أظهرت احصاءات رسمية ان حجم الديون الخارجية للمغرب تراجع للمرة الأولى إلى أقل من عشرين بليون دولار، وهي المعدلات التي كانت سائدة قبل نحو عقد. وأشارت الأرقام التي حصلت عليها "الحياة" إلى أن اجمالي الديون الخارجية بلغ 19096 مليون دولار، أي ما يمثل نحو 58 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بعد أن كان بلغ 3،21 بليون دولار عام 1996. كما تراجعت قيمة سداد خدمة الدين الخارجي إلى 155،3 بليون دولار، ما اعتبر أقل مبلغ منذ مطلع التسعينات. وينتظر أن يسدد المغرب في الموازنة الجديدة 98-1999 مبلغاً يصل إلى نحو 1،34 بليون درهم 5،3 بليون دولار بزيادة خمسة في المئة عما سُدد عام 1998 تضمن قروضاً داخلية وخارجية حان موعد استحقاقها. وقالت مصادر حكومية إن مبادلة الديون باستثمارات مع فرنسا واسبانيا وشراء ديون قديمة من السوق المالية الدولية، ساهمت في تقليص حجم الدين الخارجي. وكانت فرنسا واسبانيا حولتا نحو 520 مليون دولار من الديون الثنائية إلى استثمارات محلية، في حين اشترى المغرب من أسواق المال مطلع السنة الجارية نحو 200 مليون دولار من الديون المتعاقد عليها في الثمانينات بفائدة مرتفعة. ويتوقع ان يعود المغرب في الأسابيع المقبلة إلى شراء قروض إضافية تراوح قيمتها بين 300 و400 مليون دولار بواسطة مصارف تجارية أوروبية وأميركية. وقال وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو إن المديونية الخارجية لا تزال تشكل ضغطاً على موارد الخزينة وتفوق تسديداتها السنوية قيمة الاستثمارات العامة. وشدد على ان الحكومة تسعى إلى معالجة معضلة المديونية عبر ثلاث اتجاهات: 1- تعامل سياسي مع الدول الصديقة والشقيقة لحل المشكلة. 2- اتصالات مع دول نادي باريس والسعي إلى رفع السقف المسموح بتحويله إلى استثمارات محلية من 20 في المئة حالياً إلى نحو 50 في المئة، ما يسمح بزيادة وتيرة الاستثمارات الخارجية ومعالجة الديون في إطار ثنائي. 3- العودة إلى سوق المال الدولية لشراء ديون قديمة ذات فوائد مرتفعة والحصول على قروض أخرى بفوائد أقل بنحو 6 في المئة. وقالت مصادر مطلعة إن هناك اتجاهاً داخل الاتحاد الأوروبي لمساعدة المغرب على حل مشاكل الديون يُنتظر ان تنضم إليها الولاياتالمتحدة الأميركية. وتراهن الحكومة الاشتراكية على تقليص نسبة الدين إلى نحو 40 في المئة من اجمالي الناتج المحلي في السنة ألفين وتسخير جزء من عائدات الدين للمشاريع الاجتماعية وتنمية البادية وتوفير فرص عمل للشباب. وكان حجم الدين بلغ 123 في المئة من اجمالي الناتج عام 1985. وتتوقع جهات مالية متخصصة أن يتغلب المغرب نهائياً على مشكلة المديونية سنة 2010، وهو تاريخ تطبيق المنطقة التجارية الحرة مع الاتحاد الأوروبي شريطة زيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى ما بين 6 و7 في المئة سنوياً، والتحكم في نسب الفائدة وتراجع قيمة العملة. وتمثل المديونية حالياً نحو 27 في المئة من اجمالي الصادرات، وكانت تبلغ 35 في المئة في أواسط التسعينات، بينما تراجعت نسبة الدين قياساً إلى موارد الخزينة من 30 في المئة إلى 24 في المئة من دون احتساب الديون المصرفية المحلية. ويذكر ان المغرب نفذ بين 1983 و1990 ثماني عمليات للجدولة خمس منها مع نادي باريس وعقد ثلاث جولات تناول الديون التجارية التابعة إلى نادي لندن. وبلغ مجموع الديون التي جدولها المغرب في تلك المرحلة نحو 2،11 بليون دولار، كما ساعد شطب السعودية نحو ثلاثة بلايين دولار من الديون الثنائية غداة أزمة الخليج، في تراجع قيمة المديونية المغربية.