اعتبر رئىس الحكومة رفيق الحريري ان التكتم على سير المفاوضات التي تولاها الصليب الأحمر الدولي بين لبنان وإسرائيل لإتمام عملية المبادلة كان من الأسباب التي أدّت الى نجاحها، مشيراً الى انه تولى شخصياً التفاوض من دون مشاركة اي جهة غير رسمية. وقال ل"الحياة" في مجدليون، وهو يستعد لاستقبال الأسرى المحررين، "ان الولاياتالمتحدة وفرنسا أبدتا فور فشل الإنزال الاسرائيلي في بلدة انصاريه استعدادهما للقيام بوساطة، لكننا فضلنا ان يقوم بها الصليب الاحمر الدولي لئلا تعطى بعداً سياسياً". وأضاف "ان للحكومة الفرنسية دوراً في توفير الضمانات بدأ يتبلور تدريجاً مع الجولات المكوكية لممثل الصليب الاحمر الدولي جان جاك فريزار". وأكد "ان اتمام التبادل يعتبر الأول بين لبنان وإسرائىل من خلال الحكومة اللبنانية وبواسطة الصليب الأحمر". ورفض الدخول في التفاصيل. لكن "الحياة" حصلت على معلومات تتعلق ببدء المفاوضات فور تلقي فريزار اول اشارة من تل أبيب لم تعترض عليها الحكومة اللبنانية تضمنت عرضاً اسرائىلياً بالإفراج عن رفات المقاومين الذين سقطوا في عمليات شنّوها ضد الإحتلال الإسرائيلي في الشريط الحدوي، كذلك الإفراج عن ثلاثين أسيراً 20 من معتقل الخيام و10 من السجون الاسرائيلية. وحمل فريزار العرض الاسرائيلي الى الحريري في 23 شباط فبراير الماضي، فكان ردّه ان الحكومة موافقة على وساطة الصليب الأحمر لكنها تطالب برفع العدد ليصبح 75 اسيراً 50 من معتقل الخيام و25 من السجون الاسرائيلية. وأبلغ فريزار اسرائيل الجواب في 27 شباط فردّت انها لا تطلق الأسرى الذين تلطخت ايديهم بالدم. واكتفى الحريري بالتعليق: "ان هؤلاء مقاومون وقعوا في الأسر اثناء تصدّيهم للإحتلال، ولا أظن ان اسرائيل أسرتهم لارتكابهم مخالفة سير او بناء. ولا احد في العالم يتنكّر لمقاومتنا الإحتلال بكل السبل المتاحة". وظلت المفاوضات بين اخذ وردّ. وكانت الحكومة اللبنانية تؤكد كل مرة وجوب مراعاة الأقدمية الى ان تم التوصل في أواخر ايار مايو الماضي الى اتفاق مبدئي بتسليم رفات المقاومين والإفراج عن ستين أسيراً لبنانياً، لكن تأخير التنفيذ الى 25 الجاري وعلى مرحلتين وقبل ايام من انتهاء مهمة فريزار في بيروت، يعود الى جملة اعتبارات ابرزها: - ان تل أبيب ظلت تشكك في قدرة رئىس الحكومة على تنفيذ تعهداته في حال الاتفاق خصوصاً انها المرة الاولى تدخل في مفاوضات مباشرة مع الدولة بواسطة الصليب الاحمر. - وفي المقابل، أصرّ الحريري على إشراك الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصياً لتوفير الضمانات للحؤول دون خرق اسرائيل الاتفاق، خصوصاً ان خطوة تسليم اشلاء الجنود الاسرائيليين ستبدأ من بيروت. ونجح شيراك في الحصول على رسالة "ضمانات" من رئيس وزراء اسرائيل، وتعهد شخصياً ان الحكومة اللبنانية قادرة على ان تفي بالتزاماتها. - تأخر التأكد من خلال التحاليل المخبرية التي اجرتها اسرائىل بعد حصولها بواسطة فريزار على عيّنات من الأشلاء أنها تعود الى الجندي الإسرائيلي، لصعوبة اجراء تحاليل دقيقة ما دامت العيّنات من اشلاء وضعت في سائل لحفظها. واقترحت اسرائيل الحصول على عيّنة يابسة فاستجابت الحكومة وحملها فريزار فتم التأكد منها خصوصاً انها ارفقت بصورة جديدة لفروة رأس الجندي جاءت متطابقة للصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام ونشرتها الصحف المحلية والعالمية في اليوم الثاني للعملية العسكرية. وتم الثلثاء الماضي الاتفاق من خلال فريزار والسفير الفرنسي في بيروت دانيال جوانو على ان ينجز التبادل على مرحلتين، وأبقي تحديد الساعة الصفر طي الكتمان، على ان تخضع الأشلاء لاختبار نهائي بواسطة فريقين طبيين فرنسي وإسرائيلي داخل الطائرة التي تحمل الأشلاء. ونجحت الحكومة في تأكيد التزامها، بمعاونة "حزب الله" و"حركة أمل" التي صرفت النظر بجهود سورية عن طلبها تعديل الإتفاق.