شهدت صنعاء أمس تظاهرات قام بها عشرات الآلاف من المواطنين أدت الى حال شلل في المدينة استمرت خمس ساعات. واجتاح المواطنون معظم شوارع العاصمة وأحيائها الرئيسية فيما شهدت منطقتا خمر وعمران التابعتان لمحافظة صنعاء، وتقعان شمال غربي العاصمة، تظاهرات مماثلة قطع مواطنون خلالها الطرق المؤدية الى صنعاء. واحتج المتظاهرون على قرارات الحكومة القاضية برفع أسعار الوقود والخدمات الاستهلاكية ومادتي القمح والدقيق بنسبة تراوح بين 20 و40 في المئة في اطار برنامج الاصلاحات الاقتصادية والمالية في البلد. وساد هدوء حذر بقية المدن والمناطق اليمنية وعاد الهدوء الى العاصمة بعد الظهر وسط مخاوف أمنية وحكومية بعودة التظاهرات اليوم. وأغلق متظاهرون الشوارع بحواجز من الحجار والاطارات المشتعلة كما حطموا واجهات المحلات والبنايات في عدد من الشوارع واحرقوا ست سيارات بينها باصات صغيرة للنقل الجماعي احتجاجاً على رفع أصحابها تعرفة النقل بنسبة تصل الى 130 في المئة. وندد المتظاهرون بالحكومة ورئيسها الدكتور عبدالكريم الارياني ورددوا شعارات منها "لا ارياني بعد اليوم" ووصفوه بأنه ضد الشعب لأنه لا يشعر بهموم المواطنين ومتاعبهم المعيشية ولا يهمه إلا تنفيذ إرادة البنك الدولي". وتصدت قوات الشرطة للمتظاهرين مستخدمة الهراوات وطلقات مطاطية وقنابل مسيلة للدموع واطلقت العيارات النارية في الهواء من الرشاشات المحمولة على السيارات المكشوفة بهدف تفريق المسيرات الاحتجاجية ومنعها من الالتحام ببعضها في نقاط وشوارع العاصمة. وأكد مصدر في وزارة الداخلية اليمنية ل "الحياة" انه لم تقع أية اصابات في صفوف المتظاهرين أو قوات الشرطة. وأوضح ان التظاهرات جرت بطريقة عفوية دون تنظيم مسبق من أي جهة حزبية أو غير حزبية وأن المتظاهرين قاموا بأعمال تخريب يعاقب عليها القانون إذ أحرق عدد من السيارات الخاصة وحطمت واجهات لمحلات ولوحات الاعلانات الدعائية الموجودة في الشوارع واغلق بعض الشوارع" ولم يوضح المصدر ما إذا كانت أجهزة الأمن أوقفت متظاهرين يشتبه بارتكابهم أعمال شغب في أثناء التظاهرات. وقال ان أجهزة الأمن اتخذت اجراءات لتعزيز النظام والأمن في مثل هذه الحالات. وأضاف ان "وزارة الداخلية أصدرت تعليمات صارمة الى أجهزتها المختلفة بمراقبة حركة السير وجعل سائقي المواصلات الخاصة يحترمون التعرفة الجديدة لاجور المواصلات الداخلية وبين المدن الرئيسية بعدما علمت ان السائقين رفعوا أسعار المواصلات بشكل مبالغ فيه علماً بأن الوزارة سمحت برفع اجور المواصلات بمعدل 20 في المئة فقط". وعلمت "الحياة" ان وزير الداخلية اللواء حسين محمد عرب رأس اجتماعاً لمناقشة الحال الأمنية في البلد" وصدرت تعليمات الى قوات الأمن بالجاهزية يوم أمس تحسباً لتجدد التظاهرات والغاء الاستحداثات التي أقامها المتظاهرون اذ قطع بعض الشوارع بفواصل اسمنتية كانت توجد كمجسمات جمالية بين الشوارع وازالة آثار بعض اطارات السيارات التي احرقت وتسببت في ارتفاع الدخان وألسنة النيران. الى ذلك، أدت التظاهرات التي شهدتها صنعاء أمس الى اشتعال حدة الخلافات بين أعضاء في مجلس النواب ينتمون الى الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح لدى وصول المتظاهرين الى أمام المجلس مطالبين بأن تلغي الحكومة فوراً الاصلاحات السعرية قرارات رفع الأسعار واقالة الدكتور عبدالكريم الارياني من منصب رئيس الحكومة. ولما أظهر نواب ينتمون الى الاصلاح تأييدهم لمطالب المتظاهرين، تصدى لهم نواب في الحزب الحاكم وتبادل الفريقان الاتهامات والشتائم ما اضطر العميد يحيى الراعي نائب رئيس المجلس الذي كان يرأس جلسة أمس في غياب الشيخ عبدالله الأحمر الى رفع الجلسة بعد تشكيل لجنة لمتابعة الأحداث من رؤساء لجان الخدمات والنفط والمالية اضافة الى رؤساء الكتل البرلمانية. وفي هذا السياق سارعت أحزاب المعارضة اليمنية أمس الى عقد اجتماعات طارئة للوقوف أمام تطورات الأحداث وتحديد مواقفها من التظاهرات التي شهدتها صنعاء في ضوء بياناتها يومي أمس وأول من أمس التي أدانت اجراءات الحكومة برفع الأسعار. وأدت التظاهرات الى فوضى عارمة في صنعاء استمرت أكثر من خمس ساعات. وشكلت أخطر أزمة تواجهها حكومة الارياني التي لم يمض على تشكيلها أكثر من 33 يوماً خلفاً لحكومة الدكتور فرج بن غانم الذي استقال لأسباب لم تعرف حقيقتها حتى الآن. وكان الارياني شدد في مقابلة صحافية قبل يومين نشرت في صنعاء على أن الاصلاحات الاقتصادية والادارية والمالية في اليمن ستتم وفق المراحل المرسومة لها وأن البنك الدولي هو الطريق الوحيد الى تحقيقها وقال "من يعرف طريقاً غير البنك الدولي فليدلنا عليه" ونفى الارياني في حديثه وجود طبقة وسطى في اليمن وأكد ان تفشي البطالة هو احدى الصعوبات التي تواجه برنامج الاصلاحات الشاملة لحكومته.