في ما يعتبر سابقة في تاريخ القضاء الكويتي أصدرت دائرة الجنح المستأنفة في المحكمة الكلية أمس حكماً نهائياً ونافذاً بحبس الكاتب المدّرِس في جامعة الكويت الدكتور أحمد البغدادي شهراً، بعد ادانته بالطعن في ثوابت الشريعة الاسلامية وشعائرها. وقال البغدادي ل"الحياة" أنه سيتقدم مع محاميه ومفكرين ومثقفين كويتيين الى السلطات فور استكمال الاجراءات، ليسلم نفسه تمهيداً لسجنه "طاعة للقانون الذي طالما طالبت بخضوع الجميع اليه". واضاف: "كنت اتوقع الحكم وأنا حزين جداً لصدوره لكنني اتمنى ألا يمنع الكتّاب الآخرين من التعبير عن آرائهم بحرية". وكانت محكمة الدرجة الأولى قضت بسجن البغدادي ستة شهور، وخُفّض حكم الاستئناف المدة الى شهر، ولم يكن البغدادي في قاعة المحكمة في قصر العدل أمس لدى صدور الحكم النهائي، وبالتالي لم يعتقل ولكن من المحتمل صدور امر "ضبط واحضار" بحقه خلال أيام، اذا لم يسلمّ نفسه. وصدر مطلع السنة حكم بسجن رئيس تحرير صحيفة "القبس" سابقاً محمد الصقر، ستة شهور، في قضية تتعلق أيضاً بالاساءة الى الدين، لكن محكمة الاستئناف ألغت الحكم. واتُهم البغدادي بالاساءة الى الرسول صلى الله عليه وسلم، كونه زعم مرة ان "الرسول فشل في جهود الدعوة في المرحلة المكية قبل الهجرة". لكن البغدادي قال ل"الحياة" أمس ان "قصد الاساءة الى الرسول ليس قائماً بل كتبت تحليلاً عن الممارسة الدعوية في المرحلة الأولى من الاسلام". وأشار الى أن وزير التربية السابق سليمان البدر "كان قال الرأي ذاته والعبارات نفسها في قضية أثيرت العام الماضي، وكان الحكم القضائي بحق الوزير غرامة 50 ديناراً فقط، وهناك في الكتب المدرسية وكتب مجازة من وزارة الاعلام تعليقات مشابهة عن الرسول لم يقل أحد انها تسيء اليه، كما قيل عما كتبت، مما يثير علامات استغراب حول الدوافع وراء قضيتي". وتابع: "قضيتي في المحاكم منذ ثلاث سنوات في ظل أجواء الصراع والتحريض والتأجيج من جانب التيار الديني". وانتقد زملاء ليبيراليون للبغدادي الحكم القضائي بشدة، وقال الدكتور شملان العيسى ل"الحياة": "هذا يوم أسود في تاريخ الكويت، اذ أصبح عندنا وللمرة الأولى سجناء رأي". واتهم جماعات بالتحريض على البغدادي من خلال الكتابات في الصحف واصدار البيانات، ورأى ان "ما كتبه لا يستحق هذا الحكم القاسي بل لا يجوز أن تكون لدينا أحكام بالسجن في قضايا النشر والرأي. حتى لوكان البغدادي أخطأ في ما كتب، كان ممكناً أن يُنذر أو أن يلفت نظره، لا أن يسجن". واعرب عن خشيته من الأحكام التي ستصدر في قضايا ضد الأديبتين ليلى العثمان وعالية شعيب و"قضية مرفوعة ضدي". الى ذلك نفى رئيس تحرير مجلة "الفرقان" الاسلامية وائل الحساوي ان يكون الحكم بسجن البغدادي صدر بتحريض من الاسلاميين، وقال ل"الحياة": "ماكنا نتمنى أن يصل البغدادي الى ما وصل اليه، لكنه تخطى كثيراً من الثوابت وأساء الى رموز أجمع المسلمون على تقديسها، والحكم ضده أصدره القضاء النزيه والمحايد، بعد نظر في القضية استمر سنوات، وجاء التأجيج والضغط على القضاء من جماعة البغدادي الذين أعلنوا تشكيل جمعية للدفاع عن حرية التعبير كأن الدستور أو النظام القضائي الكويتي لا يرعىان هذه الحرية وينظمانها". ورأى ان "بعض العلمانيين سيثيرون زوبعة كبيرة وراء هذا الحكم، وسيسيئون الى سمعة الكويت كثيراً، وسيحّرضون البغدادي ليكون بطلاً في قضية خاسرة أتمنى ألا يستجيب لهم وأن تكون له في هذه التجربة عبرة"