طالعتنا "الحياة" بتاريخ 19/4/1998 بمقال كتبه كامران قره داغي تحت عنوان "ازمة حزب العمال الكردستاني..."، وشن فيه حملة على حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبدالله اوجلان ووصفه بديكتاتور مستبد يفرض آراءه ومشيئته على حزبه وهذا ابعد من الحقيقة. وتعقيباً على مقالة الكاتب وإيماناً بحرية الرأي اود الاجابة على بعض الملاحظات التي دونها الكاتب قره داغي في مقالته المذكورة حيث اعتبر ان الحزب الكردي يمر بمرحلة انقسامات داخل صفوفه العسكرية والسياسية نتيجة الانهزامات العسكرية على يد الجيش التركي حسب ادعاء الكاتب، لكن الحقيقة، والتي هي واضحة وجلية لقره داغي على رغم عدم اعترافه بذلك، ان الحركة التحررية الوطنية الكردية في كردستان الشمالية تركيا والتي اطلقت شرارتها في عام 1979 انطلقت بإرادة جماهيرية نتيجة الظلم والغبن والحيف على أيدي الطورانيين ولم تكن نتيجة تطور سياسي يهدف لخدمة مصالح الغير على حد تعبير الكاتب حين قال ان الحزب الكردي وبشخص زعيمه اوجلان ربط مصالح الشعب الكردي بمصلحة الأمن القومي لسورية، وهذا بحد ذاته تجنّ وادعاء ضد نضالات وتضحيات شعبنا الكردي وخدمة لمصالح العدو المشترك للأمتين العربية والكردية، وكما هي التغطية الاعلامية لبعض الاحزاب الكردية العراقية التي اصبحت في يومنا الحاضر العوبة الدول الغربية والاقليمية التي تكن العداء للشعوب العربية برمتها. ويضيف الكاتب في معرض انتقاده لأوجلان، انه أي أوجلان، يعتبر الوطنية الكردية في كردستان العراق حكراً على حزبه، وبهذه الحالة يحاول قره داغي ان يفرق بين الكردي والكردي، وبتعبير أوضح انه يفرق بين الكرمانجي والسوراني، ذلك اننا نعلم جيداً ان من يفرق بين الكردي والكردي فهو غير كردي وغير وطني. وكل من يخوف الكردي من الكردي، فانه جاهل لأن الاكراد هم شعب واحد وقومية واحدة ولغة واحدة وإن تفرقت اللهجات، وعلى هذا الأساس نجد داخل صفوف الحزب الكردي كوادر وعناصر من مختلف الاتجاهات تناضل وتحمل السلاح وتقاتل دفاعاً عن الحق الكردي المهضوم. اما بخصوص ادعاءات قره داغي ان اوجلان ربط مصالح حزبه بالأمن القومي لدولة سورية فهذا عار عن الصحة جملة وتفصيلاً. فالحركة الكردية المسلحة عندما أطلقت شرارتها لم تكن بإذن هذه الجهة او تلك، بقدر ما كانت انطلاقة قومية وطنية لرفع الظلم والتعدي القائم ضد اكثر من خمسة عشر مليون كردي يعيشون في ظروف مأسوية قل نظيرها في العالم حيث تخضع المناطق الكردية في تركيا للحرمان المتعمد حيث لا مدارس ولا مستشفيات ولا طرق مواصلات حديثة، ناهيك عن التمييز العنصري، كما ان المخاطر التي تحاك ضد سورية هي اولاً وأخيراً من قبل اسرائيل قبل ان تكون من قبل تركيا، وهناك نزاع عربي - اسرائيلي عمره خمسون عاماً وتحاول الدولة الصهيونية من خلال افكارها التوسعية والعدوانية ضد العرب اقامة احلاف عسكرية مع الدولة الطورانية من خلال الاغراءات المالية والعروض الاقتصادية بغية اضعاف الموقف السياسي السوري في ما يسمى المفاوضات السلمية المجمدة وإرباك الساحة العربية في المستقبل القريب بصراع عربي - كردي شبيه بصراعها الحالي مع الامة العربية ولتكون في خدمة اهدافها المستقبلية. وعلى رغم انني من المعارضين للوجود السياسي والعسكري السوري في لبنان، الا انني أرى ان التحالف والتعاون الوثيق بين الحركة التحررية الكردية والشعب العربي ضروري وحتمي خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وذلك لمواجهة هذه الاخطار المحدقة والتي تحاول بعض الاطراف الغربية التي تسيطر عليها العقلية الصهيونية لتسعيرها وتأزيمها عبر بعض ادواتها الكردية من الذين لديهم مطامح ومصالح شخصية. ولا بد ان اذكّر قره داغي بمسألة التحالف السيء الصيت بين الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي والدولة التركية والذي هو موجه في الصميم ضد نضالات ابناء شعبنا الكردي في كردستان الشمالية وكما هو جزء لا يتجزأ من المخطط الصهيوني - الغربي للقضاء على الحركات التحررية الكردية الرافضة للوجود والاستعمار الاجنبي والداعية الى توطيد اواصر العلاقات الاخوية مع العالم العربي، وليتسنى في الوقت ذاته لهذه القوى العدوانية وفي المستبل القريب، وحسب توقعاتنا، بتفعيل وتأجيج الصراع العربي - الكردي الذي يخاف ان يحصل تحت شعارات قومية ووطنية مزيفة. اما عن حديث الكاتب قره داغي بأن اوجلان يحرك حزبه بپ"الريموت كونترول" فحبذا لو نظر الكاتب مجددا الى تلفزيون "ميد" الكردي ليرى بأم عينه الآلاف ان لم يكن الملايين من ابناء شعبنا الكردي في كردستان تركيا يتحدون السلطات التركية عندما يحتفلون ويتظاهرون ويحملون صور الزعيم اوجلان ويرفعون شعارات حزبه في اسطنبول وديار بكر ومختلف المناطق الكردية الخاضعة للسيطرة التركية، فأسأله، هل هذا التحرك الشعبي هو من قوة "الريموت كونترول"، ام انه من صميم الضمير والوجدان الجماهيري الكردي الحي الذي يعبر عن ارادته وذاته؟ احد شروط انتصار القضية الكردية ان تخرج النخبة الكردية من عزلتها، وان تخترق الحواجز المصطنعة التي نصبتها لها بعض القوى الكردية المرتهنة في احضان الغير.