اعترف قائد الانقلاب العسكري في باكستان الجنرال برويز مشرف لدى استقباله صحافيين اتراكاً، أمس، بأن مؤسس الدولة العلمانية في تركيا مصطفى كمال اتاتورك "مصدر وحي كبير" له، في تعليق على ما شاع في اسلام آباد عن "استنساخ النموذج التركي" في صيغة مجلس الامن القومي الذي اعلن انشاءه. وظهر تباين في موقفي واشنطنولندن ازاء الانقلاب، اذ جاءت ردود الفعل الاميركية على خطاب شريف مساء اول من امس، اكثر ميلاً الى الترحيب، فيما لعبت لندن دوراً رئيسياً في تعليق عضوية باكستان في منظمة الكومنولث، ربما حرصاً منها على عدم تشجيع مزيد من الانقلابات في دول المنظمة راجع ص7. وكان الترحيب الاميركي نابعاً من محاولة مشرف التهدئة مع الهند و"لهجته التصالحية" تجاهها، حسبما قال الرئيس الاميركي بيل كلينتون الذي لم يخف "خيبة الأمل" لديه لأن الخطاب "لم يتضمن التزاماً بجدول زمني" للتحول الى الديموقراطية في باكستان، معرباً عن أمله في أن يتم ذلك قريباً. وما لم يقله كلينتون عن رغباته في موقف باكستاني اكثر تشدداً ازاء الارهاب، اشار اليه السفير الاميركي في اسلام آباد بقوله: "كنا نود أن نسمع منه تعهداً واضحاً بملاحقة الإرهابيين وأسامة ابن لادن"، مستبقاً بذلك كلام وزير الدفاع الاميركي الذي وصل لاحقاً الى البحرين، ومؤكداً موقف واشنطن الداعم لخفض التوتر على الحدود الباكستانية - الهندية. واتخذت باكستان خطوات عملية في هذا الاتجاه. وبدأت بانسحاب أحادي الجانب على امتداد حدودها مع الهند التي لم تعر هذه الخطوة اهمية كبيرة على ما يبدو. ونقل عن قائد الجيش الهندي قوله: "لا ينبغي ان نعطي الاعلان الباكستاني اكثر مما له من اهمية"، مشيراً الى أن بلاده ترغب في البداية في تقويم الوضع على طول "خط المراقبة" في كشمير حيث الوضع أكثر توتراً. وواصلت القوى الأصولية في الشارع الباكستاني "احتضانها" للانقلاب العسكري. ورحب الناشطون الكشميريون بالتزام مشرف "الدعم المعنوي والديبلوماسي" لهم، فيما ركزت القوى المؤيدة ل"طالبان" على الاهمية التي توليها المؤسسة العسكرية لافغانستان، باعتبار ان الاخيرة تشكل "عمقاً استراتيجياً بالغ الاهمية لباكستان في مواجهة عدوها التقليدي" الهند. واستحوذ الملف الداخلي على قدر كبير من اهتمام النظام العسكري، في محاولة لاسترداد اموال، قد تعين اسلام آباد على تجاوز ضائقة تترقبها في المرحلة المقبلة. كما انصرف الحكام العسكريون الى ملف "الفساد والمحسوبية في الاعلام". وبدأت الاجراءات على هذا الصعيد تطاول شخصيات اعلامية معروفة. والتزم العالم العربي الصمت ازاء التطورات في باكستان، باستثناء الموقف السعودي الذي جاء في اجتماع لمجلس الوزراء رأسه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مؤكداً انه يتابع ب "قلق واهتمام شديدين" الاحداث الجارية في باكستان، متمنياً "ان يسود العقل والحكمة بما يحفظ لدولة باكستان الشقيقة امنها ورخاءها لمواصلة تأدية دورها على الساحة الاسلامية والدولية، لتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة". واكد الملك فهد ان بلاده "تقف مع الشرعية" في ما يتعلق بالظروف الراهنة التي تمر بها باكستان.