أشاد جلال الطالباني أمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني بموقف الولاياتالمتحدة الداعم للقضية العراقية، ولكنه رفض بشدة وجود "أي هيمنة أميركية على المعارضة"، مؤكداً أن الحضور الى نيويورك "لا يعني تبعيتنا للولايات المتحدة الأميركية". وقال: "ان الولاياتالمتحدة دولة لها أهميتها وتأثيرها على العالم، وهذه حقيقة لا يقع تقريرها بأيدينا". في غضون ذلك، اضطر المنسق الأميركي للملف العراقي فرانك ريتشاردوني الى التدخل في النقاشات التي شهدها الاجتماع الموسع للمعارضة العراقية في نيويورك، الذي ينهي أعماله اليوم، من أجل وضع حد لتصورات متباينة بين قوى عربية وكردية عراقية حول موضوع الفيديرالية التي ترى فيها القوى الكردية حلاً أمثل لقضية الشعب الكردي ضمن وحدة العراق. وكان "المؤتمر الوطني العراقي الموحد" ثبت في مسودة خطابه السياسي المقدمة للاجتماع الموسع ما يفيد أنه "يحترم إرادة الشعب الكردي في اختيار شكل العلاقة مع بقية الشركاء في الوطن، والمتمثل بالنظام الفيديرالي"، إلا أن "تغييراً" في مسعى القوى الكردية اتضح في الاجتماع الموسع، وتحدد بنقل الموضوع من "احترام إرادة الشعب الكردي الى "إقرار" المؤتمر الوطني العراقي ب"الفيديرالية". ولم يعرف فحوى تدخل ريتشاردوني إلا أن مصدراً عراقياً أوضح ان الموقف الأميركي لا يعارض نظاماً فيديرالياً يضمن حل المشكلة الكردية إلا أنه يشدد على أن يظل هذا النظام رديفاً لحرص متصاعد على وحدة العراق، وبما يؤمن "تطمينات" للدول المجاورة للعراق: تركيا وايران والدول العربية أيضاً. وأكد المصدر ان الولاياتالمتحدة ترفض أي مساس بوحدة العراق لافتاً ان الفيديرالية التي تؤيدها واشنطن كحل للقضية الكردية "ضمن عراق واحد"، لا بد أن تستفيد من تجربة "الفيديرالية حسب النمط الأميركي". وأفاد المصدر ان واشنطن قد ترى ضرورة لنقل هذه التطمينات الى الدول المجاورة للعراق عبر اتصالات ستجرى معها قريباً، معتبراً ان "الفيديرالية" لن تكون هاجساً يثير مخاوف الأطراف العربية والمجاورة للعراق، طالما أنها لن تؤثر في كيان موحد للعراق وهذا ما تعتبره الولاياتالمتحدة ركناً من أركان توجهاتها نحو العراق. وانتقد طالباني "اولئك الذين يتعاملون باستخفاف" مع اجتماع نيويورك، وقال ان "موقفهم باطل... فالقوى المشاركة في هذا الاجتماع هي قوى وطنية فاعلة ومؤثرة وذات ثقل نضالي معروف على مدى التاريخ العراقي". وبصدد الحصار الاقتصادي، وجه الطالباني نقداً للقائلين بضرورة الرفع التام للحصار، وقال: "ينبغي أن يرفع الحصار عن الشعب العراقي وليس عن النظام". واعتبر أن الرفع التلقائي سيؤدي الى تقوية الرئيس صدام حسين و"إضعاف الشعب العراقي وحرمانه من حقوقه". واستشهد الطالباني بموقف نيلسون مانديلا بعد خروجه من السجن "اذ رفض رفع الحصار عن جنوب افريقيا قبل انهاء التمييز العنصري". قادمون من دمشق على صعيد آخر أعلن عن وصول وزير عراقي سابق الى اجتماع نيويورك بعد انشقاقه عن النظام. وأبلغ اياد علاوي، الأمين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي "الحياة" ان عبدالغفار الصائغ، وهو وزير سابق للحكم المحلي في الثمانينات، التحق بالمعارضة العراقية. وكان الصائغ نائباً لطارق عزيز في رئاسة تحرير صحيفة "الثورة" الناطقة باسم حزب البعث ونائب مسؤول مكتب شؤون شمال العراق، وهو المكتب الذي يقوده الرئيس صدام حسين شخصياً. من جهته اعلن الدكتور أحمد الجلبي عن وصول ثلاثة من قيادات "فيلق بدر"، وهو الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية الى نيويورك للمساهمة في المؤتمر. كما وصلت الى نيويورك أيضاً مجموعة من السياسيين العراقيين قادمين من دمشق بينهم مشعان الجبوري وثلاثة من الضباط العراقيين المعارضين. وينتظر وصول ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي لمنظمة العمل الاسلامي في وقت لاحق، فضلاً عن حسن العلوي. ويشير ذلك الى موقف سوري مميز في مؤتمر نيويورك، اذ أبلغ الجبوري "الحياة" ان السلطات السورية أبلغت أطراف المعارضة العراقية بأنها حرة في المشاركة في المؤتمر. ولكن الجناح السوري لحزب البعث غاب عن نيويورك. وفهم العراقيون المجتمعون في نيويورك ان الادارة الأميركية لن تهتم بالاشارات التي اطلقتها بغداد عن إحداث تغييرات سياسية تعتمد تكوين أحزاب الى جانب حزب البعث الحاكم ومنابر صحافية غير رسمية. وقال مصدر مطلع ان الجانب الأميركي دخل في مناقشة تفاصيل تتعلق ب"العراق ما بعد صدام". وأضاف ان المعارضين العراقيين أبلغوه ان الولاياتالمتحدة اكملت استعداداتها لتغيير في العراق تكون اطاره من خلال "تدريب لضباط على انتقال سلمي للسلطة في العراق وتلقينهم أساليب الادارة المدنية وتدريب الجيش كي يكون حارساً للديموقراطية".