دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمس الى علاقات جيدة بين بلاده والبحرين، وعدم تأجيل هذه المسألة الى حين اصدار محكمة العدل الدولية قرارها بت الخلاف بين البلدين. كما حذر من "كوارث" لها عواقب على المنطقة العربية برمتها إذا استمر الجمود في عملية السلام، وأيد عقد قمة عربية. وطالب أمير قطر راعيي عملية السلام في الشرق الأوسط وفرنسا وأوروبا بممارسة الضغوط على الحكومة الاسرائيلية لحضها على الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية، والعودة الى أسس مؤتمر مدريد القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام، واستكمال المفاوضات على المسارين السوري واللبناني. واعتبر ان ذلك ضروري "لتجنيب المنطقة اخطاراً فعلية تهددها برمتها، وتنذر بكوارث يصعب تقدير عواقبها". وكان أمير قطر يتحدث أمس في محاضرة ألقاها في معهد العلاقات الدولية الفرنسي في باريس بحضور وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير المال يوسف كمال وحشد من الديبلوماسيين الفرنسيين والعرب، ورجال أعمال وممثلي كبريات الشركات في فرنسا. ونوه بسياسة فرنسا التي وصفها بأنها "حكيمة حيال قضايانا العادلة، اذ ان مواقفها تتطابق الى حد بعيد مع طموحاتنا". ورأى ان الموقف الأميركي من السياسة الاسرائيلية سببه ان الكونغرس يتبنى موقفاً يجبر الحكومة الأميركية على السير في سياقه، مشيراً الى أن اسرائيل لم تفسح في المجال أمام دور أميركي ضاغط نتيجة تأثيرها في الكونغرس. وطالب بقمة عربية لاتخاذ قرار يدعم المبادرة الفرنسية - المصرية لعقد مؤتمر دولي لانقاذ السلام، وقال ان "المبادرة الفرنسية - المصرية جيدة تستحق التقدير، ولكن في عالمنا العربي لا بد لنا من قرار مشترك يدعمها بدل ان تستمر كفكرة ويبقى الخلاف بين الدول العربية قائماً". وزاد الشيخ حمد بن خليفة: "نحن من الدول التي تطالب بعقد قمة عربية لمناقشة تأثير تجميد عملية السلام في الشرق الأوسط". ورداً على سؤال عن الخلاف القطري - البحريني، قال: "الخلاف منذ نحو ست سنوات أمام محكمة العدل الدولية، وقطروالبحرين بانتظار الحكم الذي سيصدر عنها للعمل لتنفيذه". لكنه أكد ان "أهم شيء في هذا الموضوع أن نحاول مع البحرين ايجاد علاقات جيدة وتعاون متين الى أن يصدر الحكم، لا أن ننتظر صدوره". وفي شأن التجارب النووية الهنديةوالباكستانية، أبدى أمير قطر تفهماً لرد فعل باكستان وقال: "لا نستطيع ان نجبر باكستان إذا كانت تشعر بخوف من جارتها الهند، على ألا تبني سلاحاً نووياً، فقد يكونون مختلفين عنا نحن العرب، اذ أن اسرائيل تبني مفاعلاً نووياً ونحن لا نقوم بالمثل". وتابع ان ايران "واضحة في ما يتعلق ببرنامجها النووي إذ طلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تأتي لفحص المفاعل النووي الايراني". وبرر الترحيب الشعبي الاسلامي والعربي بتجارب باكستان النووية بأنه رد فعل "لشعور هذه الشعوب بالاهانة"، لكنه تمنى ألا تكون هناك مفاعلات نووية في أي مكان في العالم و"ألا يستخدم هذا السلاح المدمر للانسان". وقال ان قطر أيدت طلب اليمن الانضمام الى عضوية مجلس التعاون الخليجي "لكن بعض الدول تحفظ وله الحق". وتلى محاضرة أمير قطر لقاء بينه وبين وزير خارجية فرنسا هوبير فيدرين، ثم مأدبة غداء قال خلالها الوزير الفرنسي: "ان بلدينا على قناعة بضرورة مواصلة الجهود واعطاء الأمل مجدداً لأولئك الذين التزموا مسيرة السلام" داعياً الأطراف المعنية الى "استئناف الحوار وتجنب تحويل المخاوف المشروعة الى مظاهر تعنت وعرقلة". وشدد فيدرين على أهمية "رفض تحويل الفرصة التاريخية المتاحة أمام السلام الى فرصة ضائعة، مع كل ما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج". وأكد ضرورة تنسيق الجهود بين أوروبا والعالم العربي لصون امكانية تحقيق السلام الدائم، مشيراً الى أن المبادرة الفرنسية - المصرية تصب في هذا الاطار. الى ذلك أكد الوزير ان "لفرنساوقطر وجهة نظر واحدة حيال مستقبل العراق" منوهاً بالديبلوماسية القطرية التي ساهمت في شباط فبراير الماضي في حلحلة الأزمة العراقية واتاحت المجال أمام تفتيش المواقع الرئاسية في العراق. ورأى ان من الضروري بالنسبة الى أمن المنطقة صون العلاقات بين بغداد والأمم المتحدة "للتوصل الى تطبيق العراق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بأسرع وقت كي يستعيد هذا البلد مكانته في المجتمع الدولي وتتوقف معاناة الشعب العراقي التي لا ذنب له فيها". وكان الشيخ حمد بن خليفة صرح عقب محادثاته مع الرئيس جاك شيراك بأن احياء عملية السلام يتطلب موقفاً عربياً أصبح ضرورياً. وعبر عن تأييده "أي مبادرة تهدف الى تحريك السلام" في اشارة الى المبادرة الفرنسية - المصرية. وقال شيراك ان المبادرة سيناقشها الجميع و"اننا جميعاً نشعر باليأس بسبب الموت الذي يهدد مسيرة السلام، ونعتقد انه لا بد من بذل كل ما يمكن لإعادة احيائها على قاعدة الأسس المقرّة في مدريد وأوسلو، وعلى قاعدة الاقتراحات الأميركية الأخيرة". وأضاف انه والشيخ حمد بن خليفة "صديقان قديمان" لديهما "وجهات نظر وأهداف متطابقة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية خصوصاً الشرق الأوسط ومسيرة السلام، وعلاقات اسرائيل مع الدول المجاورة لها". وأنهى الشيخ حمد أمس زيارته الرسمية لباريس والتي استمرت يومين.