يبدأ الرئيس اليمين زروال اليوم الجولة الأولى من مشاوراته مع الأحزاب الجزائرية في شأن دعوته الى انتخابات رئاسية مبكرة في شباط فبراير المقبل. وعشية بدء هذه الاجتماعات، صدر موقف لافت امس عن التجمع الوطني الديموقراطي، وهو الحزب الأكبر في البلاد وغالباً ما يُوصف بانه "حزب الرئيس"، تضمن دعوة الى رئيس الجمهورية للتراجع عن قراره التنحي قبل 21 شهراً من انتهاء فترة ولايته. ونقلت وكالة "فرانس برس" أمس عن الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي السيد محمد الطاهر بن بعيبش قوله في مؤتمر صحافي انه يأمل في ان لا يختصر الرئيس الجزائري ولايته باجراء انتخابات مبكرة. واشار الى انه سيطلب منه العودة عن قراره اجراء الانتخابات الرئاسية. وقال: "طبعاً نحن لسنا راضين" عن قرار زروال الذي كان انتخب في تشرين الثاني نوفمبر 1995 لخمس سنوات في اول انتخابات تعددية منذ استقلال البلاد في 1962. واضاف بن بعيبش ان "من الانسب ان ينهي الرئيس ولايته المحددة بموجب الدستور. وقراره لن يعطي زخما للديموقراطية، بما في ذلك من وجهة نظر انتقال السلطة التي حددها الدستور". وكان زروال اعلن في 11 ايلول سبتمبر الجاري ان انتخابات رئاسية ستجري في الجزائر قبل نهاية شباط 1999 مؤكدا انه لن يرشح نفسه. وبرر زروال قراره برغبته في ترسيخ مبدأ التداول على السلطة. وقالت مصادر جزائرية ل "الحياة" ان لقاء زروال اليوم مع وفود تسعة أحزاب ممثلة في مجلس الشعب البرلمان سيكشف التوجهات العامة التي يُتوقع ان تحدد الأحزاب إنطلاقاً منها، مواقفها من الانتخابات والمرشحين لها. وقالت المصادر ان يُتوقع ان يوافق رئيس الجمهورية على مطالب الأحزاب المتعلقة بضمانات نزاهة الاقتراع وتشكيل "لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات"، وكذلك تحديد موعد الاقتراع الرئاسي. ويتردد ان بعض الأحزاب الممثلة في البرلمان والتي لا تشارك في الحكومة ستطالب بتشكيل "حكومة برلمانية" ولجنة مستقلة من النواب لمراقبة الانتخابات. ولا يُعتقد ان أحزاب الإئتلاف الحكومي، التجمع الديموقراطي وجبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم، ستوافق كلها على هذا المطلب. وأشارت المصادر الى ان المتوقع أيضاً ان يبحث زروال مع الأحزاب اليوم في إمكان ايفاد مراقبين دوليين من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية للانتخابات الرئاسية. وسيتبع اللقاء بين رئاسة الجمهورية والأحزاب الممثلة في البرلمان اليوم لقاء آخر الأسبوع المقبل مع الأحزاب غير الأخرى المعترف بها رسمياً. ولا يستبعد بعض المصادر ان تطرح الرئاسة في الاجتماعين موعدين للانتخابات الأول في نهاية السنة الجارية والثاني في بداية العام المقبل. ثلاثة تيارات في غضون ذلك، بدا ان الخلافات التي يُقال انها نشبت بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية تتجه الى فرز ثلاثة تيارات لكل منها مرشحه "المستقل". وهذه التيارات هي: التيار الذي قاد المفاوضات مع الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، والتيار الذي أيد رئيس الجمهورية وضغط عليه في اتجاه "غلق ملف الحوار مع الحزب المحظور"، والتيار الذي يسعى الى التوفيق بين من يُعرفون باسم "الإستئصاليين" في المؤسسة العسكرية وبين "الوطنيين". وتقول مصادر مطلعة ان كل تيار من هذه التيارات الفاعلة يسعى الى الاتفاق على مرشح "مستقل" يدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعلى الصعيد الأمني رويترز، كتبت صحف جزائرية أمس الثلثاء ان القوات الحكومية قتلت ثمانية اسلاميين متشددين في حين توفي اربعة تلاميذ متأثرين بجروح اصيبوا بها في انفجار وقع في مطلع الاسبوع. وكتبت صحيفة "لوكوتيديان دوران" ان المتشددين الثمانية قتلوا الاحد الماضي في اشتباك مع القوات الحكومية في قرية سيدي بو بكر في ولاية سعيدة الجنوبية الغربية. وكانت صحف جزائرية قالت في وقت سابق هذا الشهر ان قوات الأمن تحاصر ما يصل الى 400 متشدد في الولاية في اطار هجوم عسكري ضخم. وذكرت الصحيفة ان اربعة تلاميذ توفوا الاثنين من جراء جروح اصيبوا فيها عندما انفجرت قنبلة يوم الاحد قرب مدرستهم في بلدة خميس الواقعة علي مسافة 100 كيلومتر الى الجنوب الغربي من العاصمة. وكانت السلطات اعلنت ان اربعة اشخاص قتلوا وجرح 24 اخرون في الانفجار الذي كان الاخير في سلسلة تفجيرات قتل فيها الاف المدنيين على مدى الاعوام الستة الماضية. وقالت صحيفة "ليبرتيه" ان انفجار قنبلة زرعها اشخاص يشتبه انهم متشددون اسلاميون في حقل قمح في منطقة الاخضرية على بعد 70 كيلومترا شرق العاصمة اسفر عن مقتل شخص واحد الاثنين. وتشهد الجزائر اعمال عنف دموية منذ اوائل عام 1992 عندما الغت السلطات انتخابات عامة كان الاسلاميون يحققون تقدما كبيرا فيها. وتقدر مصادر غربية عدد القتلى في اعمال العنف منذ ذلك الحين بأكثر من 65 الف شخص.