تقبل دول الخليج العربية على طفرة في مشاريع الصفقات المتبادلة المعروفة باسم "اوفست" نظراً الى ضخامة مشترياتها العسكرية وحضّ خبراء اقتصاديون ومصرفيون الحكومات الخليجية على توسيع هذه البرامج لموازنة الانفاق الدفاعي وحفز النمو الاقتصادي. وأشار الخبراء الى ان مثل هذه المشاريع ستشكل احدى الركائز الرئيسية للاقتصادات الخليجية مستقبلاً وستسهم في نقل التكنولوجيا اللازمة لتنويع مصادر الدخل وشددوا على ضرورة اعطائها اهمية اكبر في هذه المرحلة التي تشهد انخفاض اسعار النفط. وقال الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون لپ"الحياة" "ليس لدى دول الخليج نية لتقليص الانفاق العسكري على اساس انه قطاع استراتيجي وادعوها الى استغلال مشاريع الاوفست في هذا المجال بقدر المستطاع". واضاف: "اعتقد انه ستكون هناك فورة في مثل هذه المشاريع في المستقبل. لكن على دول الخليج العمل على توسيع مثل هذه البرامج وتطبيقها كذلك على المشاريع المدنية". والمملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي تطبق برامج "اوفست" في القطاع المدني على نطاق واسع بعد نجاحها في استقطاب استثمارات كبيرة في البرامج المطبقة في المجال العسكري. ويعتبر المشروع المنبثق عن العقد الممنوح لشركة "اي.تي.أند.تي" الاميركية للاتصالات وحجمه نحو اربعة بلايين دولار الاكبر في القطاع المدني في حين تضمن عقد "اتفاق اليمامة" الموقع مع بريطانيا في منتصف الثمانينات وقيمته اكثر من 20 بليون جنيه اكبر برنامج اوفست عسكري في منطقة الخليج. وقدر مصرفيون سعوديون قيمة المشاريع السعودية في نطاق برنامج المبادلة باكثر من خمسة بلايين دولار يتوقع ان تصل الى نحو ثمانية بلايين دولار في السنوات القليلة المقبلة معظمها من الشركاء التجاريين الرئيسيين للسعودية وهي الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا. واشاروا الى ان هذه المشاريع التي يساهم فيها القطاع الخاص كشريك رئيسي ستؤدي الى ايجاد اكثر من تسعة آلاف وظيفة وزيادة مساهمة القطاع غير النفطي في اجمالي الناتج المحلي ونقل التكنولوجيا المتطورة. ولم تكشف الحكومة السعودية تفاصيل العقد الموقع مع شركة "أي.تي.آند.تي" عام 1994 الا ان المصرفيين قدروا حجم الاستثمار المطلوب فيها بين 300 و400 مليون دولار تغطي عدة مجالات صناعية وتكنولوجية. وقال مصرفي في الرياض: "نتوقع ان يصل صافي الاستثمار في مجال الصفقات المتبادلة في السعودية الى بلايين عدة من الدولارات في السنوات المقبلة لكن قيمتها السوقية ستكون اكبر بكثير وسيسهم بالطبع في تنويع مصادر الدخل ودعم الاقتصاد وتأمين وظائف للسعوديين وايجاد شراكة اقتصادية وتكنولوجية قوية مع الدول المتقدمة". وطبقت الامارات قبل نحو ستة اعوام برامج الصفقات المتبادلة لكنها لا تزال صغيرة نسبياً في دول مجلس التعاون الاخرى الكويت وقطر والبحرين وعمان. وعلى رغم عدم تطبيق الامارات هذه البرامج في المشاريع المدنية الا انها استطاعت اجتذاب اكثر من 25 مشروع اوفست يصل اجمالي استثماراتها الى نحو 500 مليون دولار في مجالات الصناعات الخفيفة والزراعة والصحة والخدمات والتكنولوجيا. وقال مدير برامج "اوفست" في الامارات أمين بدرالدين في دراسة حديثة "ان القيمة السوقية لتلك المشاريع تزيد على بليون دولار". وتوقع ان تصل رؤوس الاموال المستثمرة في هذا المجال الى اكثر من ثمانية بلايين دولار بعد 10 سنوات. واضاف: "هناك مشاريع ضخمة سيتم تأسيسها بموجب العقود العسكرية المبرمة مع دول اخرى ستسهم كثيراً في عملية تنويع الاقتصاد واستقطاب التكنولوجيا المتطورة وتوسيع دور القطاع الخاص وهو الهدف الذي تسعى الامارات ودول الخليج الاخرى اليه". وتعد شركة "جيات" الفرنسية المستثمر الاكبر في الامارات حالياً ضمن برنامج المبادلة الموقع مع صفقة دبابات "لوكليرك" وقيمتها نحو 8.3 بليون دولار التي ابرمت عام 1993. وتتوقع الامارات الآن مشروعاً اكبر بموجب الصفقة التي اتفق عليها مع الولاياتالمتحدة لتزويدها الامارات نحو 80 طائرة مقاتلة من طراز "أف - 16" وتصل قيمتها الى اكثر من سبعة بلايين دولار وهي اكبر صفقة عسكرية في تاريخ الامارات. ويشار الى ان الامارات تفرض على مصدري السلاح اليها استثمار نسبة من قيمة العقود الدفاعية في مشاريع مدنية بحيث تصل قيمتها المضافة الى 60 في المئة من قيمة الصفقة في غضون 10 سنوات.