من هي فاديا الحاج التي ستغني في بعلبك هذا الصيف؟ السؤال على كل شفة ولسان، وبقدر ما يهنئ بعضهم لجنة المهرجانات لاختيارها موهبة من خارج سياق التهريج الاعلامي، ما زال كثيرون على اندهاشهم كونهم لم "يسمعوا" باسمها من قبل، فكيف تنشب من المجهول الى أدراج بعلبك مرّة واحدة؟ أولاً لا بد من ايضاح ثقيل: لا علاقة ولا قرابة بين كاتبه وفاديا. ثانياً هي فاديا طنب شقيقة عايدة المعروفة باسمها الفني رونزا وبما هي زوجة يوسف الحاج اصابتها الكنية بالقران... بابتسامة حيية تجيب فاديا على التساؤل الاول: "لأنني قضيت الحقبتين المنصرمتين خارج لبنان، خصوصاً في ألمانيا حيث درست الموسيقى والغناء، ولأنني انصرفت الى النوع الكلاسيكي وكانت انطلاقتي في الخارج، ولأن الجمهور اللبناني انقطع بفعل الحرب عن مستجدات الثقافة العالمية، كان لا بدّ ان ترتسم علامات تساؤل حولي، لكنني لست على عجل من امري في هذا المجال". تخصصت فاديا في انشاد تراث القرون الوسطى في الموسيقى الدينية والشعبية على السواء. ثم دلفت الى تجارب في ما بات يسمى "موسيقى العالم" فأنشدت الموشحات الاصلية والتراتيل البيزنطية والسريانية وبرعت في اللون الاسباني - الشرقي ذي المؤثرات المورية القوية. تقول فاديا إن دراستها الاوبرالية في ألمانيا اتجهت بها في صورة عفوية نحو جذورها المتوسطية والمشرقية: "كنت مغنية منفردة في الانسامبل ميدييفال وكان قائد الاوكسترا مهتماً بموسيقى الشرق الاوسط، اذ كان يعتبرها نواة الموسيقى الكلاسيكية الغربية. وفي تصوره انه على المغني الشرقي ان يتعلم التقنيات المبدئية من القرنين الثالث عشر والرابع عشر. وكان كلما استمع الى ادائي يزداد اقتناعاً بضرورة التفتيش عن منطلق لإقامة همزة وصل بين موسيقانا القديمة وبين موسيقى الغرب الراهنة. هكذا ولدت فرقة "سارباند" التي تعني تقريباً الحلقة الرابطة، وأصبحت منشدتها الأولى". وتتحدث فاديا عن 250 حفلة في البلاد الاوروبية ومشاركة بارزة في مهرجان موسيقى القرون الوسطى الذي اقيم منذ عامين في قاعة كوين اليزابيت هول في لندن. كذلك عن مشاركتها في اربعين مهرجاناً حول العالم. ثم تقول: "هناك رهبة مختلفة تسري في دمي الآن، لأنني اتهيأ لمواجهة جمهور بلدي للمرة الاولى ومن مكان يحمل الكثير من الرموز والايحاءات القوية. عموماً اعصابي هادئة حين اغني خارج لبنان. الا انني لا استطيع ان انكر اليوم اختلاف شعوري وأنا اتهيّب اللحظة حين سأكون وحدي في ظلّ الاعمدة الشاهقة امام الجمهور". فاديا لن تكون وحدها تماماً في بعلبك، بل ستغني مع كورس وعازفين بينهم لبناني واحد هو شربل روحانا. صوتها المدرّب المثقف الدافئ، يحمل في نبرته وعداً واثقاً بعودة الالق والسطوع الى سماء الغناء الجدّي في بلادنا.