سيصبح غيرهارد شرودر مرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي، بعد فوزه في الانتخابات أمس، المستشار السابع في تاريخ المانيا الحديث، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وتأسيس جمهورية المانيا الاتحادية عام 1949. وشرودر هو أول مرشح نجح في هزيمة خصمه الذي تحداه من موقع المستشار. وسيكون المستشار الذي يحكم المانيا من برلين على اعتاب القرن الحادي والعشرين. وعلى رغم ان استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة تحدثت عن تقليص الفارق بينه وبين هلموت كول، إلا انه نجح في الحفاظ على تقدمه حتى الفوز الأخير. راجع ص7 وساهمت عوامل عدة في هذا الفوز، أبرزها ان خصمه ترهل سياسياً بعد ستة عشر عاماً من الحكم، أرهقتها في السنوات الأخيرة مشكلة البطالة المتفاقمة والمتزايدة. وكان الشعار الذي أطلقه شرودر خلال حملته الانتخابية مجدياً، اذ لعب على وتر "التغيير" منسجماً مع رغبة العديد من الألمان في رؤية وجه جديد في منصب المستشار. وتنتمي النسبة الكبرى من الناخبين الالمان الى الوسط، سواء وسط اليمين أو وسط اليسار، ولم يكن شرودر مرشحاً اشتراكياً يخيف ناخبي الوسط الكثر، فهو ينتمي الى يمين الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فضلاً عن أنه مرشح جديد وليس هناك من يحاسبه على اخطاء. وهو تقدم الى الفوز حاملاً أمل التغيير. ولعب الناخبون في شرق المانيا دوراً مهماً لمصلحته، فهم الذين شعروا بالاحباط من هلموت كول ووعوده التي لم ينجح في تحقيق قسم بارز منها. وفي الرابعة والخمسين من عمره، يتربع شرودر على عرش المستشارية في المانيا، حاكماً على الأرجح بالتحالف مع حزب "الخضر - اتحاد 90" رفيقه في المعركة الانتخابية. ولا يتوقع تغيير بارز على صعيد السياسة الخارجية الالمانية، إذ ان التغيير يتعلق بالسياسة الداخلية والاقتصادية في الدرجة الأولى. وحسب النتائج التي أعلنت عند السادسة مساء أمس بالتوقيت العالمي الموحد، كان الوضع كما يأتي: فاز الحزب الاشتراكي الديموقراطي بپ41 في المئة من الأصوات وفاز حليفه حزب "الخضر - اتحاد 90" بپ6.5 في المئة، محققين معاً غالبية كافية للحكم عند توزيع نسبة الصوت الثاني التي حصلت عليها الاحزاب الصغيرة التي لم تبلغ عتبة الخمسة في المئة. أما الحزبان المسيحيان: الديموقراطي والاجتماعي، فلم يحصلا سوى على 35.2 في المئة. بينما اكتفى حزب الديموقراطيين الاحرار الليبرالي بپ6.6 في المئة. أما حزب "الاشتراكية الديموقراطية" فيتوقع ان يصل الى نسبة الخمسة في المئة. واذا تبين في وقت لاحق من فرز الأصوات ان هذا الحزب لم يتمكن من دخول الندوة النيابية فلن يتغير شيء على صعيد فوز شرودر بمنصب المستشار، سوى ان دخوله يقلل بشكل لافت من حجم الغالبية التي حصل عليها الحزب الاشتراكي الديموقراطي بالتحالف مع الخضر، ويهددها، أما خروجه فيجعل هذه الغالبية مرتاحة تماماً. وفيما يتهيأ غيرهارد شرودر لتسلم مسؤولية الحكم، يستعد هلموت كول للانسحاب من المسرح السياسي، بعدما أمضى 16 عاماً في الحكم وتحققت الوحدة الألمانية في عهده. ويتحول الحزبان المسيحيان، الديموقراطي والاجتماعي، الى صفوف المعارضة. * بالتعاون مع القسم العربي في إذاعة "صوت المانيا"