وجّهت لجنتان خاصتان، في تقرير موحّد قُدّم الى وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت، انتقادات شديدة الى وزارة الخارجية بسبب "تقصيرها" في تأمين سلامة سفاراتها وبعثاتها الديبلوماسية في الخارج من اعتداءات ارهابية مختلفة المصادر. وتشكّلت اللجنتان مباشرة بعد تفجير سفارتي اميركا في كينياوتنزانيا في اب اغسطس الماضي. وخلصت اللجنتان التي رأسهما رئيس الاركان الاميركي السابق الادميرال وليام كرو، الى تقديم توصية لوزارة الخارجية بالسعي الى الحصول على 14 بليون دولار من خلال الكونغرس، على مدى السنوات العشر المقبلة، لبناء سفارات جديدة، بما فيها "سفارات كبرى" تغطي مناطق معينة، وتطوير سفارات أخرى، وإغلاق السفارات التي تُعتبر هدفاً من الصعب حمايته. ولاحظ تقرير اللجنتين ان 88 سفارة من أصل 260 سفارة أميركية في العالم تعاني من بعض المشاكل في الحماية الامنية، وان غالبيتها العظمى لا تلتزم "معيار إنمان" الذي ينص على ان اي سفارة أميركية يجب ان تبعد ما لا يقل عن مئة متر عن الشوراع العامة لتفادي تدميرها بشاحنات او سيارات مفخخة. ولعل أهم من ورد في التقرير "سلسلة التقصير" لمسؤولين في السفارت و"بيروقراطيي" وزارة الخارجية في التعاطي مع التهديدات التي تعرّضت لها سفارتا أميركا في تنزانياوكينيا. وعلى سبيل المثال، ذكر التقرير ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي. اي. ايه أبلغت مراراً وزارة الخارجية ان السفارة في كينيا هدف محتمل لاعضاء في شبكة إسامة بن لادن ينشطون في هذه الدولة، وان محققي "سي. اي. ايه" ابلغوا ثلاث مرات على الأقل بوجود تهديدات للسفارة في كينيا، وان واحداً من هذه التحذيرات اعتُبر "محتملاً جداً" مما أدى الى ارسال فريق من مكافحة الارهاب الى نيروبي. لكن الفريق لم يستطع حل موضوع التهديد للسفارة على رغم قدرته على الوصول الى بعض المعتقلين لأن رئيس محطة الاستخبارات في المنطقة اعتبر التهديد "غير جاد كفاية". لكن الاشارة الأهم في التقرير تتعلق برفض وزارة الخارجية توصية من رئيس القيادة العامة الأميركية الجنرال انتوني زيني بأن يرسل فريقه الأمني الخاص من الخبراء الى السفارة في كينيا بعدما وجد انها عرضة لتنفيذ هجوم ارهابي عليها. ومعروف كذلك ان السفيرة الاميركية في نيروبي برودنس بوشل ذكرت سابقاً انها طلب تكراراً الحصول على تمويل لبناء سفارة جديدة في كينيا، الا ان طلباتها رُفضت. وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس الى انه في منتصف التسعينات، بدأ الولاياتالمتحدة "تحقيقاً عالمياً" في اعقاب تفجير مركز التجارة العالمي في 1993، ركّز على اسامة بن لادن ومساعديه. وفي حين ركز مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي اي على بناء "قضية قضائية" ضد ابن لادن، سعت "سي اي ايه" الى متابعة تحركات المرتبطين بابن لادن. وقد ادى خيط من خيوط التحقيق وقتها الى وديع الحاج، اللبناني - الاميركي وهو أحد مساعدي ابن لادن في كينيا. وضغطت الاستخبارات الاميركية، بعد اطلاع السفيرة بوشل، على الشرطة الكينية لدهم منزل وديع الحاج في نيروبي. ودهمت الشرطة الكينية، مع عملاء ل "سي اي ايه" و"اف بي اي"، في اب اغسطس 1997، منزل الحاج وعثرت على جهاز كمبيوتر يحتوي ملفات عديدة بينها رسالة "تتحدث عن خلية في شرق افريقيا" تابعة لابن لادن. وأشار كاتب الرسالة الى انه يعرف بمحاولات للاستخبارات الاميركية للتحقيق في نشاطات مؤيدي ابن لادن في كينيا.