عاشت الالعاب الاولمبية القديمة من 884 قبل الميلاد الى 394 بعده ثم اعدمها الامبراطور الروماني ثيودوس لأنها العاب "وثنية" اطلقها "الاعداء" الاغريق. اي انها دامت 1278 عاماً. وانبعثت الالعاب الحديثة عام 1896، اي لم يتجاوز عمرها 103 سنوات. وبرغم الهزة العنيفة التي تتعرض لها حالياً، فإن ركائزها قادرة على الصمود، ولن تلعب فضيحة الرشاوى التي تقض مضاجع الكثيرين ومنهم رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش، الدور الذي لعبه ثيودوس الاول. ذلك ان شريحة هائلة من البشر من الدورات الاولمبية. الى ذلك، فإنها تحقق ارباحاً طائلة من التغطية التلفزيونية ورعاية الشركات التجارية والصناعية الكبرى... هذا يعني ان ليس من السهل ابداً هدم هذه الامبرطورية التي زرعت لنفسها مكاناً في كل انحاء المعمورة من دون نقطة دم واحدة. في الامس القريب، كانت المدن التي تنظم دورة اولمبية تئن من الخلل في موازناتها على مدى سنوات. ولكن، اعتباراً من اولمبياد 1988، صارت استضافة الدورة حلماً لتحسين البنية التحتية "مجاناً" وتحقيق ارباح طائلة... وعندما يوجد المال تبدأ الاغراءات لشراء الاصوات هناك 114 عضواً في اللجنة. وبقي الحديث عن تدخل عنصر المال سائداً الى ان تولى السويسري مارك هودلر كشف المستور عندما تحدث عن ممارسات شاذة قبيل الاقتراع على من سينظم اولمبياد 2002 الشتوي فبدأت التحقيقات وكرّت السبحة. وامس فقط، طالب فرانشيسكو روتيللي عمدة العاصمة الايطالية روما بأن يتم الاقتراع مجدداً على هوية المدينة المنظمة لدورة 2004 الصيفية بحجة "ان الشفافية لم تكن واضحة في الاقتراع وان روما كانت تتمتع بأفضلية كبيرة على اثينا قبل ساعات قليلة من فرز الاصوات". وخلال التحقيقات في فضيحة سولت لايك، اعترف رئيس اللجنة الاولمبية الاسترالية جون كوتس بأنه منح عضوين اولمبيين 70 الف دولار مناصفة ليضمن صوتيهما ولتفوز سيدني بتنظيم اولمبياد 2000. وقد فازت سيدني بالدورة فعلاً على حساب بكين. وبعد تحقيقات سولت لايك، تبين ان 9 اعضاء ارتشوا وقد استقال منهم 4 واتخذت توصية نهاية الاسبوع الماضي بطرد الخمسة الآخرين، وهي تحتاج الى مصادقة الجمعية العمومية التي ستجتمع في 17 و18 اذار مارس المقبل في لوزان، ووضع مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي اف بي آي يده على الملف، وقد يطالب المتهمين بتعويضات ضخمة. وصارت اللجنة الاولمبية هدفاً لانتقادات حادة طاولت سامارانش، وتحدث الكثيرون عن تاريخه "الفاشستي"، فشنت صحف الصين هجوماً عنيفاً على اللجنة "دلت التحقيقات الى ان السائد حالياً هو تكريم اصحاب النفوذ... إن اصلاح الصورة لا يمكن ان يتم الا عندما تقنع اللجنة المجتمع الدولي بأنها قادرة على ان تنضبط، وهذا ما يتطلب اصلاحات سريعة لقوانينها وليس مجرد طرد عدد من اعضائها... قيل الكثير جداً عن فضائح المنشطات لدى اللاعبين ولم يقل الا القليل عن فضائح الرشوة الى ان اصاب الفيروس جسد اكبر سلطة رياضية في العالم".