كثفت الطائرات الاميركية امس ضرباتها التي استهدفت بحسب البنتاغون خمسة مواقع للصواريخ في شمال العراق وجنوبه، فيما اكدت بغداد ان هذه الضربات هي الأعنف منذ عملية "ثعلب الصحراء"، مشيرة الى سقوط 11 قتيلاً و59 جريحاً في قصف "استهدف البصرة". وحذر رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد من حرب وشيكة، فيما نفت السعودية ان تكون الطائرات الاميركية انطلقت من اراضيها. راجع ص 4 في الوقت ذاته رحبت واشنطنوباريس ولندن بالبيان الذي اصدره الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة اول من امس، والذي امتنع عن ادانة الضربات الاميركية - البريطانية للعراق في اطار عملية "ثعلب الصحراء". استراتيجية جديدة؟ وأعلن مسؤولون في البيت الابيض ان العراق باشر تنفيذ استراتيجية "واسعة" لتهديد الطيارين الاميركيين وطياري التحالف الذين يفرضون منطقتي الحظر الجوي فوق شمال العراق وجنوبه، واعتبروا ان الضربات التي وجهتها طائرات اميركية امس ضد اهداف برية عراقية كانت رداً مناسباً. ولفت الكولونيل بي. جي. كراولي الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي الى استمرار عزلة العراق بعد انسحاب وفده من اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وعبّر عن اتفاق واشنطن مع موقف الجامعة العربية الذي دعا العراق الى الايفاء بالتزاماته بموجب قرارات مجلس الامن. واعلن البنتاغون ان الطائرات الاميركية قصفت امس خمسة مواقع صاروخية في شمال العراق وجنوبه. ولم يتسن له تأكيد بيانات عراقية عن سقوط ضحايا بين المدنيين نتيجة القصف على منطقة البصرة. واكد مسؤول اميركي ان طائرتين من طراز "إف-15" القتا في منطقة الحظر الجوي في شمال العراق قنابل موجهة بالليزر على بطارية مضادة للطائرات اطلقت النار باتجاههما. وقال كراولي: "واجهنا اليوم في الشمال والجنوب تهديدات واسعة من القوات العراقية على الارض وفي الجو، وبمقدار ما يتعلق الأمر بكون ذلك استراتيجية يستخدمها العراق لاستدراج طيارينا الى فخ لصواريخ سام، سنأخذ في الاعتبار مدى التهديدات العراقية ونتعامل مع تلك التي نعتقد انها تعيق قدرتنا على فرض منطقتي الحظر الجوي". ورداً على سؤال لماذا هاجمت الطائرات الاميركية بطارية صواريخ "سام" بينما كان مصدر التهديدات العراقية المزعومة احد مواقع الدفاع الجوي وانتهاك طائرات عراقية منطقة الحظر، قال كراولي ان الولاياتالمتحدة "تراقب اجهزة الرادار وبطاريات سام والمدافع المضادة والطائرات العراقية فيما تغير مواقعها. نلاحظ ان العراق يسعى الى تهديد طيارينا بأشكال اوسع، ونتخذ الاجراء المناسب دفاعاً عن النفس". ولفت كراولي الى عزلة العراق في المنطقة، وقال ان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ستواصل خلال زيارتها المقبلة للرياض والقاهرة "التشاور مع شركائنا في المنطقة في شأن الخطوات التي ستتخذ في ضوء الوضع القائم في العراق". وتابع ان مجلس الامن سيواصل مناقشة "التزامات العراق وعدم نزع سلاحه"، مشيراً الى ان المداولات في المجلس والمنطقة ستتناول "سبل التعاون لمساعدة الشعب العراقي ومتابعة الاقتراحات التي قدمناها وآخرون لتحسين حياة العراقيين". وأعلن العراق انه تعرض لپ"غارات وحشية" وان القصف شمل احياء سكنية في البصرة ومطارها وحقل الرميلة النفطي. ووصف الضربات امس بأنها الاعنف منذ عملية "ثعلب الصحراء"، مؤكداً انها ادت الى سقوط 11 قتيلاً و59 جريحاً في البصرة وربط بينها وبين اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اول من أمس. ونفت السعودية ان تكون الطائرات الاميركية التي قصفت العراق انطلقت من اراضيها. ووصف مصدر سعودي مسؤول في تصريح بثته وكالة الانباء السعودية تصريحات لوزير الاعلام العراقي همام عبدالغفور بهذا الخصوص بأنها "ادعاءات ليس لها أساس". وشدد مصدر سعودي رفيع المستوى في تصريحات الى "الحياة" على ان الموقف السعودي من العراق "ثابت ولن تغيره استفزازات المسؤولين العراقيين، قبل الاجتماع الوزاري العربي او بعده". وأكد ان "من ثوابت الموقف السعودي عدم السماح لأي طائرات تضرب العراق باستخدام الأراضي السعودية، وعدم تقديم اي دعم لها، ولو كان لوجستياً". وزاد: "رغم اساءات النظام العراقي للسعودية في كثير من المناسبات لا سيما اخيراً، فان الرياض حريصة على رفع المعاناة عن الشعب العراقي، وما زلنا نرى ان استخدام القوة ليس الحل المناسب للأزمة العراقية". في الوقت ذاته رفض الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني عرض المساعدة العسكرية الاميركية لسبعة فصائل عراقية معارضة. وأكد ناطق باسمه في بيان تلقته "الحياة" ان الحزب "لا يعتزم استلام اي مساعدات ولم يطلب ادراجه ضمن الراغبين في تلقيها". لجنة المتابعة وعلى رغم انسحاب العراق من الجلسة الختامية لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اول من امس، انتقدت مصر وجامعة الدول العربية الضربات الاميركية للعراق امس وشددتا على ضرورة اعتماد الديبلوماسية لتسوية اي خلاف بين بغداد والامم المتحدة و"تجنيب الشعب العراقي مزيداً من المعاناة". وقال الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد ان "الغارات الاميركية والبريطانية مرفوضة وندينها"، فيما قال وزير الخارجية المصري عمرو موسى: "موقفنا واضح من الخيار العسكري". ولوحظ ان الضجة التي اثارها انسحاب وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف من الجلسة الختامية لاجتماع القاهرة خفتت وحل محلها شعور بالأسى بسبب تجدد الضربات الجوية للعراق. وأكد عبدالمجيد لپ"الحياة" ان العراق ما زال عضواً في الجامعة، لافتاً الى انه لم يتلق اي شيء رسمي بخلاف ذلك. لكن مصادر عربية في القاهرة ابلغت "الحياة" انها تتوقع ان يجمد العراق عضويته في الجامعة وان يسحب سفيره لديها. وعلم ان وزراء خارجية دول مغاربية حاولوا ترضية الصحاف واقناعه بأن البيان الصادر عن مجلس الجامعة يمثل افضل ما يمكن التوصل اليه في ضوء المواقف التي سادت الاجتماعات، وابلغوه ان الموقف العربي يمكن تطويره، وان عدم انضمامه الى اللجنة التي ستتولى اجراء الاتصالات مع مجلس الامن لن يعطل عمل اللجنة التي تضم سورية والسعودية ومصر والاردن ودولة مغاربية والدولة العربية العضو في مجلس الامن. وقال عبدالمجيد ان اللجنة ستعقد اول اجتماعاتها في دمشق قريباً بعد استكمال تشكيلها، ولم يحدد موعداً. وزاد: "لدينا دعوة سورية ولن نتأخر في اتخاذ اي خطوة لتخفيف معاناة الشعب العراقي تمهيداً لرفع العقوبات بصورة نهائية". وعبر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذين غادروا القاهرة امس عن اسفهم لما يتعرض له الشعب العراقي، لكنهم اكدوا ان مواقفهم في الاجتماع الوزاري لم تكن محل مساومة. وقال موسى ان انسحاب العراق من الاجتماع يضعف الموقف العربي من هذه الازمة، مؤكداً ان "العراق جزء من العالم العربي والجميع يرغب في عودته لاستعادته لقوته". وتابع: "كان يمكن الصحاف ان يطمئن جاراته بدلاً من الاعتراض على فقرة او اثنتين" في البيان الذي وصف صياغته بأنها "مقبولة". واضاف: "على العراقيين الابتعاد عن سوء الظن وهذه مسألة مهمة في التعامل بين الدول العربية". الى ذلك بدأت روسيا وفرنسا والصين جهداً مشتركاً، وطلب مندوبوها في مجلس الأمن الاجتماع مع سفراء دول عدم الانحياز الاعضاء في المجلس لطرح افكار مشتركة لتوحيد المواقف من الازمة العراقية، بعدهما طرحت باريس وموسكو مبادرتين امام المجلس. وقال رئيس المجلس الذي كان يتوقع تلقي تقريرين امس من اللجنة الخاصة المكلفة ازالة الاسلحة العراقية المحظورة، عن نزع السلاح والرقابة الدائمة على برامجه انه يسعى الى "وضع اطار عمل" للأفكار المطروحة في المجلس في مبادرات متعددة. وأوضح ان الهدف "الا تظل الاجتماعات محصورة في التعبير عن مواقف متباعدة لأعضاء المجلس". ويطرح تقرير الرقابة الدائمة الذي يقدمه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي انتقاداً لأسلوب عمل اللجنة الخاصة.