تطورت قضية العمال المصروفين من معامل لبنانية الى درجة استدعت تحركاً رسمياً ونقابياً كونها باتت تهدد مجمل القطاع الصناعي الذي تشكو مؤسساته ومصانعه من ارتفاع كلفة عناصر الانتاج وعدم القدرة على المنافسة وسط مطالبة بالغاء الرسوم الجمركية على المواد الاولية وخفض اسعار الفيول أويل وفواتير الكهرباء. وتمثّل التحرك النقابي باعتصام رمزي نفّذه الاتحاد العمالي العام امام القصر الحكومي امس، نحو ساعتين، شارك فيه نحو 150 شخصاً، منعتهم القوى الامنية المولجة أمن المقر من الاقتراب منه، على ان يستكمل التحرك باعتصامات تنفّذ امام القصر الجمهوري والمجلس النيابي انطلاقاً من اعتبار الاتحاد ان "الحكم، بكل مؤسساته، مسؤول عما آلت اليه الاوضاع الراهنة على صعيد الصرف الجماعي المفتعل". وتمثّل التحرك الرسمي بتشديد رئيس الحكومة رفيق الحريري بعد لقائه وفداً من المعتصمين، على ان "تكون القضية في طليعة اهتماماته"، وباهتمام وزير العمل اسعد حردان مباشرة عبر لقاء عقده مساء امس مع صاحب معمل "سوليفر" عزت قدورة، وبمتابعة اجهزة الوزارة مباشرة عبر وساطات قانونية ومفاوضات مع فريقي الانتاج للتوصل الى حل يحفظ حقوق العمال. ونقلت مصادر في الاتحاد عن اللقاء مع الحريري ان الوفد طالبه بالتدخل لحل قضية المصانع المقفلة وصرف العمال، فأجرى من فوره اتصالاً بحاكم المصرف المركزي رياض سلامه للاجتماع معه والبحث في قضية "أدكوم بنك". واتصل ايضاً باصحاب المصانع المقفلة، ودعاهم الى لقاء يعقد اليوم للبحث الجدي في قضية العمال المصروفين والحفاظ على ديمومة عملهم وتقديم التسهيلات الى الصناعة اللبنانية. وسلّم الوفد رئيس الحكومة مذكرة "ضرورة وجود عقد جماعي بين الحكومة والعمال وارباب العمل في هذه الظروف بما يؤمن الاستقرار الاجتماعي المنشود". وأرفق الوفد المذكرة بملاحظات الاتحاد العمالي واقتراحاته في شأن نص المادة ال50 من قانون العمل اللبناني، اذ رأى "ضرورة التشدد في حظر الصرف التعسفي وعدم إباحته حتى بداعي الظروف الاقتصادية والفنية الا بعد استنفاد كل وسائل الضبط المالي وضغط مختلف انواع الانفاق المتعلق بادارة المؤسسة أو بمالكها، لان الرأسمال والملكية الخاصة الكبيرة وظيفة اجتماعية". مصير العمال وقضية العمال المصروفين في معملي "سوليفر" "ونيو لاين" وموظفي "ادكوم بنك" لم تنتهِ فصولاً بعد. فعمال "سوليفر" ال242 المهددون بالصرف يطالبون ب"ديمومة العمل لجميع العمال وخصوصاً ان المصنع كان يستوعب 50 عاملاً اضافياً عن العدد الحالي". ويشيرون الى ان "الادارة وظّفت 12 مليون دولار لتحديث الآلات والمعدات في المصنع"، ويقترحون تعويضات لهم تساوي شهرين تعويضاً عن كل سنة للعمال الذين عملوا من سنة الى عشر سنوات، وشهراً ونصف الشهر للعمال الذين عملوا من 10 سنوات الى 20 وشهراً واحداً من 20 سنة وما فوق تزاد اليها اشهر الانذار القانوني. في حين حددت الادارة بدلاً لثمانية اشهر تعويض صرف ودفع بدل اشهر الانذار حتى اربعة اشهر وتجميد احكام عقد العمل الجماعي لاربع سنوات وربط هذه المطالب بتسهيلات مقدمة من الدولة والبحث في جدولة اعادة التوظيف في حال تشغيل المصنع مجدداً". وعلى صعيد معمل "نيولاين"، اعلنت ادارته امس اقفاله وبقي عماله البالغ عددهم 130 خارجه. وقالت أوساط وزارة العمل والاتحاد العمالي ان اسباب الازمة في هذا المصنع ناتجة عن خلافات بين الشركاء وليست اقتصادية. واعلنت وزارة العمل رفضها المطلق لقرار الاقفال نظراً الى قيام وساطة قانونية تمنع صاحب المعمل من صرف العمال او اغلاقه في وجههم. وأبلغت مصادر وزارة العمل "الحياة" ان شركة "الكاتل" قررت صرف 15 عاملاً لديها بحجة عدم التزامها مشاريع جديدة في لبنان في حين ينصّ القانون على وجوب استمرارها في استخدام العمال لديها في مشاريع تلتزمها خارج لبنان. وكذلك تلقى رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جاك صراف كتاباً من اصحاب مصانع الألبسة الجاهزة في لبنان شرحوا فيه اوضاع المعامل وصرف العمال وخفض ساعات العمل وتراجع الانتاج معلنين انهم "على ابواب الافلاس وإقفال معاملهم". وطالبوا "بالغاء الرسوم الجمركية نهائياً على المواد الاولية وفرض رسوم جمركية نوعية على الالبسة المستوردة وخفض كلفة الانتاج من كهرباء ومازوت وضمان وضرائب". الى ذلك، شهدت مخيم عين الحلوة اعتصاما احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية فيه.