لم يكن حرص مسؤولي شركة "مصر للطيران" على عدم الرد على معلومات وتسريبات وردت في تقارير صحافية أميركية تهدف الى إلصاق تهمة التسبب في حادثة طائرة الشركة التي تحطمت بداية الشهر الجاري قبالة السواحل الشرقية الاميركية بأي من افراد طاقم الطائرة" خافياً من حال الاستياء التي بدت على وجوههم بعدما وجدوا انفسهم في موقف رد الفعل نتيجة سيل المعلومات غير الرسمية التي صدرت عن وسائل اعلام اميركية وتصب كلها في ذلك الاتجاه. ورفض مصدر مسؤول في الشركة التعليق على الانباء التي أفادت أن التسجيلات الصوتية للصندوق الأسود الثاني بينت ان قائد الطائرة أحمد الحبشي كان خارج حجرة القيادة قبل دقائق من وقوع الكارثة ثم دخلها وفوجئ بأن مساعده عادل أنور يتلو آيات قرآنية او عبارات دينية تتضمن كلاماً عن الموت وأن المساعد الثاني جميل البطوطي كان ارتكب خطأ متعمداً أو بغير قصد فسأله الحبشي عما فعله ثم تحطمت الطائرة. وأفاد المصدر ان اثنين من الخبراء المصريين توليا مهمة تفسير اصوات الطاقم هما محسن المسيري وإبراهيم عبدالرحمن وان الاثنين لم يبلغا المسؤولين في الشركة عن تلك الوقائع، كما نفى ان تكون الشركة تلقت بصورة رسمية أي تقارير صادرة عن جهات رسمية اميركية وعلى رأسها المجلس الوطني لسلامة النقل تلقي المسؤولية على أي من افراد الطاقم. وأوضح أن الشركة "ستستمر على نهجها في عدم الرد على تكهنات او تخمينات او مزاعم ترد في وسائل الاعلام ولن تتعامل الا مع ما يصدر بشكل رسمي من الاجهزة الاميركية المختصة". وأوضح المصدر ان رئيس الشركة المهندس محمد فهيم ريان سلم المسؤولين الاميركيين مستندات تثبت كفاءة افراد الطاقم وسلامتهم من الناحية الصحية والنفسية، كما ان فريقاً من المحققين الأميركيين فحص في القاهرة سجلات الطائرة المنكوبة واطلع على سجلها في عمليات الصيانة اضافة الى الشهادات الصادرة لمصلحة أفراد الطاقم التي تثبت كفاءتهم جميعاً. ولكون الرحلة من نيويورك الى القاهرة تستمر لمدة طويلة فإن وقت قيادتها يُقسّم على فريقين يتألف كل منهما من اثنين من الطيارين، ووفقاً لسجل الطائرة المنكوبة فإن قائدها منذ إقلاعها من مطار كنيدي في نيويورك وحتى تحطمها كان أحمد الحبشي وان مساعده كان عادل أنور. وكان من المقرر ان يتسلم الطيار رؤوف نورالدين قيادة الطائرة على أن يساعده جميل البطوطي في مرحلة لاحقه. وكان الأربعة موجودين داخل حجرة القيادة لحظة الكارثة ومعهم ثلاثة طيارين آخرين يعملون في الشركة كانوا في رحلة عودة من نيويورك من دون ان يكونوا مكلفين العمل ضمن طاقم الرحلة وهم حاتم رشدي وحسن فاروق وحاتم عز. وتحدثت "الحياة" الى واحد من أبرز طياري الشركة فرد على رواية وسائل الاعلام الاميركية للدقائق التي سبقت تحطم الطائرة وأوضح الطيار، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان كل طياري "مصر للطيران" يتلون "دعاء السفر" عبر الميكروفون على الركاب عند الاقلاع ونصه "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا الى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والاهل والولد". ورجح المتحدث ان يكون مساعد الطيار انور الذي قيل انه كان يتلو بعض العبارات الدينية قبل الكارثة يعيد تلاوة الدعاء بصوت مسموع، وأشار إلى أن كل العاملين المسلمين في المهن الخطرة وبينهم الطيارون يرددون بين وقت وآخر شهادة: "ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله" لشعورهم بأنهم في حالة قريبة من الموت بحكم عملهم. ونفى ان يكون بين افراد الطاقم أحد المحسوبين على جماعات دينية راديكالية، مشيراً الى ان طياري الشركة يخضعون لفحوص نفسية دورية وتجري عليهم تحريات أمنية بصفة مستمرة، وقال: "إن طياري الشركة خاضوا معركة قبل سنوات مع الادارة حققوا فيها نصرا بمنع بيع الخمور أو شربها على طائرات الشركة. وزاد: "من المستبعد ان يقدم أحد على الانتحار"، وبعدما ثبت ذلك بدأت الروايات تتناول بقية أفراد الطاقم واحدا تلو الاخر بمعلومات مغلوطة بغرض الايحاء بمسؤولية احدهم عن الحادث". وفي شأن المعلومات التي ذكرت ان البطوطي عمد الى ايقاف جهاز الطيار الآلي وعبث بأجهزة الطائرة ما ادى الى وقوع الكارثة، قال: "الطيار الالي يعمل لتثبيت مسار الطائرة وارتفاعها وسرعتها وفقاً لما يحدده قائدها، والمؤكد انه اوقف بعدما شعر القائد بمشكلة وليس قبلها". ولم تر مصادر رسمية في احالة التحقيق في كارثة الطائرة على مكتب التحقيقات الفيدرالي "اف. بي. اي" مؤشراً على مسؤولية احد افراد الطاقم في الحادثة، واعتبرت أن "القرار طبيعي لكشف غموض كارثة كبيرة في حال عجز أجهزة أخرى عن التوصل إلى نتائج". وتوقعت المصادر ان تستمر التحقيقات لفترة طويلة، ورجحت ان تشمل العاملين في مطاري لوس انجليس وكيندي للتأكد من ان شيئا ما لم يتم تسريبه الى داخل الطائرة وتسبب في تحطمها. وكان خبير الطيران المصري اللواء عصام احمد وهو رئيس الادارة المركزية لمعهد "مصر للطيران" أعرب مراراً عن اقتناعه بأن الطائرة "تعرضت لعملية تخريب ادت الى حدوث الكارثة"، ودلل على كلامه بالقول: "لا يمكن اغفال السبب وراء انشغال قائد الطائرة عن إطلاق اشارة استغاثة وانخفاض الضغط داخل حجرة القيادة وتفتت جثث كل ركاب الطائرة".