"ساعدنا يا حلف شمال الاطلسي" أبرز شعار يرفعه أهل كوسوفو ، وهم مسلمون أصلهم ألبان، حين يتظاهرون يومياً في عاصمتهم بريستينا مستنجدين من القمع الصربي. والأمل هو في ان يستجيب الحلف نداء ألبان كوسوفو عاجلاً وليس آجلاً لمنع الزعيم الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش من انهاء المهمة التي بدأ في تنفيذها منذ تفكك يوغوسلافيا التيتوية الى دول عدة. والأمثل حقاً أن تكون الاستجابة بتدخل عسكري يتغدى بميلوسيفيتش، الذي يسميه معارضوه من ابناء شعبه ب "سلوبو صداميتش" تشبيهاً له بنظيره الديكتاتور العراقي صدام حسين، قبل ان يتعشى هو بكوسوفو. فالتدخل العاجل أمر مطلوب لئلا يأتي يوم يقف فيه الرئيس بيل كلينتون، أو أي خلف له، أمام الناس في بريستينا، كما فعل في العاصمة الرواندية كيغالي في آذار مارس الماضي، معتذراً بعد فوات الأوان عن فشله وبقية زعماء الدول الأعضاء في حلف الأطلسي في منع وقوع المذابح الفظيعة التي أودت بحياة مليوني شخص من أبناء هذا البلد الافريقي المنكوب. ولماذا تضييع الوقت بخطوات عقيمة من النوع الذي دعت اليه مجموعة الاتصال باعطاء ميلوسيفيتش مهلة لكي "يتراجع" ويقبل بحل سلمي في كوسوفو طالما من الواضح ان ما هو مستعد لتقديمه سيكون أقل من أقل المطالب المشروعة لألبان كوسوفو؟ أمس اجتمع وزراء الدفاع للدول الست عشر الاعضاء في حلف الاطلسي مع 28 نظيراً لهم يمثلون دولاً محايدة واخرى اوروبية شرقية بينها روسيا لمناقشة الوضع في كوسوفو واستمرار مهمة السلام في البوسنة. الوزير البريطاني روبن كوك أعرب عن أمله في أن توافق روسيا "الاطلسي" في تقديم "الطلبات العاجلة نفسها" الى ميلوسيفيتش. هذه "الطلبات" في حد ذاتها متواضعة حددها كوك بانهاء صربيا حملتها القمعية في كوسوفو والسماح للاجئين بالعودة الي ديارهم ثم عقد محادثات مع زعماء كوسوفو المنتخبين ولا سبب يدعو موسكو الى عدم دعمها. أما التدخل العسكري ل "الاطلسي" فلعله لن يتجاوز اجراء "تمارين جوية" في البانيا ومقدونيا "لعرض القوة" و"إحداث ضجة"، على حد تعبير ديبلوماسي غربي في بروكسيل حيث مقر "الاطلسي". وطبعاً لن يحدث شيء من هذا قبل ان يصل ميلوسيفيتش الى موسكو الاثنين المقبل بدعوة من الرئيس بوريس يلتسن الذي لا شك في انه سيلعب دور رجل الدولة "العاقل" فيعلن "مشروعاً سلمياً" لحل الأزمة، وبالتالي لكسب مزيد من الوقت. بل ان موسكو قد لا تجد مشكلة حتى في المشاركة في "تدخل" عسكري من النوع المشار اليه إذا تم في إطار "الشراكة من أجل السلام"، مثلاً. في اي حال تؤكد التجارب كلها أن التهديد باستخدام القوة لا يصلح اسلوباً للتعامل مع انظمة توتاليتارية وديكتاتوريين حازمين وعازمين على تحقيق طموحاتهم الشريرة. و"الاطلسي" لا مشكلة له في التهديد باستخدام القوة.. ولكن السؤال هو هل ان الحلف مستعد لاستخدام القوة بشكل فاعل يجعل النظام المعتدي القمعي يرى "نجوم الظهر"، أو أقلّه تهديده بشكل يقنعه بأن هذا ما سيراه فعلاً في حال استخدمت القوة ضده؟ أما عدا هذا فلن يخيف ميلوسيفيتش تحذير كوك من انه "سيرتكب خطأ فادحاً اذا ظن ان المجتمع الدولي سيكون بطيئاً في الرد كما كانت الحال اثناء مأساة البوسنة"