انتقدت هيئة شؤون الأنصار التي ينتمي اليها زعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي الرئيس السوداني عمر البشير وحملته مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الحرب في الجنوب. وفي موازاة ذلك، اعلنت الحكومة السودانية تصفية الخلافات التي نشبت اخيراً بين الفصائل الجنوبية المتحالفة معها. كما اكدت ان اتصالات تجري بين مسؤولين اميركيين وسودانيين بهدف تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسودان. ووجهت هيئة شؤون الانصار انتقادات حادة الى الحكومة السودانية وحملتها مسؤولية "ضيق العيش وهجرة الناس واتساع دائرة الحرب". واعتبرت اغفال خطاب رئيس الجمهورية وأجهزة الاعلام الرسمية لدور عبدالرحمن المهدي في استقلال السودان طمس للتاريخ ومحاولة لتحريف وقائعه. وقال احد قادة الهيئة خطيب مسجد ودنوباوي "ان الحكومة تمسكت بالشكليات ورفضت استلام مذكرة المعارضة ونست ان زعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي تنازل عن صفته كرئيس للوزراء منتخب وشرعي لدى لقائه زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق حقناً للدماء ورغبة في السلام". رد حكومي ورد امين المؤتمر الوطني في الخرطوم الدكتور معتصم عبدالرحيم على موقف الانصار، وقال ان حكومة "الانقاذ" جادة في بسط الحريات، وان رفض مذكرة المعارضة لا يعني قفل باب الحوار. ونفى ان تكون حكومة "الانقاذ" متجاهلة لدور الرواد في الاستقلال وقال "إن الانقاذ شيدت جامعة الامام المهدي وأحيت ذكرى كرري وام دبيكرات". كلينتون - اسماعيل من جهة اخرى، كشف وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل لپ"الحياة" تفاصيل جديدة عن لقائه الرئيس الاميركي بيل كلينتون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال انه بادر الى مقابلة كلينتون مبرراً ذلك بأنه "صاحب قضية" ومن حقه ان يصل الى اي مكان ومهما كانت خطورته "لأن القضية عادلة". وقال اسماعيل انه بادر بطرح قضية ضرب مصنع الشفاء على الرئيس الاميركي وتوضيح وجهة نظر السودان ازاء القصف الاميركي على المصنع في الخرطوم. وأكد موقف بلاده بأن المصنع المعني ينتج ادوية ولا ينتج مواد تستخدم في تصنيع اسلحة كيماوية. كما جدد مطالبة السودان بارسال بعثة لتقصي حقائق دولية. وأشار الى ان مبادرته للحديث الى كلينتون كانت بداية للحوار بين البلدين. وان الرئيس الاميركي تفهم القضية وكان موقفه ايجابياً، اذ طلب من جهات على مستوى عال في وزارة الخارجية الاميركية مواصلة الحوار. وقال ان هذا العام للحوار وان وزارة الخارجية السودانية تعتمد نهج الحوار في العلاقات الخارجية ومهما بلغت درجة الخصومة مع الولاياتالمتحدة او بريطانيا. قنوات الاتصال وعلمت "الحياة" ان قناة الاتصال للحوار السوداني - الاميركي في شأن القضايا موضع الخلاف بين البلدين تتم عبر مندوبي البلدين في الأممالمتحدة. وان مندوب السودان في المنظمة الدولية الفاتح عروة اجرى اتصالات مكثفة لتنشيط هذا الحوار. يذكر ان الحكومة الاميركية تشترط لتحسين علاقاتها مع الخرطوم ان تغير الحكومة السودانية من سياساتها وتنبذ الارهاب و"تلتزم السلوك الدولي المتحضر". وتشمل القضايا موضع الخلاف بين واشنطنوالخرطوم قضايا الارهاب، وحقوق الانسان والديموقراطية والحرب الاهلية في الجنوب والاستقرار في الاقليم وعدم تهديد المصالح الاميركية في المنطقة. مشار من جهة اخرى، قال مساعد رئيس الجمهورية رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الدكتور رياك مشار ان مشاورات مكثفة جرت في اوساط قيادات جبهة الانقاذ الديموقراطية عقب خطاب الرئيس عمر البشير لمناسبة الاستقلال وان اصواتاً داخل الجبهة نادت بتأسيس حزب سياسي يحمل اسمها. وأوضح مشار ان جبهة الانقاذ الديموقراطية، وهي ابرز الفصائل الجنوبية المتالحفة مع الحكومة ووقعت معها على "اتفاقية الخرطوم للسلام"، "ستتخذ قرارها في شأن مستقبلها بعد تقويم الاوضاع والممارسة السياسية". وزاد: "ان الجبهة موجودة ولم تحل وما يربطها بالمؤتمر الوطني التنظيم الحاكم ائتلاف وتحالف". وكشف ان اصواتاً داخل الجبهة تطالب بتحويلها الى حزب سياسي. الى ذلك دعا عضو اللجنة المركزية لجبهة الانقاذ الديموقراطية ويلس وال الاعضاء الى عدم الانضمام لعضوية المؤتمر الوطني. وأكد ان الجبهة لا ترغب في الانضمام الى المؤتمر الوطني حالياً، وان كل من ينضم الى المؤتمر يمثل نفسه. لكنه اوضح ان جبهة الانقاذ ستحتفظ بعلاقاتها مع المؤتمر الوطني. المعتقلون وعلى صعيد آخر، أعلن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية والسياسية عبدالباسط سبدرات خلو المعتقلات والسجون من أي معتقل سياسي. وقال ل "الحياة" إن الرئيس عمر البشير لم يتطرق لذكر العفو العام في خطابه لمناسبة الاستقلال لأن الاعلان عن العفو صدر لدى إجازة الدستور. وأكد ان العفو لا زال قائماً. وأكد سبدرات ان الممتلكات المصادرة من بعض أركان المعارضة السودانية اعيدت إلى أصحابها وبينها ممتلكات زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي رئيس التجمع الوطني الديموقراطي السيد محمد عثمان الميرغني، إلى جانب ممتلكات آخرين من المعارضة. الشورى إلى ذلك، قال وزير الدولة لشؤون رئاسة مجلس الوزراء محمد الأمين خليفة إن نهج الشورى الذي اعتمدته "الإنقاذ" وسيلة لإدارة شؤون البلاد يعد التزاماً منها لترسيخ مضامين التوجه الاسلامي في التصدي لقضايا الوطن. وأضاف "ان غياب الشورى في الممارسة يؤدي إلى الطغيان وادعاء القداسة باسم الدين". وقال خليفة في ندوة في جامعة الخرطوم: "ان الشورى الواسعة التي أرستها الانقاذ من خلال المؤتمرات جاءت لإشراك أهل الرأي والخبرة في وضع الحلول لكثير من المشاكل التي تواجه السودان في المجالات كافة ... ان التطور الحقيقي في الشورى ممثل في ارساء نظام الحريات المقبلة تحت مظلة التوالي السياسي الذي جاء ليبسط الحريات وممارسة الشورى تحت مظلة الدستور". الفصائل الجنوبية وفي إطار مشروع الحكومة تطبيق سياسة "السلام من الداخل"، أعلن الطاهر حمدون مستشار رئيس الجمهورية للسلام ان البلاد ستقطع شوطاً كبيراً في مجال تطوير مشروع السلام من الداخل خلال السنة 1999. وأكد انتهاء الخلافات بين الفصائل الموقعة على "اتفاقية الخرطوم للسلام" سواء كان ذلك في الولايات الجنوبية أو في الخرطوم. وأشار إلى "ان السودان يعيش في مرحلة التصالح الشامل"، وان كل السلبيات التي حصلت في الفترة الماضية ستنتهي بحلول شباط فبراير المقبل، وانه مضي عام من تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة في نيسان ابريل 1997 لا بد ان يصحبه وعي. وكشف حمدون ان اتصالات تجري مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق في شأن مفاوضات السلام المقبلة في نيروبي. وتوقع ان تصل هذه الاتصالات إلى نتائج ملموسة.