شدّد الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي على "التروّي وعدم الانجرار الى ردّ فعل" في الأزمة القائمة بين بلاده وحركة "طالبان" على اثر مقتل عدد من الديبلوماسيين الايرانيين في افغانستان. وأعلن مصدر في الوفد الفرنسي الى اجتماعات الدورة العادية للأمم المتحدة ان بلاده "تفضل التأنّي وعدم الاستعجال في حرق المراحل"، في ما يتعلق بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي لإنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط. هذان الموقفان الايراني والفرنسي استقتهما "الحياة" من لقاءات رئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري مع الرئىس خاتمي ووزير الخارجية الفرنسية هوبير فيدرين اللذين التقاهما امس، من ضمن اجتماعات على هامش دورة الأممالمتحدة شملت ايضاً مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك والمنسّق الأوروبي العام لمفاوضات السلام ميغيل انخيل موراتينوس ووزير الخارجية المصرية عمرو موسى ورؤساء عدد من ممثلي الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوبلبنان. وتركزت المحادثات على مصير عملية السلام المجمّدة، وعلى العلاقات الثنائية. ووعد الحريري وزيري خارجية الأرجنتين واليونان بدعم انتخابهما عضوين في مجلس الأمن الدولي. فلقاء الحريري وخاتمي عقد في فندق "بلازا" حيث يقيم الأخير، في حضور وزير الخارجية الايراني كمال خرازي ومدير مكتب الرئىس الايراني الشيخ محمد علي أبطحي. وأبدى خاتمي ارتياحه الى وضع لبنان وإشاد بجهود الحريري في الإعمار، وبنتائج زيارته لطهران، مكرراً دعوته الى زيارتها، فوعد رئيس الحكومة بتلبيتها بعد انتخابات الرئاسة اللبنانية. وقال مصدر ايراني ل "الحياة" ان وجهات نظر الجانبين "كانت متطابقة في شأن وضع الجنوباللبناني والمنطقة، لجهة تحميل اسرائيل مسؤولية مباشرة عن تعثر العملية السلمية على رغم ان لطهران موقفاً معارضاً لها"، مؤكداً "ارتياحه الى المسار الذي بلغته العلاقات الثنائية بين البلدين". وكشف "ان الازمة بين طهران وحركة طالبان كانت مدار بحث بين خاتمي والحريري الذي شدد على ضرورة الحوار لإيجاد حل لها خصوصاً ان المجتمع الدولي أظهر تعاطفاً مع الموقف الايراني". ولم يشأ المصدر الدخول في تفاصيل الموقف الذي عرضه خاتمي، في مقابل تأكيد اوساط مراقبة ل "الحياة" ان الجانب الايراني "لم يكن بعيداً من دعوة الحريري الى التروي وعدم تكبير المشكلة، على رغم الضغوط الداخلية التي يواجهها خاتمي شخصياً، وبالتالي عدم الانجرار الى ردّ فعل". ولمس الحريري انفتاحاً ايرانياً على الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة مع "طالبان". وسمع موقفاً من خاتمي تغلب عليه الحكمة والرويّة. اما لقاء الحريري وفيدرين فقال الاخير انه عرض الوضع في المنطقة والعلاقات الثنائية "التي تشكل محوراً اساسياً في السياسة الخارجية لفرنسا". وأضاف: "نحن على اتصال دائم سواء على مستوى الرئيس جاك شيراك او من خلال وزارة الخارجية". ورفض التعليق على ما تردد ان الرئىس السوري حافظ الاسد ونظيره الفرنسي تفاهما على اسم الرئيس الجديد في لبنان، وقال: "اعتقد ان ليس من شأننا التدخل في مسألة نعتبرها داخلية، وفي كل الاحوال لم تكن موضع بحث خلال الاجتماع". وفي معلومات "الحياة" عن الدعوة الفرنسية - المصرية الى عقد مؤتمر دولي لإنقاذ العملية السلمية، اكد مصدر في الوفد الفرنسي "ان باريس تفضل في الوقت الحاضر التأني وعدم الاستعجال في احراق المراحل. فهناك ما يشبه الاتفاق مع وجهة نظر لبنان الداعية الى التروي وعدم الاستعجال راهناً، خصوصاً ان المبادرة الثنائية موضوعة على نار خفيفة". وعزا الأمر الى "اعتبارات عدة منها عدم حماسة بعض الدول العربية، وفي مقدمها سورية". وقال "ان بلاده تعتبر ان مسؤولية الجمود المسيطر على العملية السلمية تقع على عاتق اسرائيل، وبالتالي فهي تأمل، وإن بتحفّظ، في أن تبادر الادارة الاميركية على الاقل بانقاذ المسار الفلسطيني - الاسرائيلي". وشدد على "امكان اعطاء واشنطن فرصة جديدة لإنقاذ المسار الفلسطيني، كمقدمة لإعادة تحريك المفاوضات على المسارين اللبناني والسوري، وإن كنا لا نتوقع تقدماً على هذا الصعيد، على خلاف التوقعات الأميركية استناداً الى مجيء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئىس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو الى واشنطن للقاء الرئيس الاميركي بيل كلينتون وعدد من المسؤولين الاميركيين". ورفض التعليق على ما يشاع ان واشنطن ستنجح في اعادة الاعتبار الى المسار الفلسطيني مكتفياً بالقول "سمعنا كلاماً مفاده ان الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باتا على وشك الاتفاق وأنهما يتركان شيئاً معلقاً في شأن مسألة إعادة الانتشار لإعطاء دور فاعل للرئيس الأميركي". الى ذلك، قال الرئيس الحريري ل "الحياة" ان خطابه امام الجمعية العمومية "سيكون جاهزاً في الساعات المقبلة"، مشيراً الى انه سيدخل عليه بعض التعديلات "للردّ على ما سيتضمنه خطاب نتانياهو". ولفت الى "ان موقف لبنان من العملية السلمية بات واضحاً"، نافياً التطرق الى الوضع في جزين "الذي هو جزء من الوضع في الجنوب المحتل وأن المسؤولية تتحملها اسرائيل، ثم ان موقفنا من تلازم المسارين والتوصل الى سلام عادل بات واضحاً". وقال انه سيتناول موقف لبنان من الارهاب لجهة رفض كل اشكال الاعتداء على حرية الافراد وممتلكات الدول ومؤسساتها بما فيها السفارات، مشدداً على التمييز بين الارهاب والمقاومة "التي هي حق من حقوقنا الشرعية في التصدي للاحتلال".