هل اغتيال معطوب الوناس سبب التظاهرات ام كبش فداء ؟ شدت انتباهي عبارة وردت على صفحات جريدة "الحياة" في تقريرها يوم 29/6/1998 عن الاحداث التي تجتاح منطقة القبائل في الجزائر، تقول "شعور بمخاوف من ان يكون اغتيال المطرب معطوب الوناس بداية انتفاضة ذات طابع سياسي في تلك المنطقة"! هل اغتيال معطوب هو حقاً بداية الانتفاضات ام فتيل نار فتنة اشعلها اصحابها لاخراج الجماهير وحشد طاقاتهم وتوجيه غضبهم كاستثمار سياسي غايته تعطيل تنفيذ قانون تعميم اللغة العربية كخطوة تدخل في اطار اشمل يراد له سلخ الجزائر عن محيطها الحضاري العربي الاسلامي وإلحاقها بما ابتدعوه من انتماء "متوسطي"؟ ان ما يحدث هذه الأيام الاخيرة في الجزائر يذكرنا بما شهدته البلاد قبل عشر سنوات. ويتمثل هذا التشابه في ما اورده شهود بقولهم: "ان مجموعة من الشباب الجزائري القوا الحجارة على مبان عامة في المدينة تيزو وزو عاصمة القبائل معبرين عن غضبهم". وهكذا بالذات بدأت احداث تشرين الأول اكتوبر 88 الأليمة التي تبين في ما بعد ان ما ظهر من عفوية في نشوئها كان بتدبير على اعلى المستويات لأغراض لا يزال قسط من اسرارها يتجلى كل يوم. ان الاحداث الاخيرة التي تجتاح منطقة القبائل وتتمثل في هجوم المتظاهرين على اللوحات وكل ما كتب بالعربية او يرمز اليها، ليس سوى تجسيد وتنفيذ للرفض الواضح الذي تجهر به "نخبة" غريبة داخل صفوف النظام لقانون تعميم اللغة العربية وشعارهم في ذلك: "لن نتركهم يعربوننا". هذه المظاهرات جاءت ظاهرياً كرد على اغتيال المطرب القبائلي معطوب الوناس، ولكن بعيداً عن الاتهامات بالبرانويا والمؤامراتية، فان توقيت هذا الاغتيال جاء بما لا يدع شكاً في دقته، اذ حدث قبل ايام من تطبيق قانون تعميم اللغة العربية. ومما يزيد في شكوك الاستثمار السياسي وهوية الفاعلين الذين بالتأكيد لم يكن يروقهم تطبيق ذلك القانون الجائر والمتخلف في نظرهم. الا تعتبر الغاية من اغتيال رمز المنطقة القبائلية واستثمار قتله والكثير لا يقول باستغلال اغتياله فحسب بل بتدبيره شحن عواطف مواطني المنطقة وحشدهم وتوتيرهم للخروج الى الشوارع، واستخدام هؤلاء ذرائع بشرية في مواجهة اللغة العربية، وإن ادى ذلك الى اشعال فتيل حرب قد تفوق في عواقبها - لا قدّر الله - ما نجمت عنه احداث اكتوبر 88 الدامية؟ .... ان الامر بايجاز يستهدف وحدة الشعب الجزائري واللغة العربية وعمق تاريخ الجزائر في خطة تهدف الى سلخه من فضائه الطبيعي العربي الاسلامي لحساب انتماء لقيط سموه متوسطياً. يجب الحذر والتفطن لكيد فرنسا … هل فرنسا اكثر "حنية" على ابناء مستعمراتها من ابنائها