في حضور السيدة سوزان مبارك وحشد من الفنانين والمثقفين، تدشن مساء اليوم عروض أوبرا "عايدة" العالمية لنهاية القرن العشرين خلف أهرامات الجيزة، في الموقع نفسه الذي أقيمت فيه العام الماضي، وتستمر الى 17 من الشهر الجاري. واللافت هذا العام هو حرص دار الاوبرا المصرية - التي تشرف على تنظيم العروض - على تطعيمها بعناصر مصرية على كل الأصعدة بعد اقتصارها في الأعوام السابقة على الأجانب ممن لهم الشهرة العالمية. وأبرز العناصر المصرية هو الإخراج الذي تولاه راقص الباليه ومدير فرقة باليه أوبرا القاهرة الدكتور عبدالمنعم كامل الذي اعتمد سينوغرافيا جديدة في عملية الإخراج تواكب الدخول الى الألفية الثالثة. فخشبة المسرح صممت في شكل دائري يمثل قرص الشمس رمز الإله "رع" عند المصريين القدماء، كما أنه يشبه الأطباق الطائرة أحد الرموز العصرية "عصر الفضاء"، وأقيمت قبة ضخمة فوق الخشبة ارتفاعها 15 متراً، وزود المسرح - الذي تبلغ مساحته الكلية 4200 متر مربع - بجناحين متحركين يتسع كل واحد منهما لمئة فنان، فيما ينتصب فوق المسرح قوس نصر ضخم بارتفاع 21 متراً، أما مفاجأة الإخراج الحقيقية هي أن قائد الجيوش المصرية "رادميس" سيدخل المسرح طائراً في مشهد الاحتفال بانتصار الجيش المصري على جيش الحبشة. وعلى صعيد الغناء تشارك عناصر مصرية للمرة الأولى بلعب أدوار مهمة في الأوبرا، منها السوبرانو إيمان مصطفى التي ستتناوب على أداء دور "عايدة" مع كل من لوتشيا مازاريا وسيلفي فالاير، والفنان جابر البلتاجي الذي سيتناوب على لعب دور "أموناصرو" مع كل من ألبير توماسترو مارينو وآلان فونداري. والفنان رضا الوكيل الذي ينفرد طوال سبعة عروض بتقديم دور "رامفيس". فيما تلعب دور كبيرة الكهنة الفنانة جيهان فايد. وللمرة الأولى تم تصميم وتنفيذ خشبة المسرح ومقاعد المتفرجين بأيدٍ مصرية بعد اعتذار الشركة السويسرية التي كانت تنفذه في الأعوام السابقة، وتولى عملية التنفيذ هذا العام مهندسو الجيش المصري. ويشارك في العرض 1500 جندي من جنود الأمن المركزي يستبدلون في العرض ملابسهم العسكرية الحديثة بأخرى فرعونية ليمثلوا دور الجيش المصري القديم. يذكر أن أوبرا "عايدة" قدمت من قبل في مصر في خمسة عروض عالمية، أولها كان في منتصف الثمانينات أمام أبو الهول والاهرامات، والمرة الثانية بعدها بعامين في معبد الاقصر، ثم قدمت عامي 1994 و1997 أمام معبد الدير البحري في الاقصر، وعادت من جديد العام الماضي لتقدم عند أهرامات الجيزة، بعد قرار الرئيس مبارك بإقامتها في عروض عالمية سنوياً. وكان الموسيقار الايطالي فيردي قد وضع موسيقى الاوبرا عام 1870 عن قصة لعالم المصريات أوغست مارييت، بتكليف من الخديوي اسماعيل لتقدم في إطار الاحتفالات بافتتاح قناة السويس، وفي افتتاح دار الأوبرا المصرية القديمة. وتقاضى فيردي في مقابل ذلك 150 ألف فرنك فرنسي. غير أنه تأخر عن الموعد المحدد سلفاً، وقدمت بدلاً منها أوبرا "ريجوليتو"، فيما قدمت "عايدة" للمرة الأولى في 24 كانون الاول ديسمبر 1871 في دار الاوبرا المصرية.