الجزائر - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - باشرت أحزاب جزائرية أمس مشاورات داخلية للبحث في الوضع الجديد الذي نشأ في البلاد بعد إعلان الرئيس اليمين زروال مساء أول من أمس الدعوة الى انتخابات رئاسية مُبكرة مختصراً سنتين من فترة ولايته خمس سنوات. وقال مراقبون ان الشعب وليس الطبقة السياسية هو من فوجئ باعلان زروال ابتعاده عن السلطة في خطابه الذي وجهه الى الأمة الثامنة مساء الجمعة. وأكد بعض المصادر ان رئيس الجمهورية أبلغ بعض السياسيين وقادة الأحزاب بانه سيتنازل عن السلطة، قبل توجيهه خطابه الى الشعب. وأضافت المصادر نفسها ان شعوراً واسعاً يسود الطبقة السياسية مفاده ان زروال قرر الابتعاد عن السلطة بعد خلافات داخل القيادة الجزائرية. وتساءلت أوساط جزائرية عما اذا كان ابتعاد زروال عن الحكم سيعني رحيل القريبين منه معه، وعلى رأس هؤلاء بالطبع رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى والوزير المستشار في الرئاسة الجنرال محمد بتشين. لكن الأوساط نفسها تشير الى ان موقع الرجلين محفوظ في الساحة السياسية كونهما من قادة التجمع الوطني الديموقراطي، الحزب الأكبر في البلد. وقالت مصادر مطلعة ان الأيام المقبلة ستشهد اتصالات كثيفة بين أعضاء الطبقة السياسية ومسؤولي المؤسسة العسكرية لتحديد افاق المرحلة المقبلة و"غربلة" أسماء المرشحين التي يبدو اليوم ان قائمتهم ستكون طويلة. وكان زروال أكد في خطابه الذي استمر 40 دقيقة انه لن يترشح للانتخابات المقبلة، وانه سيستمر في تحمل مسؤولياته كافة حتى انتخاب رئيس جديد في شباط فبراير المقبل. وعرض كذلك الانجازات التي تحققت في عهده. ونقلت وكالة "رويترز" عن ديبلوماسي عربي في الجزائر "ان كل الاحزاب فوجئ بقرار الرئيس" وان زعماءها مجتمعون حالياً لمناقشة الوضع. واضاف ان سبب قرار زروال التنحي قبل 21 شهرا من انتهاء فترته، لم يتضح بعد على رغم الروايات المتباينة بانه مريض او يعاني مشاكل مع قادة الجيش ذوي النفوذ الكبير. وتابع الديبلوماسي العربي انه اجتمع مع وزير كبير الخميس وان الوزير أعطاه انطباعا بان الحكومة باقية. وكان مقررا ان يستمر زروال 56 عاما في السلطة حتى تشرين الثاني نوفمبر عام 2000. وكان زروال أحد كبار قادة الجيش في الجزائر التي قتل فيها عشرات الالاف في اكثر من ستة اعوام من الصراع بين المتشددين الاسلاميين والسلطات بمساندة الجيش. واجريت له جراحة ناجحة في سويسرا في آذار مارس الماضي وقام بجولة في ثلاث دول افريقية الشهر الماضي بينها جنوب افريقيا حيث شارك في قمة حركة عدم الانحياز. وعين زروال رئيساً للجزائر في كانون الثاني يناير عام 1994 وفاز بسهولة في أول انتخابات رئاسية تعددية في تشرين الثاني نوفمبر 1995. ويواجه زروال انتقادات في الداخل والخارج لفشله في انهاء الصراع المدني وحل مشكلة البطالة المتزايدة التي تتجاوز نسبتها 30 في المئة وتخفيف ازمة الاسكان. وقال عضو مجلس الأمة محيي الدين عميمور المؤيد لزروال: "تعرض الرئيس لضغوط مكثفة ... وكان امامه بديلان اما ان يستقيل ويخلق شعورا بالازمة او يدعو الى انتخابات مبكرة للسماح بتحول سلمي" للسلطة. واضاف عميمور ل "رويترز" بعد خطاب زروال: "اعتقد ان رسالته واضحة... انه يطالب بانتخابات متعددة الاحزاب... ويحق لكل حزب اما ترشيح فرد او الموافقة على زعيم". لكن ديبلوماسيين قالوا ان من المستبعد ان يخفف الجيش الذي يسيطر على الجزائر من الناحية السياسية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962 من قبضتة على السلطة ويسمح لمدني بتولي زمام الامور في البلاد التي يبلغ مجموع سكانها 29 مليون نسمة. وقال ديبلوماسي غربي: "تعاني الجزائر مشاكل اجتماعية بالغة وهي بحاجة الى رجل قوي وربما الى ضابط سابق في الجيش". وفي الجزائر 11 حزبا سياسيا مشروعا على رأسها التجمع الوطني الديموقراطي الذي يشغل نوابه 156 مقعداً من مقاعد البرلمان ومجموعها 360 مقعداً. وثاني اكبر حزب هو حركة مجتمع السلم وله 69 مقعداً في البرلمان ومن المستبعد ان يشكل اي خطر على المؤسسة العسكرية. وحظرت السلطات الجبهة الاسلامية للانقاذ التي اقتربت من الفوز في انتخابات عام 1991. وقال مسؤول من حركة مجتمع السلم ان الاحزاب بدأت مشاورات فور القاء الرئيس لكلمته. لكنه اوضح ان حركته لن تتمكن من اعلان اي شيء الى ان يعود زعيمها الشيخ محفوظ نحناح من الخارج، في اشارة الى زيارته لبريطانيا.