عززت قوات الأمن اليمنية وجودها أمس قرب المساجد الكبيرة في صنعاء وبقية المدن تحسباً لأي تظاهرات يقوم بها المصلون بعد صلاة الجمعة، لكن النهار مرّ بسلام ولم تحصل أي تظاهرات. ولوحظ ان قوات الجيش لم تعد موجودة في الشوارع والأحياء العامة، فيما عادت الأوضاع الى طبيعتها في البلد وسط ترقب شعبي واسع لما ستقوم به الحكومة في الأيام المقبلة في ضوء ما شهدته اليمن من تظاهرات احتجاج على قراراتها برفع اسعار بعض السلع والخدمات الاساسية. واسفرت تلك التظاهرات عن أحداث شغب وحملات اعتقالات وسقوط ضحايا في صفوف مدنيين وأمنيين بسبب هذه الاحداث التي بدأت السبت الماضي. وكانت اجهزة الأمن اليمنية اتخذت ترتيباتها امس على أساس انها تتوقع اندلاع تظاهرات احتجاج ضد الحكومة بعد صلاة الجمعة. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث رغم ان معظم خطباء المساجد هاجموا قرارات الحكومة برفع الاسعار. واتهم عدد من الخطباء حكومة الدكتور عبدالكريم الارياني بالعمل على إفقار المجتمع اليمني وإرضاء البنك الدولي على حساب الأوضاع المعيشية الصعبة عند السواد الأعظم من الناس. وندد خطباء في الوقت نفسه بأعمال التخريب والشغب وطالبوا المصلين بممارسة حقهم الدستوري في التظاهر السلمي والضغط على الحكومة واجبارها على إلغاء قرارتها برفع الاسعار والتصدي لإعمال الشغب والتخريب. الى ذلك، علمت "الحياة" ان أحزاب المعارضة اليمنية تحفظت عن دعوة الرئيس علي عبدالله صالح الى حوار بين الحكومة وهذه الاحزاب وذلك في لقاء مع زعماء الاحزاب عقد أول من أمس لمناقشة التطورات الأخيرة التي نتجت عن قرارات الحكومة برفع الاسعار. وقال قادة الاحزاب المعارضة ل "الحياة" امس انهم يعتقدون ان أي لقاء مع الحكومة لن يؤدي الى نتيجة بخاصة ان رئيس الحكومة وبقية الوزراء رفضوا الانصياع لمجلس النواب ولم يعرّ رئيس الوزراء ما طرحه اعضاء مجلس النواب واجماعهم ضد قرارات الحكومة أي اهتمام، بل أعلن ان الحكومة تصر على تنفيذ قراراتها. وفي هذا السياق، تحاول حكومة الارياني العمل من أجل اتخاذ قرارات عاجلة تستهدف اصلاح الاختلالات الادارية والقضائية وملاحقة أوكار الفساد في ضوء ما أعلنه الرئيس علي صالح أمام قادة أحزاب المعارضة من جهة وسعياً الى امتصاص غضب الشارع اليمني والتخفيف من موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ يوم السبت الماضي ضد قرارات الحكومة من جهة اخرى. وكان المتظاهرون طالبوا بإلغاء القرارات وهاجموا حكومة الارياني ما جعل الحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام" في موقف حرج على الصعيد الشعبي بخاصة ان البرنامج الانتخابي لحزب المؤتمر الذي حصل على غالبية مريحة في مجلس النواب العام الماضي يؤكد رفع المعاناة المعيشية عن كاهل الناس واصلاح الأوضاع والاختلالات الاقتصادية والمالية والإدارية والأمنية والقضائية... واعتبرت الأوساط السياسية في اليمن موجة الاحتجاجات الشعبية ضد قرارات الحكومة برفع الاسعار بمثابة هزة قوية لحكومة المؤتمر الشعبي العام التي يرأسها الدكتور الارياني، الأمين العام للمؤتمر الذي يحظى بشعبية كبيرة على مستوى الشارع.