلى" وحسن الحسيني من "منظمة العمل الاسلامي" المتحالفة مع "المجلس الأعلى" زاروا دمشق قبل نحو اسبوعين، وشكلوا مع ممثلي "المجلس" بيان جبر و"الاتحاد الوطني" دانا مجيد وفداً للاتصال مع المسؤولين السوريين والديبلوماسيين الايرانيين والمعارضين العراقيين في العاصمة السورية. واظهرت المحادثات اتفاق جميع القوى والاطراف على المشاركة في اجتماع في شمال العراق، لكن كل طرف كان لديه مبرره لحضوره ونظرته الخاصة لهذا المؤتمر. بعضهم يريده بمثابة "مشروع وطني" يقف في وجه "الثور الهائج" القادم الى المنطقة من اميركا. ويرى فيه آخرون مشروعاً ل"توحيد القوى الميدانية" في جبهة واحدة، في حين تعتقد قوى فاعلة في المعارضة، ان ترتيب هذا المؤتمر سيكون بمثابة "الخيار البديل الاحتياطي". وتحمل الاتجاهات الثلاثة تناقضاً في ما بينها، اذ كيف يمكن التوفيق بين الباحثين عن "المشروع الوطني" و"البديل الاحتياطي"؟ يذكر ان "المجلس الاعلى" لم يشارك في اجتماعات نيويورك، في حين مثل طالباني "الاتحاد الوطني". وقال معارضون ان عقد اجتماع تداولي للمعارضة في شمال العراق يترك "مبادرة" في ايدي المعارضين الوطنيين عندما "تأتي ساعة الصفر حسب التوقيت الاميركي"، الامر الذي دفع البعض الى الدعوة الى تشكيل "قيادة ميدانية" في شمال العراق. واظهرت المحادثات الاولية وجود "خلافات" داخل تيارات المعارضة القومية والاسلامية والكردية حتى على قضايا بسيطة وشكلية. لكن استمرار الاتصالات لمدة عشرة ايام أدى الى الاتفاق على ان يكون المؤتمر "تداولياً وطنياً، وليس اعلامياً ولا سرياً" بحيث يركز الجميع على "نقاط الاتفاق للبناء عليها بعيداً عن نقاط التباين". وفيما يسعى "الاتحاد الوطني" لأن يعقد المؤتمر في السليمانية، إلا أنه أبدى استعداده للمشاركة فيه في اي مكان آخر. وكان الحسيني قال ل"الحياة" ان ثلاثة تطورات استدعت "التشاور والتنسيق هي: الوضع المتفجر داخل العراق، والمشروع الاميركي للخروج بطيف واحد للمعارضة، والموقف الاقليمي الذي يلعب دوراً اساسياً في العراق". ويبدو ان العامل الاقليمي السوري-الايراني يلعب لصالح المؤتمر التداولي، بعدما شاهدت سورية وايران مستوى الدعم الاميركي لاجتماعات نيويورك. ويعلن مسؤولو البلدين رفضهم "التدخل في الشؤون الداخلية للعراق" وتأييدهم ل"التغيير من الداخل"، مبدين الاستعداد الكامل ل"التدخل ضد اي تغيير يعارض مصالحهما". وقال ل"الحياة" مهدي العبيدي مسؤول العلاقات الخارجية في "لجنة تنسيق العمل القومي والديموقراطي"، ان الخطاب السياسي الذي صدر عن نيويورك "لن يستميل الشعب العراقي ولا المؤسسة العسكرية". وفيما ترحب ايران بفكرة المعاملة الخاصة للشيعة في الجنوب، إلا انها تتفق وسورية على معارضة قيام كيان كردي في شمال العراق، اذ ان دمشق عارضت بقوة "المؤتمر الوطني الموحد" منذ انعقاده في صلاح الدين في بداية التسعينات، وعقدت مع ايران وتركيا اجتماعات ثلاثية للتمسك بوحدة العراق ومعارضة اي كيان كردي هناك.