تفاوتت ردود الفعل امس، بين مرحب بقرار مجلس الوزراء اللبناني زيادة الاجور، ومتحفظ عنه. والقرار يأخذ في الاعتبار الاتفاق الرضائي بين طرفي الانتاج، اي ارباب العمل والهيئات النقابية والعمالية، وهو الرابع خلال ثلاثة اشهر بعدما تعثر تنفيذ المراسيم الثلاثة الاولى. ولم يداوم وزير العمل شربل نحاس في مكتبه امس، وذكر ان غيابه له علاقة ب «عدم الاخذ بمشروعه لتصحيح الاجور، اذ ان مشروعه سقط في التصويت داخل مجلس الوزراء بعشرة أصوات مقابل 19 صوتاً لمصلحة الاتفاق الرضائي. واذا وقع نحاس المرسوم تصبح الزيادة سارية فور صدور المرسوم في الجريدة الرسمية. ام اذا لم يوقع او فكر بالاستقالة، فقالت مصادر وزارية انه «لا يستطيع ان يذهب بعيداً في موقفه». واستغربت هذه المصادر «كيف يتحجج نحاس بلا قانونية اصدار مرسوم ببدلات النقل ويقبل بقرارات بسلف خزينة من الحكومة هي ايضاً غير قانونية». ويقضي قرار رفع الحد الادنى للأجور من 500 الف ليرة (333 دولاراً) الى 675 الفاً (450 دولاراً)، ما يعني زيادة تتراوح بين 175 الف ليرة (117 دولاراً) ومئتي الف (134 دولاراً) للأجور التي تصل الى مليون ليرة (666 دولاراً)، وزيادة 250 الفاً (167 دولاراً) على الأجر لغاية مليون ونصف مليون ليرة (الف دولار)، و300 الف (مئتا دولار) كحد اقصى على الاجور التي تفوق المليون ونصف المليون، على ان تحتسب الزيادة بعد حسم مبلغ 200 الف ليرة (133 دولاراً) من الراتب الاساسي كانت أُضيفت على الاجور عام 2008 باعتبار ان هذه الزيادة غير قانونية لأنها أُقرت بشكل مقطوع ومن دون احترام مبدأ الشطور في الأجر». الاتحاد العمالي يرحب وتعليقاً على قرار مجلس الوزراء، رحب رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن بالقرار وأوضح في تصريح ل «الحياة»، أنه «يكرس الاتفاق الرضائي»، مشيراً الى ان «الزيادة على الأجور تراوحت بين 200 ألف ليرة حداً أدنى و300 ألف حداً أقصى، على ألا تقلّ على الشطر الأول أي مليون ليرة عن 200 ألف، وألا تزيد على 300 ألف على الشطر الذي يبدأ من مليون وما فوق». ولفت إلى أن بدل النقل سيبقى «ثمانية آلاف ليرة عن كل يوم عمل». واعتبر رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار، ان القرار «جاء ليكرس الاتفاق الرضائي الذي جرى التوصل إليه في القصر الجمهوري بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي، وهو الحل الأنجع في الوقت الراهن، خصوصاً في ظل الانكماش الاقتصادي الذي تشهده الاسواق اللبنانية من جراء الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد من جهة والاوضاع المضطربة التي تشهدها الدول العربية من جهة اخرى». ونوه ب «الدور البنّاء الذي قام به رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في سبيل ايجاد توليفة قانونية لصدور هذا القرار داخل مجلس الوزراء». وهنأ رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام، في بيان «العمال والهيئات الاقتصادية والحكومة على طي ملف تصحيح الأجور»، وشكر للحكومة «مباركتها الاتفاق الرضائي غير المسبوق»، داعياً إلى «التأسيس عليه لمتابعة الحوار البنّاء لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية بتكامل وانصهار بين مفهومي العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية». واعتبر «ان تصحيح الأجور خطوة أساسية مطلوبة للتخفيف عن الأثقال الاجتماعية التي يتحملها المواطنون، ويجب أن تستكمل بخطوات عملية للحد من التدهور الاقتصادي والمعيشي القائم والذي نرتقبه ولزيادة مناعة البلاد في مواجهة هذه التحديات من خلال تحفيز النمو»، مطالباً «بإطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبت بمشروع التشركة بين القطاعين العام والخاص وإصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتحفيز القطاعات الإنتاجية من حماية جمركية ودعم للفيول والمازوت ووضع خطة وطنية للنقل العام وتحديد آليات سنوية لتحديد نسب الغلاء وإنشاء مدن صناعية نموذجية خاصة أو عامة وتحفيز التوظيفات الجديدة». نقابات تتحفظ ورفض «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» في لبنان «المرسوم المسخ الذي تجاهل كل المطالب العمالية»، معتبراً ان «التحالف الحاكم والقابض على مقدرات البلد، الذي يثبت مجدداً نجاحه في تدفيع الفقراء الثمن عن لقمة عيش اطفالهم، عبر مرسوم تصحيح الاجور الجديد، الذي تم بفضل تقاعس وتواطؤ بعض من يدعي تمثيل العمال الذي ليس في برنامجه حقوق العمال في الاجور العادلة ولا في التعويضات العائلية وتحديد سعر المحروقات وبدل منح التعليم والنقل وتعزيز الضمان والتغطية الصحية الشاملة ولا في تعزيز الامن الاجتماعي. وحض «العمال والقوى النقابية الشريفة على التحضير للتحرك في الشارع». واعتبر رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي في تصريح، «أن قرار مجلس الوزراء أسقط ما سمّي بالاتفاق الرضائي بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي، ولم يبق منه سوى الرقم 675 ألفاً للحد الادنى بعدما أُفرغ من محتواه وأن اصدار مرسوم غلاء يستند الى قاعدة القانون 36/67». ورأى «ان القرار يدخل في اطار الحفاظ على ماء الوجه لبعض القوى السياسية التي رعت هذا الاتفاق». واعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض «أن مجلس الوزراء أخذ بملاحظات هيئة التنسيق النقابية التي تتلخص بقانون بدل النقل، وقانونية المشروع الجديد وعدم تدني الأرقام عن 300 ألف ليرة». لكنه رأى في الوقت نفسه «أن الزيادة التي أقرّت لا تلبي طموحات العمال والمعلمين وقبلوا بها على مضض، فما أقر هو الحد الأدنى في ظل وجود قيادة عمالية لا تمثل العمال». وأعلن محفوض أن الهيئة «ستعمل مع الحكومة من أجل تحسين سلاسل ودرجات المعلمين في القطاع العام الذي سيصدر قريباً، وستحدد خطوات تصعيدية جديدة في حال لم تحافظ الحكومة على قيمة الدرجة للموظفين والمعلمين».