الى عزيزة البسام 1956 - 1997 1 الى الدنيا لا تعودُ هارباً من الذكريات سلاحُك الوهمُ، جاثياً على جانب الطريق خلفك كلّ ما رأيت مكوّماً كالأحمال ينتظرُ العابرَ العجول كنتَ ترتجفُ، راحك مرفوعةٌ للوداعِ ويومُك مُغلقٌ لا شمسَ عندكَ لتشرق ولا بيتَ لكي تؤوب أُخذتَ عنوةً من الطريق شتت أسلابَك الريحُ وعاثَ في أحلامك الزمان واللهاث. 2 كنتَ تمشي الى الدنيا حولكَ الليلُ والأوهامُ والرؤيا ووصلتَ إليها، هدّك الإعياءُ يسندك العُكّازُ والذكرى. كنتَ تمشي دؤوباً تقفو وهماً وراء وهمٍ وتسلو عذاب الذكريات لكي تندى أوراق الطريق ويبدو لك الفجرُ. كنتَ تمشي لكي تنسى الخرابَ موتَ الطيور وحاجز الوقتِ آملاً بانفضاض العتمة عن الصحراء. 3 أضعتُ النارَ والذكريات وانتهيتُ ساهياً، أرنو الى الفضاء يومي، غدي، فرصتي لكي أشدّ خيطي واستديرُ راجعاً هنا أو هناك. لكنها النارُ التي كانت عندنا أخذتها من مكانها لكي أسير وسرتُ جبتُ البسيطة حافياً غدي مظلمٌ وعيناي مطفأتان أدورُ من حائط لآخر تقودني النهايةُ مكتّف اليدين شارباً ماءً آسناً مفضياً بفكرتي لهذه الورقة. واليوم، إذ حانَ، أشرقت شمسُه وطيرهُ طار محلّقاً وجدتني جالساً غارقاً خلفَ أسوار فكرةٍ أضعتها فارغَ اليدين ملوّحاً من بعيدٍ للفراغ والأسى. 4 لقد عادَ، دربهُ ضاعَ وأوهامهُ لاحقتهُ حتى حدود اليقين الأخيرة. مرّ بالحنين، مركوناً على جانب الدرب فيما غامت الرؤيا وابيضّتا عيناه يدهُ دائبة البحث عن العكاز وصوتُه تلاشى لكنه عادَ بعدما أضاعوهُ شمَّ التراب، ألقى العصا واستراح الى المشهد. * شاعر عراقي مقيم في ألماني