فرقت قوات من الشرطة اليمنية، امس، تظاهرات صغيرة سارت في العاصمة صنعاء، وعدد من المدن اليمنية قبل صلاة الجمعة وبعدها، احتجاجاً على قرارات للحكومة برفع اسعار السلع والخدمات، وأهمها المشتقات النفطية ومادتا القمح والدقيق بالإضافة الى ارتفاع مستوى اسعار الاستهلاك الكهربائي والمياه والهاتف، وذلك في اطار المرحلة الثالثة من برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة اليمنية منذ العام 1995. ومنعت الشرطة تجمعات عدة في بعض شوارع صنعاء واحيائها، وحالت دون قيام مسيرات احتجاجية ضد الحكومة. فيما هاجم معظم خطباء المساجد اثناء صلاة الجمعة امس قرارات الحكومة، واعتبروها تهديداً خطيراً للمجتمع وتهدف الى توسيع رقعة الفقر في أوساط الغالبية العظمى من المواطنين ذوي الدخل المحدود. وندد الخطباء بالبنك الدولي ووصفوه بأنه يمثل "استعماراً جديداً من نوع مختلف يقتحم البلاد من باب الاقتصاد وتحت مبررات المساعدات والتعاون مع الحكومة لتجاوز حال الانهيار الاقتصادي". واتهم عدد من الخطباء الحكومة بأنها "خاضعة وراضخة لمطالب البنك الدولي الذي يمنيها بالنجاح والإزدهار في المستقبل، في حين لم تشعر الغالبية العظمى بأي تحسن اقتصادي رغم مرحلتي الاصلاحات السابقتين اللتين ضاعفتا المصاعب المعيشية للمواطنين". وجاءت الاجراءات الاقتصادية للحكومة اليمنية بصورة مفاجئة، اذ بدأ تنفيذها ليل الخميس من دون اعلان مسبق عنها، كما في المرات السابقة، ما زاد من صدمة الناس بالارتفاع المفاجئ للأسعار بنسبة 20 الى 40 في المئة للمحروقات وبنحو 30 في المئة للقمح والدقيق. وترافق الاعلان عن رفع اسعار المحروقات مع اعلان الحكومة اليمنية زيادة في رواتب موظفي الدولة والقوات المسلحة والأمن بمعدل 15 في المئة، بدءاً من الشهر المقبل كإجراء يخفف من معاناة ذوي الدخل المحدود. كما اقرت الحكومة اضافة بدل غلاء المعيشة الى المرتب الأساسي للموظفين بدءاً من آب اغسطس المقبل. وكانت الحكومة اليمنية اتخذت اجراءات أمنية احترازية منذ أول من أمس، استعداداً لتنفيذ المرحلة الجديدة من الاصلاحات الاقتصادية التي تضمنها برنامج حكومة الدكتور عبدالكريم الأرياني. اذ كثفت الدوريات في المدن الرئيسية وصدرت تعليمات مسبقة بالتصدي لأي تظاهرات أو تجمعات احتجاجية خشية تهديدها الحال الأمنية. وأكدت معلومات تلقتها "الحياة" امس من الاجهزة الأمنية عدم وقوع أي اشتباكات مع المواطنين أو أي اصابات، وان بعض التجمعات تم تفريقها لأنها تمت بصورة تلقائية عند خروج المصلين من المساجد بعد صلاة الجمعة، لكن هذه الأجهزة لم تخف مخاوفها من تبعات هذه الاجراءات في الأيام المقبلة. وكان سائقو المواصلات الخاصة اعلنوا اضراباً جزئياً شل حركة السير لكنه لم يلفت المواطنين اليه لأن امس الجمعة كان يوم اجازة. ويأتي هذا الاضراب كرد فعل اول على بدء تنفيذ الدفعة الرابعة من الاصلاحات الاقتصادية. وأكد مصدر مطلع ان الحكومة بدأت تنفيذ خطة لرفع اسعار المواد الأساسية التي يقدم لها الدعم. ورفعت اسعار البنزين من 25 ريالاً للتر الى 35 ريالاً بمعدل 30 في المئة، ورفعت اسعار القمح والدقيق بالنسبة نفسها. وأكدت مصادر ان ذلك سيوفر نحو 4 بلايين ريال للحكومة سنوياً، كما رفعت اسعار الكيروسين من 9 ريالات الى 15 ريالاً وأسعار قوارير الغاز المستعملة في المنازل من 150 ريالاً الى 200 ريال للواحدة. وأكد قيادي في المعارضة لپ"الحياة" "ان الحكومة تتحجج في رفع الاسعار وبخاصة النفط ومشتقاته بحجج واهية، اذ كانت تدعم النفط ومشتقاته بنحو 37 بليون سنوياً وتريد ان تتنصل عن ذلك بحجة ان اسعار النفط المنخفضة في اليمن تغري بتهريبه الى الاسواق والدول المجاورة". وكانت الحكومة السابقة برئاسة الدكتور فرج بن غانم أقرّت الدفعة الثالثة من الاصلاحات الاقتصادية ورفعت اسعار القمح والدقيق والنفط ومشتقاته، وتسبب رفع سعر الديزل يستخدم في الآلات الزراعية آنذاك بقطع الطرق من جانب المزارعين في محافظات عدة، وبتظاهرات شعبية احتجاجاً على هذا الاجراء، ما اضطر الحكومة للتراجع عن قرارها. ولم تمس حكومة الدكتور عبدالكريم الارياني الحالية اسعار تلك المادة تجنباً للمشاكل التي قد تحدث مع المزارعين في المناطق البعيدة