هاجمت لجنة المتابعة الإعلامية المنبثقة من المؤسسات الإعلامية غير المرخّصة قرار مجلس الوزراء بتحديد اقنية البث التلفزيونية، للمحطات الست المرخّص لها، معتبرة "ان هدفه تكريس لما تقاسمته بعض الاطراف من حصص وما انشأته من معادلات لمصادرة مساحة الحرية والتعدد الاعلامي في لبنان". وحمل بيان للجنة على رئىس الحكومة رفيق الحريري ووزير الاعلام باسم السبع، واصفاً سياسة الحكومة حيال الاعلام بأنها "سياسة خارجة على القوانين لا تعرف إلا الصفقات والحصص". وكان مجلس الوزراء أقرّ اول من امس، مرسوم توزيع الاقنية التلفزيونية على المحطات المرخص لها في جلسة عقدها للمرة الاولى في السرايا الحكومية الكبيرة وهو المشروع الذي كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري عارضه متضامناً مع لجنة المتابعة للتلفزيونات غير المرخصة. وإذ وافقت اكثرية الوزراء على توزيع الاقنية هذه ستة لكل محطة فإن الوزراء الموالين للرئيس بري، ومنهم محمود أبو حمدان، أيوب حميد، اضافة الى الوزيرين نقولا فتوش وفارس بويز تحفظوا على المرسوم. وكان وزراء آخرون اقترحوا ارجاء اقرار المرسوم بهدف مزيد من الدراسة الفنية لتوزيع الاقنية وانتظار اعمال لجنة وزارية مكلفة بالملف الاعلامي، منهم نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر رئيس اللجنة ووزراء الدفاع محسن دلول، والزراعة شوقي فاخوري والبيئة أكرم شهيب اضافة الى الذين عارضوا في التصويت. الا ان رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي ترأس الجلسة ووزير الاعلام باسم السبع اكدا ان اقرار المرسوم، باعتبار ان استخدام المحطات العشوائي للاقنية الحالية غير قانوني، لا يتعارض مع اعمال اللجنة الوزارية. وفيما ردّ المعارضون من الوزراء لإقرار المرسوم موقفهم الى ان توزيع الاقنية لم يحظَ بموافقة المجلس الوطني للإعلام وهيئة تنظيم البث الاذاعي، اوضح السبع "ان الهيئة تلكأت عن دراسة التقرير الفني في هذا الصدد وأنه لم يعد هناك من مجال للتأجيل". وكان للتصويت مغزى سياسي في ظل الخلاف القائم بين بري والحريري، الذي تمكن من تمرير المشروع امس في ظل معارضة رئيس المجلس له. وبرر السبع الاصرار على توزيع الاقنية التلفزيونية وتحديدها، الذي يقول معارضوه انه يقفل الباب على اعطاء تراخيص جديدة لطالبيها، بالتأكيد "ان المؤسسات المرخصة لم تستكمل وضعيتها القانونية وان اقرار المرسوم يستكمل هذه الوضعية، لأن معظم المحطات تعمل حالياً على الموجات نفسها فيتضارب بثها وتحدث فوضى في التقاط الصورة والقانون ينص على تحديدها وحصرها". وأكد السبع "ان الاصرار على مرسوم التوزيع يعود الى الرغبة في عدم توريث وزير الاعلام المقبل، اوضاعاً عليها شبهة قانونية". وقال انه "سيتم لاحقاً تحديد الموجات الخاصة بالاذاعات المرخصة". واعتبر "ان الحديث عن تحديد الاقنية جرى تضخيمه ولا يتطلب كل هذا الضجيج اذ مضى على القضية ثلاث سنوات". ووصفت لجنة المتابعة الاعلامية، في بيان امس، ان المرسوم "تعسفي وغير قانوني ومحاولة لإقفال الملف الاعلامي لوضع البلاد والاعلاميين والعهد المقبل امام الامر الواقع". واعتبرت "ان منطق وزير الاعلام في تبرير ما جرى بان مراسيم الترخيص التي اصدرت كانت مشبوهة وأن اصدار قرار توزيع الاقنية جاء لإزالة الشبهة العالقة بها منذ سنة، غريب عن القانون وعن المؤسسات وأشبه بأسلوب "عذر اقبح من ذنب". فكيف تصحح مخالفة بمخالفة اخرى والأحرى كان انتظار تقرير اللجنة الوزارية وتكليف المجلس الوطني بإعداد اقتراحات شاملة لتصحيح الملف الاعلامي؟". وأضافت "اذا كان الوزير السبع قد توخى ازالة ثغرة في الشكل القانوني لتلك المراسيم فان ذلك لا يعطيها الصفة القانونية ولا ينفي التقاسم والاستنساب وعقلية المصالح الصغيرة التي حكمت التعامل مع الملف الاعلامي". وسأل "من يحاسب وزير الإعلام والحكومة على اصدار مراسيم يقول الوزير علناً انها كانت مشبوهة". واتهمت اللجنة الحكومة "بتهميش المجلس الوطني للاعلام وهيئة تنظيم البث وتجاوز اللجنة الوزارية والقفز فوق قانون الاعلام". ورأت اللجنة في القرار "تتويجاً لأخطاء حكوماته وتجاوزاتها المتعلقة بالإعلام المرئي والمسموع". وأوضحت "ان تعديل قانون الإعلام وانبثاق مجلس وطني للإعلام مستقل بتكوينه ومحصن مناط به كل صلاحيات المرجعية القانونية والتقريرية للقطاع هو السبيل لمحو اثار ست سنوات من خرق القوانين وانتهاك الدستور وحماية المصالح الشخصية للبعض". ودعت المجلس النيابي الى "وضع يده على المخطط التوجيهي لإصداره بقانون يلغي كل تدبير مخالف". يذكر ان تحديد قنوات البث، الذي كان يفترض ان يتم منذ نحو ثلاث سنوات، بعد الترخيص للمحطات التلفزيونية، بحسب ما ينص عليه قانون تنظيم الإعلام، يجب ان يؤدي بالمحطات الست العاملة الان الى دفع بدل استئجار هذه القنوات، والتي تبلغ مئة مليون ليرة لبنانية عن كل سنة، لكل محطة وفق القانون. وهو بدل، كما قالت مصادر الوزير السبع، لم تدفعه التلفزيونات المرخصة خلال السنوات الماضية باعتبار ان الحكومة لم تحدد لها القنوات التي يجوز لها استعمالها