قال وزير الاقتصاد والمال المغربي فتح الله ولعلو أمس إن الظروف الدولية الحالية تعيق حل مشاكل المديونية الخارجية للمغرب وتحدّ من مجالات الحلول التقنية لبرنامج معالجة الديون في السوق المالية الدولية. وذكر في خطاب أمام مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان، لمناسبة التصويت على موازنة 1998-1999، أن المغرب يواجه ضغوطات مالية ناجمة عن تراكم أعباء الدين العام لسنوات طويلة، خصوصاً منذ استئناف التسديد عام 1993 بعد سنوات من إعادة الجدولة. وقال: "إن الحكومة مطالبة باستعمال كل الوسائل السياسية والاقتصادية والديبلوماسية لمعالجة اشكالية المديونية التي تحد من امكاناتنا الاقتصادية وشروط انطلاقنا". ودعا ولعلو البرلمان إلى المساهمة في حل جانب من المديونية الخارجية عبر استخدام علاقاته الديبلوماسية والتشريعية الدولية. واعتبر أنه يتعين على المغرب استخدام كل الحلول المتاحة لجهة التخفيف من أعباء الديون وتسخيرها لفائدة الاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتقدر ديون المغرب الخارجية بنحو 19 بليون دولار، وتكلف خدمات التسديد السنة الجارية أكثر من 5،3 بليون دولار، أي نحو 32 في المئة من مجموع موازنة المغرب الحالية البالغة نحو 6،13 بليون دولار. من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، الذي اختتم أمس زيارة قصيرة للرباط، إن موضوع المديونية الخارجية سيطرح في اجتماع اللجنة العليا المغربية - الفرنسية مطلع الشهر المقبل في باريس. وأضاف ان فرنسا تملك أفكاراً ستعرضها على المسؤولين المغاربة اثناء الاجتماع الذي سيرأسه رئيسا وزراء البلدين عبدالرحمن اليوسفي وليونيل جوسبان "في شأن تحويل جزء من الديون العامة الفرنسية إلى استثمارات خاصة في المغرب". ولم يكشف فيدرين حجم المبلغ الذي ستتم مبادلته، لكنه أشار إلى أن باريس تعمل من أجل "مساعدة حقيقية للمغرب في هذا الظرف التاريخي الخاص". وكانت باريس حولت العام الماضي نحو 4،1 بليون فرنك إلى استثمارات في المغرب. واعتبر المبلغ صغيراً قياساً لحاجات التمويل المحلية. وتسعى باريس إلى اقناع شركاء أوروبيين باستخدام نظام تحويل الاستثمارات المحلية للتخفيف من ديون المغرب. وتقدر الديون الأوروبية المستحقة على المغرب بنحو 11 بليون دولار، لكن حجم المبلغ الممكن تحويله إلى استثمارات يتوقف على مدى موافقة "نادي باريس" للدول الدائنة على رفع القيمة المسموح بها إلى 50 في المئة مقابل 20 في المئة حالياً. وكان وزير المال والاقتصاد المغربي طلب من الحكومة الاسبانية أول من أمس لمناسبة اجتماع الدورة الثامنة لرؤساء الشركات في مدريد العمل على "تدخل ناجع لتدبير الدين المغربي عبر تحويل جزء منه إلى استثمارات في منطقة الشمال المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط". وكانت اسبانيا حولت نحو 87 مليون دولار إلى استثمارات في المغرب. وتقول مصادر مطلعة إن الرباط تحبذ في الوقت الراهن الصيغة السياسية والديبلوماسية لمعالجة الديون مع الحكومات الصديقة التي تملك مصالح استثمارية واسعة في المملكة، على أن تتبعها في مرحلة لاحقة قبل نهاية السنة الجارية صيغة الاتجاه إلى السوق المالية الدولية. وأكدت المصادر المعلومات التي نشرتها "الحياة" نهاية الأسبوع الماضي في شأن ارجاء الذهاب إلى السوق الدولية لتحصيل 300 مليون دولار لشراء ديون قديمة عبر إصدارات سيادية يورو بوندس. وأشارت إلى أن الأوضاع الدولية لا تساعد في طرح ملف المديونية المغربية في السوق الدولية وان ذلك ربما يؤدي إلى عكس ما كان منتظراً من العملية بسبب حساسية أسواق المال. ويذكر ان المديونية تبلغ 57 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ويسعى المغرب إلى تقليصها دون 40 في المئة قبل نهاية القرن، على أن تصل المبالغ الممكن تحويلها إلى استثمارات إلى ما يناهز بليون دولار سنوياً.