تحاول كرة القدم السعودية حالياً مسح الصورة الباهتة التي ظهرت بها أخيراً في مونديال فرنسا 98 والتي جعلت خبراء اللعبة في العالم يفقدون الثقة بالمنتخب الذي صفق له الجميع طويلاً قبل أربع سنوات في مونديال أميركا. ومنذ عودة المنتخب السعودي من المونديال الفرنسي والجهود تبذل في إتحاد اللعبة لإعادة بناء ما خرّبه المونديال وتجاوز السلبيات التي أدت الى ما حدث والتخطيط مجدداً لضخ الحيوية والثقة في جسد الكرة السعودية. وكان الإجتماع، الذي رأسه الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رئيس الإتحاد السعودي لكرة القدم في باريس، بعد إنتهاء مشاركة المنتخب السعودي في المونديال بداية حركة تصحيح مقننة، قصد بها الإتحاد الإعداد السليم والمثمر للبطولات المقبلة. من هذا المنطلق، اتخذ الإتحاد عدداً من القرارات التصحيحية كتغيير الجهاز الفني والإداري واستبعاد عدد من اللاعبين المقصرين، وأعيد المدرب الألماني أوتو بفيستر ليتولى قيادة المنتخب خلفاً لكارلوس البرتو. ورأى الإتحاد أن بفيستر هو خير من يقوم بهذه المهمة نظراً لخبرته بالمنتخب السعودي وهو الذي قاده للتأهل لنهائيات كأس العالم الماضية. استعدادات وبعد قرارات الإتحاد، بدأ المنتخب استعداداته لبطولة كأس العرب التي ستقام في قطر بإقامة معسكر إعدادي في الطائف بدءاً من 23 آب أغسطس من دون مشاركة فؤاد أنور وسعيد العويران وخالد مسعد الذين وجهت ضدهم إنتقادات كثيرة أثناء مشاركة المنتخب في المونديال، واستمر معسكر المنتخب السعودي في الطائف ثمانية أيام لعب خلالها مع فريق الأهلي وفاز عليه 3-2. وبدأت المرحلة الثانية من الإستعدادات لكأس العرب بإقامة معسكر آخر في مدينة الدمام بدءاً من أول أيلول سبتمبر. وقبل بداية المعسكر أعلن المدرب بفيستر استبعاد عدد من اللاعبين وضم آخرين بعد أن رأى أن هناك عجزاً في بعض المراكز. ولعب المنتخب السعودي مباراتين مع منتخبي تنزانيا والسودان ظهر فيهما بشكل مطمئن وبالذات في الشق الهجومي الذي ظل يقلق بفيستر كثيراً، خصوصاً بعد غياب الثنائي فهد المهلل وسامي الجابر. ويبدو أن مخاوف بفيستر تبددت بعد أن نجح هجوم المنتخب السعودي في هز شباك منتخب تنزانيا بثمانية أهداف. وأظهر المنتخب السعودي من خلال مباراتيه التجريبيتين تكاملاً في صفوفه رغم غياب فهد المهلل الذي لن يشارك في كأس العرب بداعي الإصابة وسامي الجابر الذي يغيب بسبب ظروفه الأسرية، وتبدو فرصة مشاركته في كأس العرب غير مؤكدة. وبخلاف غياب المهلل والجابر، لا يوجد ما يمكن أن يؤرق المدرب بفيستر. فالحارس محمد الدعيع على أتم الإستعداد لحماية عرين المنتخب، وبوجود عبدالله سليمان ومحمد الخليوي وحسين عبدالغني ومحمد شلية وأحمد الدوخي تبدو حالة خط الدفاع أكثر من جيدة، أما في خط الوسط فإن المدرب قد يجد حيرة كبرى في إختيار الأسماء التي ستلعب في هذا الخط إلا أن فرصة خميس العويران ونواف التمياط وخالد التيماوي ويوسف الثنيان وابراهيم ماطر تبدو الأوفر للإنضمام الى القائمة الأساسية. وتبقى حظوظ إبراهيم سويد وعبيد الدوسري كبيرة لقيادة هجوم المنتخب السعودي في كأس العرب. ويرى المدرب بفيستر أن فريقه سيكون في قمة جاهزيته عندما يسافر الى الدوحة الأسبوع المقبل، وأن المعسكر الذي أقيم في الدمام كان الهدف منه تنشيط اللاعبين بعيداً عن أجواء المعسكرات الطويلة والمملة خصوصاً أن لاعبي المنتخب السعودي قضوا شهوراً عدة قبل كأس العالم في معسكر طويل وما زالوا يحتفظون بكثير من إيجابياته. ويؤكد مدير المنتخب فيصل عبدالهادي أن اللاعبين يؤدون تدريباتهم بكل نشاط وحيوية وفي ذهنهم تحقيق نتيجة جيدة في نهائيات كأس العرب. وتأمل الجماهير السعودية حالياً في أن يعود منتخبها بكأس العرب الى الرياض ليمسح ما علق بمخيلتها من ذكريات المونديال المؤلمة. ويرى كثيرون في الشارع الرياضي السعودي أن منتخبهم مؤهل لأن يعود بكأس البطولة رغم صعوبة المنافسة مع الفرق الأخرى، ويزيد من تفاؤلهم هذا أن البطولة ستقام في قطر وهي الأرض التي تأهل منها المنتخب السعودي مرتين الى نهائيات كأس العالم عامي 94 و 98، وهي التي حقق فيها الفوز للمرة الثانية بكأس الأمم الآسيوية عام 1988، وهم بذلك يفضلون اللعب في قطر على اللعب في أي دولة أخرى خصوصاً أن الجماهير السعودية تستطيع الوصول الى الدوحة في وقت وجيز لقربها من عدد من المدن السعودية الكبيرة. ويتوقع أن يحظى المنتخب السعودي بالمؤازرة الجماهيرية الأكبر بعد منتخب الدولة المضيفة قطر، وتجرى حالياً إستعدادات مكثفة لتسهيل نقل الجماهير السعودية الى الدوحة لمؤازرة منتخبها. وستلعب السعودية في نهائيات كأس العرب ضمن فرق المجموعة الرابعة مع الجزائر ولبنان، وتبدو فرصة السعودية كبيرة للترشح عن هذه المجموعة في ظل مشاركة الجزائر من دون لاعبيها المحترفين وقلة خبرة الفريق اللبناني. ورغم أن الترشيحات كلها تصب في مصلحة المنتخب السعودي إلا أن هناك أصواتاً كثيرة تحذر من مغبة التهاون، خصوصاً أن المنتخب الجزائري شبه غامض بالنسبة للمدرب بفيستر وفرصة ظهوره بمستوى مرتفع يؤهله للمنافسة أمر وارد، وكذلك المنتخب اللبناني الذي قد يقدم ما يمكن أن يجعله مرشحاً لتسجيل نتيجة بارزة لا سيما أن آخر لقاء بين المنتخبين في بطولات كأس العرب إنتهى لصالح المنتخب اللبناني 1-پصفر عام 1988 في الأردن عندما شاركت السعودية في تلك البطولة بمنتخب الشباب تحت 19 سنة