صدر عن "دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع" في القاهرة كتاب "الوثائق العثمانية" للدكتور محمود عباس حمودة الاستاذ في جامعة القاهرة، ويتضمن التعريف بأهم مجموعات الوثائق المودعة في دور ومراكز الوثائق في تركيا ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ودراسات لمجموعات من وثائق الزواج والطلاق والبيع والايجار والوقف والاستبدال صادرة من محاكم شرعية عدة في مصر. ويؤكد الكتاب ان المؤرخ العربي يفتقد الوثائق كمصدر تاريخي بسبب عدم اهتمام دور الوثائق في كثير من البلاد العربية بهذا الجانب، فضلاً عن قلة الوثائق نفسها وتفرقها في اكثر من مكان. كما ان افتقاد كل بلد عربي الى الوثائق يجعل من تاريخه سلسلة من الاحداث المبتورة التي يحار المؤرخ في تأريخها واستنباط احداثها واحوالها لعدم وجود الاصول التاريخية. وهذا ما يفتقر اليه التاريخ العربي العام حتى الآن، حسبما يرى المؤلف. ويسوق المؤلف، على سبيل المثال، تاريخ بعض البلاد العربية في شمال افريقيا في العهد العثماني. وهو تاريخ ينقصه الكثير من المصادر، ولم يُؤرخ حتى الآن بشكل كامل لأسباب عدة اهمها ان العلوم المساعدة للتاريخ العثماني لا تزال في طور التكوين في العالم العربي خصوصاً دراسة اللغة التركية، ولأن اكثر الدفاتر والوثائق حُرر باللغة العربية وبخط مغربي يختلف جودة ورداءة من دفتر الى آخر، بينما حُررت الوثائق والدفاتر المهمة مثل "الروزنامة" والتقاسيط" و"التذاكر الديوانية" بلغة تركية اصطلح على تسميتها بالعثمانية وهي صعبة القراءة. يضاف الى ذلك ان موظفي الاجهزة من الاتراك القائمين على الشؤون المالية والادارية كانوا لا يتمتعون بثقافة واسعة مما أنتج الاخطاء الكثيرة ورداءة الاسلوب. ومن الاسباب ايضاً: كتابة بعض الوثائق والدفاتر بخط "القيرمة"، وهو الخط الحكومي المصطلح عليه في سائر ولايات الدولة العثمانية وفي عاصمة الخلافة نفسها. وهو خط دفتري كانت تُحرر به الدفاتر والاوراق الحسابية مثل دفاتر مرتبات الانكشارية في ولاية الجزائر في القرن الثاني عشر الهجري. ويضاف الى ما تقدم تفرق وثائق المنطقة بين دول عدة مثل تركيا وايطاليا واسبانيا، ومنها الرسائل التجارية المتبادلة بين العملاء في الجانبين، والرسائل الخاصة بالقناصل، وتقارير سفراء البندقية في دراسة الحياة الاجتماعية والتجارية. لذلك يرى المؤلف انه يجب على المؤرخ الإلمام بتلك المصادر والوثائق الأصلية لاستكمال الحلقات المفقودة عن تاريخ دول شمال افريقيا