يستأنف وزراء خارجية مصر والسعودية وسورية واليمن وسلطنة عُمان اليوم في القاهرة الاجتماعات التي عقدوها في الغردقة قبل عشرة أيام استعداداً للاجتماع الوزاري العربي التشاوري في 24 الجاري، وقد ارتفع عدد الدول المؤيده لانعقاده إلى 14، وهو الأمر الذي قد يفتح المجال أمام قمة عربية لا يحضرها العراق. وتجددت المواجهات الأميركية - العراقية أمس عن طريق قصف جوي لمنشآت دفاعية قرب الموصل وتكرار الرئيس بيل كلينتون تحذيراته إلى بغداد. وفي هذا الوقت كان نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز يعلن رفض بلاده المبادرة السعودية الداعية إلى رفع الحظر الإنساني التي وافق عليها وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي. ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد المواقف العراقية الأخيرة بأنها "مهاترات"، في حين وضعت الكويت بعض وحداتها "في حال الاستعداد القتالي القصوى". في جدة، قالت مصادر ديبلوماسية ان وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والعُماني يوسف بن علوي سيعرضان على بقية الوزراء موقف نظرائهم في دول مجلس التعاون الخليجي إثر اجتماعهم ليل الأحد. وقد درس وزراء الخارجية الخليجيون التصعيد العراقي الأخير حيال الكويت تحديداً، ودول الخليج كلها عموماً. وكان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الصباح قال ل "الحياة" في جدة إن الاجتماع "ايجابي ومفيد"، لكنه امتنع عن التعليق على أسئلة أخرى. وواصل أمس وزراء خارجية الامارات، السيد راشد عبدالله، والسعودية الأمير سعود الفيصل، وعمان السيد يوسف بن علوي، وقطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، اجتماعاتهم بعد مغادرة الشيخ صباح والشيخ محمد بن مبارك آل خليفة وزير الخارجية البحريني جدة، لكنهم لم يعلقوا على ما دار في اجتماعاتهم. إلى ذلك، قالت في الرياض مصادر ديبلوماسية ل "الحياة" إن "الوزراء الخليجيين عبروا عن استياء دولهم من لهجة الخطاب السياسي للقيادة العراقية التي عادت إلى اللغة المستخدمة اثر غزو العراقالكويت عام 1990". واستبعد ديبلوماسي عربي في الرياض عقد قمة عربية يحضرها العراق في ظل التصعيد العراقي الاخير. من جهة أخرى، قال مصدر سعودي ل "الحياة" إن "السعودية ماضية في مبادرتها على رغم الموقف العراقي الحكومي الذي رفض المبادرة ودعا إلى عدم التقيد بقرارات الأممالمتحدة، ورفض الاعتراف بالكويت". وزاد المصدر: "لم نكن ننتظر من القيادة العراقية أفضل من ذلك، ولن تثنينا قرارات القيادة او تصريحاتها عن مساندة الشعب العراقي ومؤازرته، وبالتالي فإن التصريحات الأخيرة لن توقف مبادرتنا". وفي الرياض، أبلغ ديبلوماسي غربي "الحياة" ان "مساعد وزير الخارجية الأميركي مارتن انديك حاول ليل الأحد الاتصال بالأمير سعود الفيصل للتعرف إلى تفاصيل المبادرة السعودية، لكنه لم يستطع لوجود الوزير السعودي في اجتماع وزراء خارجية الخليج". وفي القاهرة لوحظ ان اجراءات عقد الاجتماع الخماسي تتم وسط تكتم وسرية شديدين بعد تسرب أنباء اجتماع الغردقة، وكذلك زيارة الأمير الفيصل لمصر أوائل الشهر الجاري، التي اعلن في اعقابها الدكتور عبدالمجيد إرجاء اجتماع مجلس الجامعة الى يوم الرابع والعشرين من الشهر الجاري. وكان موسى لمح، في تصريحات صحافية قبل يومين، الى إمكان عقد الاجتماع الخماسي، وقال: "ستكون هناك اجتماعات اخرى لوزراء الخارجية على غرار اجتماع الغردقة، وان عامل الوقت سيكون الفاصل بالنسبة الى عقد هذا الاجتماع". وكشفت مصادر ديبلوماسية عربية وجود تنسيق بين وزراء خارجية الدول الخمس والجامعة العربية لتجنب حدوث ازمة في اجتماع مجلس الجامعة أثناء مناقشة موضوع العراق. واشارت الى ان وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف لم يحسم حتى امس موقفه من اجتماع وزراء الخارجية. وعلمت "الحياة" ان اتصالات تجرى بين الجامعة والعراق لضمان مشاركته باعتبار ان الاجتماع الذي يأتي تلبية لدعوة من اليمن سيركز على البحث في الازمة العراقية وسبل تخفيف معاناة الشعب العراقي. ويذكر ان 14 دولة عربية أبلغت الجامعة موافقتها على عقد اجتماع وزراء الخارجية وان النصاب القانوني ثلثي الأعضاء سيكتمل بموافقة دولة واحدة فقط. ومع ارتفاع وتيرة التوتر في المنطقة مرة اخرى، حذر البيت الأبيض الاميركي العراق امس من تهديد الكويت او دول خليجية اخرى، فيما وضعت الكويت امس قواتها في اقصى حالات الاستعداد في اعقاب قرار المجلس الوطني العراقي البرلمان تحميل الكويت والمملكة العربية السعودية المسؤولية عن العمليات العسكرية الاميركية ضد العراق. وزاد من اجواء الصراع قصف ثلاث طائرات حربية اميركية امس، في حادثين منفصلين، بطارية صواريخ ارض - جو عراقية اخرى بصواريخ وقنابل، بعد ان اقدم ذلك الموقع في منطقة حظر الطيران في شمال العراق على توجيه رادارات ارضية نحو الطائرات الاميركية، الامر الذي يعتبره الطيارون الاميركيون "عملاً معادياً". وقال الكولونيل بي. جي كرولي، وهو ناطق باسم مجلس الأمن القومي الاميركي عندما سئل عن التهديد العراقي ووضع الاستنفار الكويتي: "اننا نحتفظ بقوة عسكرية في المنطقة لردع العراق عن تهديد جيرانه، ويجب الا يهدد بأي شكل السيادة الكويتية. وكلما سمعنا لغة مثل هذه شعرنا بقلق عميق. وكما اظهرنا الشهر الماضي، فإن لدينا قوة عسكرية في المنطقة للقيام بالعمل المناسب اذا هدد العراق جيرانه. ومتابعة تلك اللغة بالتنفيذ سيكون غلطة خطيرة من جانب العراقيين". وبخصوص الحادث في شمال العراق، وهو خامس تحد لقطاعي حظر الطيران في الجنوب والشمال في الاسبوعين الماضيين، أوضح الكولونيل كرولي ان الاجراء الاميركي اتخذ دفاعاً عن النفس. وقال: "وقعت حادثتان صباح اليوم في قطاع حظر الطيران تابعت فيهما رادارات ارضية طائرات التحالف. وقد اطلقت طائرة ف - 16 صاروخاً عالي السرعة مضاداً للاشعاع، وأسقطت طائرتا ف - 15 اي قنبلة موجهة بدقة من كل منهما على بطارية صواريخ ارض - جو. ولا نعرف في هذه اللحظة تقديراً للأضرار". وقال الكولونيل كرولي ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا ستواصلان فرض منطقتي حظر الطيران. ومما يذكر ان قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال انتوني زيني طلب الاسبوع الماضي ثماني طائرات اضافية من نوع "اف - 16" وأربع طائرات صهاريج لتزويد الوقود في الجو لمساعدة قيادته في مواجهة التحديات العراقية الاخيرة. وقد انسحبت فرنسا من المشاركة في اعمال الدورية في قطاع حظر الطيران الجنوبي. ترحيب اميركي بالمبادرة السعودية ورحبت واشنطن امس بالمبادرة السعودية لرفع معاناة الشعب العراقي، وأكدت استعدادها للعمل مع السعودية وأعضاء مجلس الأمن والاصدقاء لتحقيق ذلك. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية جيمس روبن ان الادارة "تتشاور عن كثب مع السعودية وأعضاء مجلس الأمن وآخرين حول افكار تؤدي الى تحسين المساعدات الانسانية للشعب العراقي وتوسيعها". وأضاف روبن ان ذلك يجب ان يتم بشكل يضمن عدم تمكين الرئيس العراقي من الحصول على موارد من التصدير او من السيطرة على الاستيراد خصوصاً ان التجربة اظهرت قدرته على استعمال هذه الموارد لاعادة التسلح بدلاً من مساعدة مواطنيه". وكرر روبن الكلام عن عزلة النظام العراقي. ونقل تقارير عن المعارضة العراقية تتحدث عن عمليات اعدام تعسفية أدت الى مقتل 500 شخص خلال الشهرين الماضيين. وتحدث عن اعدام 25 ضابطاً عراقياً في الفترة بين 13 و19 كانون الأول ديسمبر الماضي في سجن أبو غريب بينهم أربعة متهمين بالتآمر ضد الرئيس العراقي، وكذلك اعدام ضباط في 19 كانون الأول في معسكر الرشيد بتهمة التمرد وضابطين في معسكر التاجي بالقرب من بغداد. وذكر انه تم اعدام قائد الفرقة المؤللة الحادية عشرة وعدد من مساعديه. وتحدث ايضاً عن تقارير مفادها اعدام 63 سجيناً سياسياً محتجزين في سجن ابو غريب. ورحب الناطق ببيان الزعيمين الكرديين مصطفى بارزاني وجلال طالباني.