اغارت طائرات روسية على قافلة لاجئين شيشانيين في طريقها الى جمهورية انغوشيا المجاورة وقتلت خمسين مدنياً، حسب مصادر غروزني. وقدمت موسكو "تفسيراً" لتصريحات الرئيس بيل كلينتون الذي دعا الى "وقف القتال وبدء الحوار" في الشيشان. وذكر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان واشنطن "تؤيد اجراءات مكافحة الارهاب"، فيما نفى وزير الخارجية ايغور ايفانوف وصول طلب رسمي من الاممالمتحدة لارسال بعثة لتقصي الحقائق وواصلت القوات الفيديرالية امس محاولاتها تطويق العاصمة الشيشانية و"تطهير" غوديرميس ثاني مدينة في الجمهورية. وذكرت وزارة الدفاع ان اهدافاً في غروزني وضواحيها قصفت جواً وبنيران المدفعية، واضافت ان الطوابق الارضية في المدينة هيئت للدفاع وجرى زرع الالغام في الشوارع الاساسية ما يعني ان الشيشانيين يتوقعون اقتحاماً قريباً لغروزوني. وعلى رغم تأكد الدائرة الصحافية لقوات القوقاز ان المقاتلين انسحبوا من غوديرميس ولم يبق فيها سوى 50 مسلحاً، فان الوحدات الروسية لم تدخل المدينة. ويعزى ذلك الى احتمال تمرد القائد الميداني المدافع عن غوديرميس سليم يامودايف على القيادة المركزية في غروزني. ومعروف ان يامودايف قريب وحليف لمفتي الشيشان احمد حاج قادر الذي كان الرئيس اصلان مسخادوف اصدر مرسوماً باعفائه. وذكر ناطق رسمي باسم المفتي امس انه قرر تشكيل "فصائل دفاع لمكافحة السلفيين والارهابيين" في غوديرميس والمناطق المحيطة بها. وعلى صعيد آخر تفاقمت مشاكل اللاجئين بعدما اغلقت الممر الاساسي الذي يربط الشيشان بجمهورية انغوشيتيا. وذكر الجنرال فلاديمير شامانوف قائد الجيش 58 ان الممر لن يفتح الا الاحد لمدة ثلاثة ايام فقط، ما يحكم على بضعة آلاف من المهاجرين بالبقاء في العراء عند المعابر الحدودية. واعربت لجنة الصليب الاحمر الدولي عن القلق البالغ لوضع المدنيين، وطالبت بمنحهم "فرصة الخروج" من منطقة النزاع وفتح ممرات لعبور مساعدات انسانية. واكدت ممثلية وكالة الغوث الدولية ان موسكو وافقت على ايفاد "بعثة تقويم" الى شمال القوقاز لدرس الوضع الانساني. وذكر المكتب الاعلامي للوكالة ان البعثة لن تعبر الى الاراضي الشيشانية بل "ستهتم بأوضاع من غادروا الجمهورية". وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان انه ينوي ارسال "بعثة لتقصي الحقائق" لكن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف اكد انه لم يستلم طلباً رسمياً من انان في هذا الشأن. وتتعرض موسكو لضغوط متزايدة، داخلية وخارجية، لدفعها الى الحوار مع غروزني. واكد كلينتون أ ف ب ضرورة "ايجاد حل سياسي" للازمة الشيشانية ودعا الى "وقف القتال وبدء الحوار". وشدد على ان العمليات العسكرية وحدها لا يمكن ان تحقق السلام، واشار الى انه عندما توجد "مشاكل عرقية ودينية … يتعين على الناس ان يوقفوا القتال ويبدأوا الحوار". وقدم رئيس الوزراء الروسي تفسيره الخاص لكلام الرئيس الاميركي وذكر ان كلينتون "لم يعرب عن قلق ازاء الاجراءات الصارمة التي تتخذها روسيا ضد الارهاب … بل على العكس فان المجتمع الدولي يؤيد تعاملنا الصارم مع الارهاب". واضاف ان موسكو تؤيد القول "القضايا السياسية لا تُحل الا بأساليب سياسية" لكن الادارة الاميركية "تؤيد اجراءاتنا في مكافحة الارهاب". وفي السياق ذاته اشار ايفانوف اثر لقائه نائب وزير الخارجية الاميركية ستروب تالبوت الى ان الغرب "يتفهم التحرك الروسي … لتصفية بؤر الارهاب". واثر هذه التصريحات اعلن السفير الاميركي في موسكو جيمس كولينز ان الولاياتالمتحدة تؤيد فعلاً مكافحة الارهاب ولكن "لديها شكوك في شأن مراعاة حقوق الانسان". واضاف ان المواطنين الاميركيين يتساءلون "هل تولي الحكومة الروسية اهتماماً كافياً لتفادي … مصرع المدنيين" في الشيشان؟ وتوقع خبراء روس تزايد الضغوط على موسكو بسبب تفاقم الكارثقة الانسانية اولاً، ولاقتراب موعد قمة منظمة الامن والتعاون الاوروبي في اسطنبول ثانياً. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن مصادر مطلعة في وزارة الدفاع ان العمليات في الشيشان قد تنتهي قبل 19 تشرين الثاني نوفمبر وهو موعد توقيع معاهدة "تقييد التسلح" وبموجب هذه المعاهدة يحق لروسيا ان تحتفظ في شمال القوقاز ب1300 دبابة و2140 ناقلة جند و1680 مدفعاً من العيار الثقيل. واكدت المصادر ان موسكو "تجاوزت العدد" حالياً ولكن الدول الاخرى "تغاضت" حتى الآن عن ذلك الا ان موقفها سيتغير بعد توقيع النص المعدّل للمعاهدة.