قبل تسعة أيام من موعد اللقاءات الاميركية مع الفلسطينيين والاسرائيليين في واشنطن، وفي اطار الجهود التي تقوم بها المجموعة الاوروبية خصوصاً فرنسا لانقاذ العملية السلمية، وصل ليل أمس الى بيروت وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين في جولة تشمل الاردن وسورية. ويبدأ فيدرين جولته فيما تصاعدت الحملة السورية على المناورات العسكرية الاسرائيلية - التركية التي جرت اخيراً في منطقة الشرق الاوسط، ومع اعلان تل ابيب استعدادها للانسحاب من لبنان تطبيقاً للقرار الدولي الرقم 425 شرط توفير الضمانات الامنية. وينتظر ان يلتقي فيدرين الذي باشر ليل امس محادثاته التمهيدية مع نظيره اللبناني فارس بويز، بدءاً من صباح اليوم، كلا من رؤساء الجمهورية الياس الهراوي والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، على ان يعقد في ختام محادثاته، وقبل التوجه الى العاصمة الاردنية مؤتمراً صحافياً في قصر بعبدا يتحدث فيه عن نتائج محادثاته في بيروت وعن موقف فرنسا من الوضع الراهن في الشرق الاوسط. وتعكس زيارة فيدرين، وهي الاولى له لبيروت منذ تشكيل الحكومة الاشتراكية في فرنسا، والثانية بعد ايام من زيارة وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشار، مدى الاهتمام الفرنسي بلبنان. وهذا ما اعلنه سفير فرنسا في بيروت دانيال جوانو في تعليق له على زيارة وزير الخارجية، خصوصاً ان باريس شكلت في الاسابيع الأخيرة محطة لعدد من اللقاءات الدولية والاقليمية تمثلت في استقبال كل من نائب رئيس الجمهورية السورية عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو ووزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت في محاولة لاعادة الاعتبار للعملية السلمية من خلال استئناف محادثات السلام على المسارات كافة. كما ان لباريس اهتماماً خاصاً بالوضع الداخلي اللبناني، وكانت استقبلت قبل نحو شهر البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير الذي التقى بدوره اركان المعارضة اللبنانية المقيمين في العاصمة الفرنسية، وهم رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، والعماد ميشال عون وعميد حزب الكتلة الوطنية ريمون اده. وعشية وصول فيدرين الى بيروت، زار الرئيس الحريري ليل اول من امس دمشق، لساعات التقى خلالها خدام ورئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري العماد الأول حكمت الشهابي. وأجرى رئيس الحكومة معهما تقويماً شاملاً للوضع في المنطقة قبل ساعات من بدء التحرك الفرنسي الجديد. ونقلت اوساط الرئيس الحريري ل "الحياة" ارتياح دمشق لمحادثات خدام - الشرع في باريس وبالاخص بالنسبة الى موقفها من الوضع في المنطقة، ومسؤولية اسرائيل حيال تعثر العملية السلمية. وأكدت الاوساط أن الجانب السوري لمس من خلال محادثاته مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان، والوزير فيدرين، ان للمسؤولين الفرنسيين موقفاً موحداً من أزمة الشرق الأوسط، وانهم تحدثوا الى خدام والشرع بلغة واحدة. ولم يلمس الجانب السوري أي تباين في وجهات نظر كبار المسؤولين الفرنسيين من أزمة الشرق الاوسط ومسؤولية اسرائيل المباشرة ازاء جمود مفاوضات السلام. وأشارت الاوساط ذاتها الى تفهم باريس لموقف لبنان القائم على التلازم بين المسارين اللبناني والسوري. وعن مدى تأثير اعلان وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي الانسحاب من لبنان على المحادثات التي سيجريها فيدرين في بيروت، قالت هذه الاوساط ان فرنسا تبدي اهتماماً بالمنطقة خصوصاً انها نجحت منذ وصول شيراك الى الرئاسة في ان تقيم علاقات جيدة مع لبنان وسورية وعدد من الدول العربية اضافة الى ايران، وبالتالي فأنها ماضية في توطيدها. وفي هذا الصدد، قال مصدر وزاري لبناني ل "الحياة" ان لبنان سيوضح موقفه من اعلان موردخاي الانسحاب من لبنان، الذي لن يكون في نهاية المطاف سوى "بالون" اطلقته تل ابيب بهدف ايهام الرأي العام العالمي بأن رئيس وزراء اسرائيل على استعداد للخروج من لبنان وان الحكومة اللبنانية ترفض ذلك. واستبعد المصدر الوزاري ان تكون لدى فيدرين افكار ومقترحات جديدة، معتبراً انه سيركز على دور لجنة الرقابة العسكرية المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل لوقف اطلاق النار، وضرورة تفعيله على نحو يؤدي الى ضبط الوضع في الجنوب. وبالنسبة الى احتمال ان يتطرق فيدرين الى الشؤون الداخلية من زاوية ما كان سمعه من البطريرك صفير في باريس او من خلال ما تطرحه المعارضة، قال المصدر الوزاري: "لا نستطيع ان نستبق ما سيطرحه الوزير الفرنسي، مع تقديرنا أن باريس لا تتبنى وجهة نظر المعارضة بالكامل وانما تنصح بالاخذ بعدد من الملاحظات التي تطرحها المعارضة اضافة الى تأييدها اجراء انتخابات البلدية ورئاسة الجمهورية". ولم يؤكد المصدر الوزاري ما اذا كان فيدرين سيبحث على هامش محادثاته في بيروت المرحلة التي وصل اليها ممثل اللجنة الدولية للصليب الاحمر جان جاك فريزار في قضية تبادل اشلاء الجنود الاسرائيليين بجثث واسرى مقاومين، خصوصاً ان معلوماته كانت تحدثت عن دور لفرنسا في هذا الاطار.