توقعت مصادر جزائرية أن يعلن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الأسبوع المقبل، تغييرات في المؤسسة العسكرية تُعد من الأكثر أهمية منذ استقلال البلاد في 1962. وقالت هذه المصادر ل"الحياة" إن هذه الحركة في أسلاك المؤسسة العسكرية كانت مبرمجة منذ أيام الرئيس السابق اليمين زروال، لكنها أُرجئت بعد تدهور الوضع الأمني في آب اغسطس 1997. واقتصرت التغييرات آنذاك على حركة جزئية طاولت ثلاثة من مسؤولي النواحي العسكرية الست. وتابعت ان التغييرات المرتقب إعلانها في الذكرى 45 لثورة التحرير الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل ستشمل أفرع القوات المسلحة كافة، لكنها لن تشمل القادة الأساسيين للمؤسسات الأمنية، وتوقعت ان تتم ترقية عدد من هؤلاء. وتقول المصادر نفسها إن التغييرات تتم باقتراح من قائد أركان الجيش الفريق محمد لعماري وضباط نافذين في المؤسسة العسكرية. ويبدو ان الرئيس بوتفليقة فضّل تنفيذها على مرحلتين: الأولى تمت في إحتفالات عيد الإستقلال، في 5 تموز يوليو الماضي، وشملت ترقية عدد من الضباط. أما الثانية فقد تم الجزء الأول منها في آب اغسطس الماضي حيث تم تغيير مسؤولي بعض الملحقات العسكرية في الخارج، في حين يُتوقع أن يتم الإعلان عن الجزء الثاني من العملية، وهو الأكثر أهمية، بمناسبة الاحتفالات بذكرى انطلاق الثورة. وتوضح ان المؤسسة العسكرية التي تريد ان تؤكد ان هذه التغييرات تتم بتنسيق معها، لجأت عبر أوساط نافذة فيها، الى تسريب المحاور الأساسية للتغييرات عبر يومية "الخبر" الصادرة أمس. إذ أفادت الصحيفة ان حركة التغيير الشاملة ستطاول إحالة الضباط القدماء من الرعيل الأول للثورة المسلحة في مختلف القوات البحرية والجوية والبرية على التقاعد. كذلك يرتقب أن يُحال أربعة من قادة النواحي العسكرية الست على التقاعد مع 17 جنرالاً آخر من مختلف القوات. وبين هؤلاء الطيب دراجي المسؤول الحالي عن قوات الدرك، وكمال عبدالرحيم قائد الناحية العسكرية الثانية، ورباح بوغابة مسؤول الناحية الأولى الذي يُقال انه ساهم في الاتصالات مع "الجيش الإسلامي للإنقاذ" للتوصل الى الهدنة في 1997. وبالنسبة الى المناصب العسكرية في الخارج، تذكر المصادر ذاتها أن سبعة جنرالات يرأسون الملحقات العسكرية في الممثليات الديبلوماسية في الخارج سيحالون على التقاعد. وتابعت أنه سيتم مستقبلاً تعيين عقداء بدل جنرالات في هذه المناصب. وتشمل هذه الحركة، بحسب المصادر، عشرات الضباط تتراوح رتبهم بين ملازم أول وعقيد وغالبيتهم تجاوز سن التقاعد. وعشية إعلان هذه القرارات، صدر بيان من رئاسة الجمهورية أعلن فيه الرئيس بوتفليقة منح وسام بدرجة "عشير" من درجة الاستحقاق الوطني بعد الوفاة ل 128 عسكرياً قتلوا في مواجهة "الجماعات الإرهابية" خلال السنوات الماضية. وشدد بيان الرئاسة على التأكيد أن هذه الخطوة جاءت "عرفاناً من الأمة لتضحياتهم من أجل الوطن". وفي سياق هذه الترتيبات، بادر بوتفليقة، أول من أمس، إلى إصدار مرسومين رئاسيين يقضي أولهما بإلغاء المرسوم الرقم 89/44 المؤرخ في 10 آب اغسطس 1989 والمتعلق بالتعيينات في الوظائف المدنية في الدولة، في حين يحدد الثاني القواعد الجديدة التى يتعين تطبيقها من الان فصاعداً. ويهدف رئيس الجمهورية من خلال المرسومين إلى "إسترجاع صلاحياته الدستورية كاملة" سيما المادة 77 والمادة 87 والتي "تؤكد أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني". ومن هذه السلطات، سلطة التعيين في المؤسسات المدنية والعسكرية من أعلى الهرم إلى أدناه وهو الأمر الذي كان يوكل في العادة للمؤسسات المختصة. وفي هذا الإطار، فضل الرئيس بوتفليقة أن يعين هو شخصياً الأمناء العامين للولايات ورؤساء الدوائر الإدارية بدل وزير الداخلية الذي كان يتمتع في السابق بالتفويض الكامل في هذه التعيينات. الولايات وكما كان متوقعاً، أعلن بوتفليقة، أول من أمس، حركة واسعة في سلك الأمناء العامين للولايات ورؤساء الدوائر شملت 20 من الامناء العامين للولايات و318 رئيس دائرة. وتعد هذه الحركة الثانية من نوعها التي تمس جهاز الإدارة بعد حركة التغيير في قطاع الولاة مع نهاية آب الماضي. وأفاد بيان للرئاسة ان هذه الحركة تهدف "إلى إعادة الاعتبار للادارة العمومية" من خلال "حسن اختيار من يولى وتكريس مبدأ إسناد المسؤولية على أساس الاستقامة الخلقية والجدارة والاستحقاق".