سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كتاب "عالم تحول" بقلم جورج بوش وبرنت سكوكروفت ... الحلقة الثانية . الملك فهد : الحل الوحيد يجب ان يتضمن عودة أميرالكويت . بوش : هذا العدوان لن يدوم وسنعمل مع الاصدقاء والحلفاء لدحره
كان الرئيس بوش قد أُبْلِغَ بالغزو العراقي مساء يوم 1 آب اغسطس بتوقيت واشنطن وتوجه في اليوم التالي، 20 آب، كما كان مقرراً، الى كولورادو لإلقاء خطاب عن استراتيجية عسكرية جديدة للولايات المتحدة بسبب انحسار الحرب الباردة. عاد الرئيس بوش ومستشاره سكوكروفت الى واشنطن وانعقد اجتماع لمجلس الامن القومي دار فيه نقاش مثير للاهتمام من ناحيتين: ما يعنيه الاحتلال العراقي للكويت بالنسبة الى الولاياتالمتحدة وطريقة بلورة صنع القرارات في السياسة الاميركية، في هذه الحالة تجاه الغزو. يقول سكوكروفت: "بينما كنا في كولورادو اتصلت هاتفياً مع هاس وطلبت منه ان يصوغ مذكرة تتضمن نظرة عامة مني الى الرئيس كخلفية، لاجتماع مجلس الأمن القومي المقبل. وصفنا فيها سياسة احتواء العراق وإبطاء تطويره كلاً من القدرات العسكرية التقليدية وغير التقليدية وتحقيق انسحابه من الكويت. وجاء فيها ان "الأدوات الضرورية لمثل هذه السياسة ستكون القيود على التصدير، والعقوبات الأخرى، واعمالاً عسكرية معززة، من جانب واحد ومع آخرين ايضاً". وحذَّرَت من انه بينما من المناسب في هذه المرحلة ان نشدد على الديبلوماسية والعقوبات، فإن علينا ان نتوقع ان هذه قد لا تكون كافية وسنواجه خياراً بين العيش مع هذا الوضع الراهن الجديد أو تحدي العراق مباشرة، إما بالقوة أو بأعمال اغلاق خطوط أنابيب النفط، الخ ستؤدي في صورة شبه أكيدة الى صراع مسلح …". ثم يسرد الكتاب انه "برغم اشاعات عن ان صدام وعد بالانسحاب من الكويت في غضون أيام، لم يكن ويبستر مدير وكالة الاستخبارات المركزية متفائلاً. كانت استخباراتنا ما تزال مبتسرة، لكنّ ما كان عندنا من معلومات كان قاتماً مقيتاً. كان صدام آخذاً في تعزيز قبضته على الكويت. وقال ويبستر "كل معلومات الاستخبارات تدل على انه لن ينسحب. سيبقى اذا لم نتحداه في غضون السنة المقبلة. هذا سيغير منطقة الخليج تغييراً جوهرياً. سيكون في مركز لا يضاهى، لأنه سيتحكم في ثاني وثالث أكبر احتياطات النفط المحققة وعنده رابع أكبر جيوش العالم. كذلك ستكون له موجودات الكويت المالية، وحرية الوصول الى الخليج، والقدرة على إغداق المال على قواته العسكرية. لا يوجد منافس داخلي ظاهر لصدام. أنانيته لا يمكن اشباعها، وطموحه ان يستحوذ على المزيد من النفوذ دائماً. الأردن واليمن مالا نحو العراق. ايران ضعيفة عسكرياً واقتصادياً، لذلك لن تكون موازِناً فعالاً... الصورة لن تكون جميلة. نحن لا نتوقع ان يجابه العرب العراق، وانما ان يشتروا بدلاً من ذلك طريق خروجهم". قال سكوكروفت: "... استشفيت ]في نهاية الاجتماع السابق لمجلس الامن القومي[ نغمة بأنه قد يتعين علينا ان نذعن لتعايش. تقديري الشخصي هو ان الرهانات بالنسبة الى الولاياتالمتحدة تملي ألا يكون التلاؤم مع العراق أحد خيارات سياستنا". أضاف ايغيلبيرغر دعمه قائلاً: "هذا أول امتحان لنظام ما بعد الحرب الباردة …، ان لدى صدام حسين الآن مرونة أكبر لأن السوفيات منهمكون في قضايا داخلية. اذا نجح، فإن كثيرين آخرين يمكن ان يجربوا الشيء نفسه". وعبر عن اعتقاده بأن المملكة العربية السعودية ستكون الهدف التالي لصدام وانه، مع مرور الوقت، سيسيطر على أوبك واسعار النفط، وقال: "اذا نجح، فإنه عندئذ سيستهدف اسرائيل". كان تشيني رزيناً في شأن كل من خطورة الوضع وثمن مجابهته. قال: "ابتداء، يجب ان نوضح المسألة من ناحية مصالحنا الاستراتيجية في المملكة العربية السعودية والنفط. من الواضح انه صدام فعل ما عليه ان يفعل ليسيطر على أوبك، والخليج والعالم العربي. انه على بعد اربعين كيلومتراً من المملكة العربية السعودية، وانتاجها النفطي لا يبعد عن هناك إلا مسافة مائتي كيلومتر. وإذا لم يستول عليه مادياً، فسيظل له بفضل ثروته الجديدة تأثير وسيكون قادراً على حيازة أسلحة جديدة. وستصير المشكلة أسوأ، لا أفضل …". أبْلَغَنا ايغيلبيرغر ان بيكرينغ يقوم بتوزيع مسودة قرار في شأن العقوبات على الاعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن الدولي. "السوفيات يدعمونها، والبريطانيون والفرنسيون يريدون مناقشة التفاصيل. وجمهورية الصين الشعبية ليست متأكدة الآن من أنها لن تدعمها". كان متفائلاً بأننا سننجح. سأل الرئيس عن ايران. وشرح ايغيلبيرغر انها نددت بالغزو. قال ان الكويتيينوالايرانيين يجتمعون مع بعضهم بعضاً. "وفقاً لما قاله السفير الكويتي هنا، قالت لهم ايران: قولوا لنا ما تريدون وسنفعله …". قدم تشيني تقريراً عن أحدث تطورات الوضع العسكري. اعرب عن قلقه في شأن التمنع السعودي عن الموافقة على وضع قواتنا على أراضيهم. وحض قائلاً: "نحتاج الى موافقة المملكة العربية السعودية على وجود لقواتنا". وطلب ان يبحث الرئيس المسألة مع الملك فهد. أعطانا باول إيجازاً عن القوات اللازمة لحالات الطوارئ. قال: "هناك حالتان. الأولى، وهي ردع أي عمل عراقي آخر ضد المملكة العربية السعودية، ستتطلب وجود قوات اميركية على الأرض. هذا أكثر الخيارات حكمة، ونحتاج الى اقناع السعودية به لكي ينظر صدام جنوباً ويرى وجوداً اميركياً". قال ان الحالة الثانية هي نشر قوات ضد القوات العراقية في الكويت، للدفاع عن المملكة العربية السعودية أو حتى توجيه ضربة ضد العراق … سيكون هذا صراعاً ضخماً، لا مناوشة. سيعني مجابهة كبرى. سيكون معظم القوات الاميركية ملزماً بالبقاء مدة طويلة، وليس ليوم واحد أو اثنين فقط. انه صدام محترف ومجنون عظمة. لكن النسبة راجحة لصالحه. ان لديهم خبرة بعد ثماني سنوات من الحرب". "حذر سكوكروفت من احتمال ان يستخدم صدام الاميركيين كرهائن …... قال الرئيس: "يجب ان نقول لصدام ان هذه ستكون حالة جديدة مختلفة ونقول له بيت القصيد... لن نتسامح تجاه موت اميركيين أو أخذهم رهائن". جورج بوش "في وقت مبكر من بعد ظهر 3 آب اغسطس تحدثت مع الرئيس التركي تورغوت أوزال. الذي قال غاضباً ان صدام يجب "ان يُلَقَّن دَرسه"…. ذكّرته بمركز تركيا الجيواستراتيجي المفتاحي، وسألت عما إذا كان مستعداً لإغلاق خط الأنابيب الآتي من العراق. لم يرد، لكنه قال اننا بحاجة الى ما هو أكثر من حظر. اقترح ان نعقد اجتماعاً لحلف شمال الاطلسي لمناقشة الوضع. وأعلن: "يجب ألا نكرر الاخطاء التي ارتكبت في بداية الحرب العالمية الثانية". تحدثت ايضاً مع فرانسوا ميتران الذي وافق على أنْ ليس بوسعنا قبول الوضع الحالي وعلى ان القبول به من شأنه ان يسمح لصدام بتأمين هيمنته على العالم العربي. وأضاف انه إذا كان الحصار النفطي سَيُفرض، فلا بد له ان ينجح، وإلا فسيفقد الغرب ماء وجهه في صورة هائلة. وقال ان علينا ان نحترس من ايجاد تضامن ضدنا في العالم العربي. والسعوديون سيكونون المفتاح. وأضاف: "إذا اتخذت المملكة العربية السعودية موقفاً شجاعاً ضد ضم الكويت، فإن هذا سيجلب آخرين". ووافق هيلموت كول ورئيس الوزراء الياباني اللذين تحدثت معهما في وقت لاحق من ذلك اليوم على أننا نحتاج الى عمل جماعي. برنت سكوكروفت "في وقت لاحق من ذلك اليوم أصدر بيكر وشيفاردنادزه بياناً مشتركاً في موسكو يندد بالغزو العراقي. كان البيان مهماً للغاية وفاجأ كثيرين بالنظر الى أنه أظهر أن الداعم الرئيسي للعراق يرفض تأييد عدوان صدام. وقد وضع البيان في صورة دراماتيكية الدولتين العظميين على الجانب نفسه من أزمة كبرى للمرة الأولى منذ بدء الحرب الباردة …. وتُرْجِمَ البيان الى مساعدة سوفياتية ضرورية في الأممالمتحدة في تشكيل كتلة دعم صلبة للقرارات ضد صدام. وعلمنا لاحقاً انه أخفى انقسامات سياسية ضمن الكرملين في شأن معاقبة العراقيين. وبينما بدا أن غورباتشوف يدعم البيان، فقد نأى بنفسه عن معركة شيفاردنادزه السياسية الداخلية لتأمين المصادقة عليه. وفي النهاية تحمل شيفاردنادزه اللوم بشجاعة، وتحمل المسؤولية الشخصية عن البيان. في اجتماع مجلس الأمن القومي في كمب ديفيد في 4 آب اغسطس، ركزنا على الخيارات العسكرية. قال تشيني: "بالطبع، الشيء الكثير يعتمد على ما يقرر أنه أهدافنا". أوجز باول الوضع العسكري والخيارات. وبدأ حديثه بالقول: "ما سنقدمه هو خطة موجودة منذ مدة طويلة قمنا بتحسينها على مدى الأسابيع القليلة الماضية". ستضمن الدفاع عن المملكة العربية السعودية وترسي الأساس للتحرك شمالاً الى داخل الكويت. وأضاف: "انها صعبة لكن من الممكن تنفيذها. سيكون من المكلف بصورة هائلة ارسال قوة بهذا الحجم والابقاء عليها. وسيتطلب ذلك استدعاء بعض الاحتياط". ومضى قائلاً ان للخطة بعدين - الردع وخوض الحرب. وقال: "كلما كان حصولنا على دعوة من السعوديين ابكر، كان ذلك أفضل. اعتقد ان العراقيين سيفكرون مرتين قبل الاشتباك معنا. يمكننا ادخال قوتنا الجوية بسرعة. ويمكننا التصدي لسلاح الجو العراقي. ولدينا ايضاً بعض القوات البحرية التي يمكن تعزيزها، القوات البرية يمكن ادخالها على مدى شهر. هذا كله هذا سيقلص قدرتنا على العمل في أي مكان آخر من العالم. وسيكون حجم القوة في نهاية الأمر مئة ألف رجل". وصف شوارتزكوف ما كنا في مواجهته. شرح ان "العراق لديه أكثر من ألف ومئة طائرة لكن معظمها قديم وليست لديهم خبرة تقريباً في استخدام قوتهم الجوية هجومياً. العراق ليس متفوقاً لكنه قوي. لديه جيش من تسعمئة ألف رجل، وثلاث وستون فرقة، وأكثر من خمسة آلاف وسبعمئة دبابة. ومرة أخرى، نحن نرى نمط عدد كبير من الأسلحة ولكن عدد الأسلحة ذات النوعية العالية صغير. ليست لديهم مدفعية ذاتية الدفع. ومن أحد المزايا بالنسبة إلينا انهم سيواجهون مشكلات في القتال عبر مسافات طويلة. لديهم قوات أكبر ولكن نوعيتها أقل مستوى بكثير مما نستطيع وضعه في الميدان. طائراتهم لا تستطيع الوصول الى الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة. وما هو الا وقت قصير حتى نكتسب التفوق الجوي. بحريتهم عديمة الأهمية. ونستطيع بسرعة عالية اكتساب السيطرة على الخليج. لديهم جيوب "سام" أرض - جو كثيفة حول المواقع الرئيسية، مثل بغداد. وفي صورة عامة تشتمل قوتهم على الأعداد، والخبرة، والأسلحة الكيماوية، وبعض الأسلحة الحديثة. نقاط ضعفهم هي القيادة والتحكم المركزيان، واعتماد على قطع الغيار الأجنبية، وافتقار الى الخبرة الهجومية". قال لنا شوارتزكوف ان مشكلتنا الكبرى هي المسافة. واضاف: "في غضون اسبوع واحد، يمكننا أن نوصل خمسة أسراب طائرات مقاتلة تكتيكية ومجموعات حاملات طائرات وسفن حربية الى المسرح. وبامكاننا مضاعفة ذلك العدد على مدى اسبوعين. ويمكننا أيضاً ان نوصل قوة تزيد قليلاً عن فرقة بعد اسبوعين، وستستغرق الخطة العامة سبعة عشر اسبوعاً". أضاف اللفتنانت جنرال تشارلز هورنر، القائد الجوي لشوارتزكوف: "يمكننا أن نحشد أربعمئة طائرة في المنطقة خلال أحد عشر يوماً. قواتنا مستنفرة ومستعدة للذهاب". ما اقترحه شوارتزكوف وهورنر كان معتمداً على القوة الجوية، على الأقل في الأجل القصير. ولاحظ تشيني أن "تاريخ الحملات الجوية يوحي بأنها ليست عظيمة النجاح. فلماذا تكون هذه مختلفة؟". رد شوارتزكوف: "لست من دعاة القوة الجوية وحدها. ولكن هذه بيئة غنية بالأهداف. لا يوجد غطاء في الصحراء. جيشهم لم يعمل من قبل أبداً تحت هجوم، ولدينا ذخائر متطورة". قال سكوكروفت: "انني قلق من شيء واحد. السعوديون قلقون بشأن جديتنا. القوات البرية هي أفضل رمز لالتزامنا، ولكن هذه الخطة مثقلة بالطيران". تدخل تشيني قائلاً: "انهم غير مسرورين بعرضنا سرباً واحداً من الطائرات المقاتلة التكتيكية، ولكن ليست لديهم شكوك الآن بعد سماع ايجازنا". "… قال الرئيس: "هدفنا الأول إبقاء صدام خارج المملكة العربية السعودية. وهدفنا الثاني حماية السعوديين من انتقام عندما نغلق قدرة العراق التصديرية. ستكون لدينا مشكلة إذا لم يغز صدام السعودية وتمسّك بالكويت". قال تشيني ان علينا ألا نبدأ بالعملية الا إذا كنا على استعداد لاكمالها. وأضاف: "يجب أن نكون مستعدين للدفاع عن المملكة العربية السعودية وإعادة العائلة الحاكمة الكويتية. المشكلة ان الشعب الأميركي قد يكون تحمله للحرب قصير الأمد". وتابع يقول ان الحرب ستكلف "مقداراً ضخماً من المال". عبّر سكوكروفت عن شعوره بأن الشعب الأميركي سيدعم التدخل. غير أن تشيني كان متشككاً، إذ قال: "النفط يذهب معظمه الى اليابان. وسينظر الينا على أساس اننا نساعد عائلات مالكة. قد يكون تأييدهم قصير الأجل". وحض على ضرورة أن ننظر في ما سنفعله إذا لم يهاجم صدام المملكة العربية السعودية. وقال الرئيس انه تشيني ربما كان يقلل من قوة المعارضة العالمية، وأضاف: "اناس كثيرون يسمونه هتلر". جورج بوش بدت رهاناتنا وخياراتنا الآن أوضح. صار لدي احساس أفضل تجاه الوضع العسكري على الأرض والمضامين الاستراتيجية للغزو بالنسبة الى الولاياتالمتحدة والاستقرار في الخليج. صادقت على الخطة مع أنه لم يكن في وسعنا تنفيذها الا بعد أن يوافق السعوديون على قبول قواتنا. كان من الأمور الحاسمة الأهمية ان يطلب منا الملك فهد ارسال قوات قبل أن يستطيع صدام مهاجمة المملكة العربية السعودية …. تحدثت مع الملك فهد بعد ظهر السبت من كمب ديفيد لألح في طلب قرارٍ بقبول قوات. تهرب من المسألة وشكرني على اهتمامنا بالشؤون السعودية، وظل يشير الى الفريق الذي كنا بصدد ارساله. تحدثنا في الموضوع أخذاً وردّاً على هذه الشاكلة لبضع دقائق، وأنا ألح على الملك فيما كان هو يقول ضمناً ان الفريق سيبحث في المسألة. قلت: "هذا جيد، لكني أريد أن أعرف الى أين تعتقد أن الأمور وصلت على الأرض. ما هي تصريحات العراق عن الانسحاب؟ هل الأمير أمير الكويت سيعود؟ هل أنت قلق من احتمال تحرك العراق عبر حدودكم؟ اننا نقلق بشأن ذلك قلقاً شديداً". رد الملك فهد بعناية: "أولاً، الحل الوحيد يجب أن يتضمن عودة أمير الكويت. ثانياً، لا توجد قوات عراقية قرب الحدود السعودية، ولكن لا يمكن الوثوق بصدام. هذا هو ما يجعل من المهم مجيء فريق في أقرب وقت ممكن لتنسيق الأمور لمنع حدوث ذلك". حاولت التشديد على الخطورة التي أراها في الوضع، وعلى ضرورة الاستعجال. وقلت اننا لا نستطيع الانتظار لأي وقت أطول لردع تحرك عراقي نحو الجنوب والضغط على صدام لينسحب ويسمح بعودة الحكومة الكويتية. وأضفت: "يجب علينا الآن مباشرة القيام بالأعمال التي وصفناها بالتفصيل لبندر. لا يمكننا أن ننتظر الى أن يكون الأوان قد فات". أبلغت فهد ان الأمير طلب منا تدخلاً عسكرياً، ولكن القوات العراقية كانت في حلول ذلك الوقت قد احتلت مدينة الكويت ولم يكن هناك شيء تستطيع الولاياتالمتحدة عمله. قلت: "ان نشر قوات يستغرق وقتاً طويلاً. هذا ما يجعلني قلقاً بشأن المملكة العربية السعودية". قال الملك فهد: "من المحتمل ان العراق يمكن أن يهاجم، ولكن قد لا يحدث غزو". أراد للفريق ان يعمل لكل الاحتمالات والطوارئ وعبر عن اعتقاده بأنه ما زالت لدينا بضعة أيام للتنسيق ووضع خطة محكمة ناجحة. "هذا كل ما نريده". قلت: "سنرسل الفريق. نقطة أخرى أريد تسجيلها هنا تتعلق بكلمة شرف. ان أمن المملكة العربية السعودية حيوي - مركزي أساساً - لمصالح الولاياتالمتحدة، وفي الحقيقة للعالم الغربي. وأنا مصمم على ألا ينجو صدام من عواقب كل هذه الأفعال الشنيعة. عندما نضع خطة، ونصل الى هناك، سنبقى الى أن يُطْلَبَ منا أن نغادر. لك علي هذا وعد صدق مني". يقول برنت سكوكروفت انه بعد وقت غير طويل من تحدث الرئيس بوش الى الملك فهد، جرى ترتيب أمر ذهاب وفد اميركي برئاسته الى المملكة العربية السعودية "ورأى الرئيس ان هذا جيد، وهكذا اتصلت بتشيني وطلبت منه أن يفكر في من يجب أن يضم الفريق من وزارة الدفاع. عندما اتصل ديك ليعطي الجواب قال لي انه هو نفسه يريد أن يرأس الفريق، بالنظر الى أن البعثة متعلقة أساساً بوزارة الدفاع. وافقت فوراً، كما فعل الرئيس …". ويسرد الكتاب:"لم تكن المملكة العربية السعودية وحدها في ترددها. إذ كانت بلدان عربية كثيرة قلقةً بشأن ما سيعمله صدام الآن. وكنا نخشى من أن بعض المعتدلين سيقبلون، بدافع الخوف، بنظام الحكم الصنيع الذي نصّبه صدام في الكويت كطريقة لتهدئة صدام. ومن سوء الحظ أن أحد أكثر من أساؤوا كان العاهل الأردني الملك حسين، وهو حليف قديم للولايات المتحدة، والذي أصبح تقريباً ناطقاً باسم جاره العراق. كان علينا أن نمنع بغداد من تخويف الدول الأخرى. وكنا نعلم أيضاً أن علينا أن نكون حساسين للغاية تجاه المدركات العربية لنيتنا في الخليج. فبالنظر إلى ارتباطنا الطويل والوثيق بإسرائيل، لم يكن بإمكاننا ان نُرى كأننا نتسلط على بلد عربي …". ثم يقول الكتاب: "الحصول على دعم للعقوبات شيء، لكن جعلها تنجح - وتطبيقها - سيكون شيئاً آخر. كنا نشكك فيها كوسيلة لاخراج صدام من الكويت. وكثيراً ما كانت هناك "ثغرات" عندما لم تتقيد بها بلدان، ولم يكن في مقدورنا أن نعرف ماذا سيكون تأثيرها على العراق …". جورج بوش طار جورج بوش من كمب ديفيد بعد ظهر الاحد 5 آب اغسطس، وهبطت طائرة الهليكوبتر التي كان يستقلها في حديقة البيت الابيض حيث كان حشد من الصحافيين في انتظاره. شرح لهم ان "أياً من حلفائنا ليس مستعداً لقبول أقل من انسحاب عراقي تام من الكويت". سألوه "هل سنردّ عسكرياً؟" قال: "فقط انتظروا". أي اجراءات ستتخذها الادارة لحماية الاميركيين في الكويت؟ قال بوش رداً على ذلك: "لن أبحث في ما نفعله لجهة تحريك قوات، أو أي شيء من هذا النوع. لكني أنظر إلى المسألة على محمل الجد، وليس هذا فحسب، وإنما أيضاً إلى أي تهديد لأي بلدان أخرى. كما انني انظر بجدية إلى تصميمنا على دحر هذا العدوان الفظيع. وأرجوكم ان تصدقوني ان هناك بلداناً كثيرة على اتفاق تام مع ما قلته للتو، وأنا أحييها، انهم اصدقاء وحلفاء أوفياء، ونحن سنعمل معهم جميعاً من أجل عمل جماعي. هذا لن يدوم، هذا العدوان على الكويت". في ما بعد، قال باول إنه شعر بأنني قد أعلنت فعلاً الحرب على العراق في يوم الأحد ذاك …".