إنه لمنظر بهيج أن نرى النيل يمر بين الحقول، وتختفي الارض المنخفضة، وتتهادى الاودية الصغيرة تحت سطح الماء، وتبرز المدن كالجزر. ما من مواصلات ممكنة عبر هذا البحر الداخلي الا بالقوارب. هكذا وصف قدماء المصريين الرحلة في النيل قديماً. أما في العصر الحديث فقد صار التجوال وسط النيل على ظهر باخرة من اهم انماط السياحة في مصر وارفعها. وشهدت السنوات الماضية اقبالاً على هذا النمط من السياحة، مما حفز الشركات السياحية على بناء وتشييد بواخر وفنادق عائمة جديدة لاستيعاب اعداد السياح المقبلة على الرحلات النيلية. وبلغ عدد الفنادق العائمة العاملة بين مدينتي الاقصر واسوان 204 فنادق، ويناهز متوسط كلفة انشاء الباخرة الواحدة 15 مليون جنيه مصري. وتشمل برامج رحلات الفنادق العائمة زيارة المناطق الاثرية الواقعة بين الاقصر واسوان والمطلة على النيل الساحر، والجولة على معابد إسنا وإدفو وكوم امبو بالاضافة الى آثار الاقصر واسوان اللتين يمكث فيهما السياح ليالي اضافية عدة. لكن هذا النمط من السياحة في مصر بدأ يواجه مصاعب مختلفة في اعقاب حادثة الدير البحري، إذ انخفضت نسبة الاشغال على ظهر هذه الفنادق العائمة في رحلاتها بين الاقصر واسوان الى 15 و20 في المئة فقط من قدرتها الفندقية. وقال رئيس "جمعية العاملين في شركات السياحة في مدينة الاقصر" السيد محمد عثمان ان الشركات السياحية المالكة لهذه الفنادق العائمة اضطرت الى الاستغناء عما يزيد على 60 في المئة من العمالة الموجودة فيها ومنحهم اجازات مفتوحة من دون رواتب. ونتج عن ذلك نشوب عشرات النزاعات في دوائر القضاء العمالي بين ادارات هذه البواخر والعمال المستغنى عنهم، لكن شركات عدة حرصت على استمرار برامج رحلاتها بين المدينتين - الاقصر واسوان - ما كبدها خسائر كبيرة في مقابل ذلك. وأكد الخبير السياحي عبدالفتاح الشريف لپ"الحياة" أن الكثير من البواخر يقوم بالرحلة بين الاقصر واسوان، وعلى متنها بين عشرة إلى 15 سائحاً فقط. وأفاد ان حجم الاستثمارات التي باتت معطلة في هذا القطاع بعد حادثة الدير البحري تصل الى بليوني جنيه مصري على اقل تقدير. من جانبه قرر وزير السياحة المصري الدكتور ممدوح البلتاجي اعفاء البواخر السياحية والفنادق العائمة العاملة بين مدينتي الاقصر واسوان من رسوم الرسو في مرسى الوزارة في مدينة الاقصر، والبالغة 250 جنيها الى 750 جنيهاً مصرياً لليلة الواحدة، وذلك في اطار مساندة الوزارة لأصحاب البواخر السياحية والفنادق العائمة في الازمة الراهنة. الى ذلك اعلنت مصادر سياحية مصرية عودة التدفق السياحي الى مصر، واقبال السياح على الرحلات النيلية مع نهاية شهر آذار مارس الماضي، بداية موسم الربيع، إذ يبدأ تنفيذ الاتفاقات السياحية الموقعة مع جملة من الشركات في الاسواق السياحية الالمانية والايطالية والاسبانية.